محمد فودة يكتب : أحمد قطان دبلوماسى لا يعرف المستحيل.. ويمتلك قلباً فى حجم المملكة .. تكريم الأزهر للعاهل السعودى يعكس تقدير مصر لمواقفه فى خدمة القضايا الإسلامية والعربية

الأربعاء، 10 سبتمبر 2014 07:13 م
محمد فودة يكتب : أحمد قطان دبلوماسى لا يعرف المستحيل.. ويمتلك قلباً فى حجم المملكة .. تكريم الأزهر للعاهل السعودى يعكس تقدير مصر لمواقفه فى خدمة القضايا الإسلامية والعربية صاحب السمو الملكى الأمير سعود الفيصل والسفير أحمد القطان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الاحتفال المهيب الذى أقامته مشيخة الأزهر فى قاعة الإمام محمد عبده بمناسبة منح الدكتوراه الفخرية فى مجال العلوم الإنسانية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لم يكن مجرد احتفالية تكريمية، بل كان بمثابة تظاهرة عالمية فى حب رجل استحق بجدارة أن يحمل لقب حكيم العرب لمواقفه الإنسانية، ودوره الفعال فى خدمة القضايا الإسلامية والعربية، فمصر ستظل دوماً وفيّة لأشقائها الذين تثق كل الثقة فى مواقفهم الأصيلة، وأخوّتهم الحقيقية، وصداقتهم الوفية.

لقد هزت مشاعرى تلك الكلمات التى تخللت هذا الاحتفال التاريخى، حيث تحدث الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى الذى تسلم هذه الدكتوراه، نيابة عن جلالة الملك، فجاءت كلماته صادقة ومعبرة عما يجيش فى صدره تجاه مصر، فليس غريباً أن تصدر عنه تلك العبارات العذبة، وهو الدبلوماسى المخضرم المشهود له بالحكمة فى إدارة شؤون العلاقات الخارجية التى تربط المملكة بدول العالم، فضلاً عن أنه كان قد لعب دوراً محورياً فى تغيير نظرة دول الغرب تجاه مصر عقب ثورة 30 يونيو، خصوصا بعد تلك الكلمة التاريخية التى ألقاها خادم الحرمين الشريفين بعفويته المعهودة، وعروبته التى لا يختلف عليها اثنان، فقد قلبت تلك الكلمة جميع الموازين، ومنحت ثورة مصر الشعبية قوة على المستوى الخارجى، لما له من قوة ونفوذ على المستوى الدولى.

جاءت كلمة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر التى كانت مؤثرة وقوية لتؤكد للعالم العربى والإسلامى مدى التقدير والاحترام الذى يكنه الأزهر الشريف لجهود خادم الحرمين الشريفين فى إبراز الوجه المشرق للحضارة الإسلامية، كما جاءت كلمة الإمام الأكبر معبأة بالمشاعر الفياضة، والمعانى الراقية، لتعبر بكل الصدق عن تقدير علماء الأزهر الأفاضل للملك عبدالله.

فمصر كانت وستظل دائماً لكل من يعبرون عن دعمهم الصادق لها دون مواراة أو مواربة، كما ستظل مصر تذكر لجلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود مواقفه المبدئية الثابتة إزاء مصر وشعبها، ووقوفه إلى جانبها فى أوقات الشدائد والمحن، ليس فقط فيما يتعلق بسياسته الحكيمة التى لعبت دورًا مهمًا فى إجهاض مخططات إسقاط مصر بعد 30 يونيو، وإنما فى الكثير من أوقات الأزمات.

واللافت للنظر أن هذا التكريم المصرى للعاهل السعودى يأتى فى نفس التوقيت الذى يشهد حدثاً مهماً يتعلق بمكانة المملكة فى مصر، ففى الوقت الذى يتسلم فيه سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودى تكريم الأزهر للملك عبدالله، نجد سموه قد افتتح أيضاً المبنى الجديد الخاص بسفارة المملكة بالقاهرة، وهذا المبنى الجديد للسفارة هو أكبر مبنى دبلوماسى فى العالم فمن يشاهد هذا المبنى العملاق، وما يتميز به من إبهار فى التصميم، وروعة فى الديكور، يشعر بأنه أمام صرح بمعنى الكلمة يقام على أرض مصر المحروسة، وحينما ندقق النظر فى تلك المسألة فإننا نكون أمام واقع ملموس، من حرص المملكة على الاحتفاء بمصر، وذلك بأن تكون سفارتها على أرض المحروسة فى مقدمة السفارات، من حيث الفخامة والإنفاق، لتليق بالمملكة وبمصر فى آن واحد.

والحق يقال فإن الحديث عن الملك عبدالله بن عبدالعزيز ودوره فى دعم مصر ووقوفه إلى جانبها، وعن هذا المبنى الجديد شديد الإبهار للسفارة السعودية بالقاهرة، يدفعنى إلى الحديث عن الجندى المجهول الذى يقف خلف الكثير من الإنجازات الدبلوماسية التى تحققت بين مصر والسعودية، إنه الدبلوماسى النشط أحمد قطان، سفير المملكة العربية السعودية، الذى تخطى كونه سفيراً يعمل فى السلك الدبلوماسى، ليتحول من خلال عدة مواقف مشرفة إلى ما يمكن أن نطلق عليه سفيراً فوق العادة، كما أنه وبكل الصدق يستحق عن جدارة أن يحمل لقب عميد السلك الدبلوماسى العربى، لأن اختيار عميد السلك الدبلوماسى هو تقليد لمجلس السفراء العرب، وذلك تقديراً لدوره فى العمل السياسى والدبلوماسى وخدمة القضايا العربية المشتركة، والحديث باسم مجلس السفراء العرب فى المناسبات المختلفة، وتمثيل المجلس فى أى اجتماعات تشهدها القاهرة.

فالرجل بحكمته وقدرته الفائقة على امتصاص الأزمات وعلى تخطى العقبات استطاع أن يعبر بالعلاقات التى تربط البلدين الشقيقين إلى بر الأمان، حتى فى أحلك الأوقات التى تعرضت فيها تلك العلاقات لهزات عنيفة بسبب مخططات كان يقف خلفها أصحاب الأجندات الخارجية، وبأياد خبيثة لعبت دورا كبيراً فى تأجيج المشاعر، وفى زيادة حالة الاحتقان بين البلدين الشقيقين بافتعال مشكلات لا أساس لها على أرض الواقع، ولا تعبر عن حقيقة الروابط المتينة التى تربط بين البلدين الشقيقين على مر العصور والأزمنة.

ولأنه دبلوماسى لا يعرف كلمة المستحيل، ولا يستسلم أبداً لما تفرضه الأحداث من واقع قد لا يروق له، فقد استطاع السفير أحمد قطان وبفكره الهادئ، وعقله المستنير، وبقلبه الكبير الذى أراه قلباً فى حجم المملكة أن يجعل المشكلات التى طرأت فى أعقاب ثورة 25 يناير تذوب سريعاً، بل تتحول إلى مجرد زوبعة فى فنجان، وهى بالفعل لم تكن سوى زوبعة فى فنجان، ولم تستطع أن تهز هذا الصرح الكبير من العلاقات المتينة التى شيدتها سواعد الرجال الكبار، الذين وضعوا على عاتقهم تأكيد أواصر العلاقات القوية التى تربط بين مصر والسعودية، فهل ننسى المواقف المشرفة للملك فيصل رحمه الله برحمته الواسعة حينما وقف إلى جوار مصر فى حرب 73، مستخدما سلاح البترول لمواجهة الغرب الذى كان يساند إسرائيل وقت الحرب، فتحقق النصر بفضل تلك الوقفة التى ستظل محفورة فى وجدان كل مواطن عربى يعتز بعروبته.

وحينما أعود للحديث عن هذا التكريم من الأزهر الشريف للعاهل السعودى بمناسبة مرور 9 سنوات على توليه مقاليد الحكم، أجدنى عاجزاً عن تقديم الوصف اللائق لتلك المكانة المرموقة التى يحظى بها الملك عبدالله داخل قلوب المصريين، فتلك المكانة لم تأت من فراغ، حيث يشعر بها بالفعل كل سعودى ومصرى وعربى، مما يدفعنى إلى القول بأننا بحق أمام قصة رائعة من قصص النجاحات التى حققتها المملكة لخدمة الإسلام والمسلمين منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، الذى لم يأل جهداً لاستكمال مسيرة البناء القوى المتكامل وتهيئته لتحقيق كل هذه الإنجازات الرائعة فى جميع المجالات، والنهوض بكل سبل التقدم والرقى لحاضر ومستقبل المواطن وتطلعه، بأن تكون المملكة فى مقدمة الأمم المتحضرة المتنامية، فخادم الحرمين الشريفين وضع نصب عينيه منذ توليه الحكم تحقيق رؤيته الإصلاحية، مستنداً إلى كتاب الله دستوراً، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم سبيلاً، فكانت الإنجازات التى تحققت خلال السنوات التسع، وفى مقدمتها مشروعات توسعة الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة، فضلاً عن دوره الذى سيظل يذكره له التاريخ فى مكافحة الإرهاب، والذى تجسد فى صدور الأمر الملكى بتغليظ عقوبة من شارك فى أعمال قتالية خارج المملكة، ليعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على عشرين سنة لمواجهة كل منابع الإرهاب من تنظيم القاعدة وفروعها المختلفة، وجماعة الإخوان المسلمين، إضافة لحزب الله السعودى وجماعة الحوثيين بوصفها تنظيمات إرهابية يحظر الانتماء إليها أو التعاطف معها، أو الترويج لها سواء داخل المملكة أو خارجها.

الحديث عن العلاقات التاريخية والقوية التى تربط بين مصر والمملكة العربية السعودية لا ينتهى، فهو فى حقيقة الأمر يمثل حالة خاصة من التوحد، ويجسد نوعا من الأواصر الحميمة قلما تجدها بين الشعوب، فتلك العلاقة يفوح منها عبق التاريخ.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة