تكافؤ الفرص أولى قواعد العدالة، أن يكون المواطنون متساوون فى الحقوق والواجبات، والفرص، وأن تكون الكفاءة والتفوق أساس الترقى والصعود، وليس الواسطة والمحسوبية.
سادت خلال العقود الماضية حالة من الظلم والتفرقة تستبعد الأكفأ لصالح صاحب النفوذ أو المال. وهى قواعد للأسف بدت راسخة، بل هناك فئات فى المجتمع تتقبل هذا وتعتبره أمرا طبيعيا. ونظن أن المجتمع اليوم ينادى بالعدالة وتكافؤ الفرص، والدولة لديها استعداد، وهناك تصريحات تعلن هذا، لكن الواقع أقوى. ونحن لسنا فى حاجة لقواعد وقوانين جديدة، وهى قواعد موجودة بالفعل، لكنها سقطت بفعل الزمن والاعتياد، وبمساهمة من السلطة ومن المجتمع.
الوضع الحالى فى التوظيف والتعيين ظالم، وهو نتيجة تراكمات سنين وعقود، نظن أن هناك اهتماما من المجتمع لإعادة تصحيح هذه الأوضاع الخاطئة، لتحقيق العدالة، التى هى أساس البناء والتقدم. لم تبدأ هذه المظالم مرة واحدة وإنما على خطوات. وبدأ التوريث فى الوظائف عرفيا فى البداية وتحول إلى شىء أكثر من القانون. وللحق فإن قاعدة تعيين الأبناء لم تقف عند القضاة، وامتدت للبنوك والخارجية والوزارات المختلفة مثل البترول والكهرباء، بل باقى المصالح والوزارات، وأصبح هناك عرف يعتبر للابن حقا فى المكان الذى كان يعمل فيه الأب. وبدا أن هناك قطاعات فى المجتمع ترى هذا حقا، ولا تعترض عليه، بالرغم من أنه ظلم وإقصاء. صحيح أن البطالة ساهمت فى ذلك، والسياسات الخاطئة وندرة الوظائف، كلها ساهمت فى صناعة واقع مختل.
والنتيجة لكل هذا أن الكفاءة لم تعد معيارا، وحرمت البلد من الكفاءات، وتوقفت النخبة عن تجديد نفسها. كان تكافؤ الفرص هو ما أدى لبناء نخبة ساهمت فى البناء بالخمسينيات والستينيات، لكن نفس هؤلاء الذين حصلوا على الفرص حرموا منها الأجيال التالية لصالح أبنائهم. وكان الأبناء يقبلون وظائف لا ترضيهم وليسوا مناسبين لها، بينما يحرم ذوو الحق من حقوقهم.
وبالتالى فإن تكافؤ الفرص لا يعنى فقط العدل، لكن أيضا المنافسة، وتجديد النخبة، والدفع بالأكثر تميزا وكفاءة، ومعرفة للأمام، وهو أمر يساهم فى البناء والتقدم.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة