سيادة القانون كلمتان نسمعهما كثيرا منذ ما يقرب من ستين عاما، ومعناهما بسيط وهو أن يسود القانون بين أبناء الوطن، وأن ينفذ القانون على الجميع دون النظر على من يطبق، لقد أسس رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لهذا المبدأ منذ ما يقرب من 1400 عام، حينما قال "لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها"، هذا هو التطبيق الحرفى والسليم لجملة سيادة القانون.
ونرى أن الدولة مهمتها الأساسية هو تطبيق هذا المبدأ حتى ولو كان على نفسها، وأذكر هنا حكم محكمة بريطانية حكمت لأحد المواطنين ضد رئيس الدولة آنذاك ونستون تشرشل، وكان الوقت وقت حرب فى النصف الأول من أربعينيات القرن الماضى، والقصة أن القوات المسلحة البريطانية قد صادرت بيت المواطن لإقامة مطار حربى، وكان هذا البيت يعوق إقامة المطار فى هذا المكان.
وعند صدور حكم المحكمة بوجوب استرداد بيت المواطن، لم يتوان تشرشل عن تنفيذ الحكم وقال قولته المشهورة أشرف لبريطانيا أن تخسر الحرب ولا أن يقال أن بريطانيا قد أهدرت حكما قضائيا, وكسبت بريطانيا الحرب ضد النازى هتلر وكسبت احترام العالم، لأنها دولة تحترم القانون وأحكام القانون.
هذه هى الدولة التى تطبق مبدأ سيادة القانون، حتى ولو كان على نفسها، والغريب أن الدولة لم تلتف على الحكم بدعوى الأمن القومى، ولم يخرج علينا احد واتهم هذا المواطن بالعمالة والخيانة، ولكنها أقرت بحق المواطن فى التقاضى ولم تتوان فى تنفيذ هذا الحكم حتى وإن لم يكن فى صالحها.
ولكن ما يحدث فى بلدنا من إهدار لأحكام القضاء وعدم تطبيقها، بخصوص عودة بعض الشركات التى تمت خصخصتها فى عهد مبارك إلى الدولة، وبعض هذه الأحكام نهائية وباتة، ولكن الدولة تماطل فى تنفيذها، بدعوى أن المشترين الجدد قد يلجأون إلى التحكيم الدولى مما يعرض الدولة لعقوبات اقتصادية أو غرامات مالية.
بل أن فى عهد الرئيس عدلى منصور صدر قانون بعدم أحقية أحد فى رفع قضايا فيما تبرمه الدولة من تعاقدات غير المتعاقدين فقط، ونرى أن الدولة لثانى مرة تقر مبدأ خطيرا وهو عدم أحقية أحد فى التقاضى.
لقد ثار الناس بسبب أوضاعا سياسية واقتصادية واجتماعية فاسدة وسيئة، فمن العار بعد ما تكبدته مصر من دماء سالت وأرواحا زهقت أن نعود لنقطة الصفر مرة أخرى، أن نجد أنفسنا أمام نفس السياسات التى ثار الناس عليها، كل ما يطلبه الناس هو أن يسود القانون وأن يطبق على الجميع حتى ولو كان على الدولة نفسها.
محمد على سليمان يكتب: حتى تكون للقانون سيادة فعلية
الأحد، 17 أغسطس 2014 12:01 ص
صورة أرشيفية
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة