مشكلة المصريين فى ليبيا مستمرة، وهناك كلام كثير التحليلات تستسهل القضية وتتعامل معها باستخفاف، ويلخصها فى طريقين.. الأول يقول: لماذا يذهب المصريون إلى ليبيا وهم يعرفون أنها تواجه انفلاتا أمنيا. وفى المقابل هناك من يعلن بنفس الاستسهال أن الدولة لا تحمى المصريين فى ليبيا، ولا تهتم بالعاملين فى الخارج، ويجدها فرصة للصيد فى الماء العكر، ومصمصة الشفاه.
وكلا وجهتى النظر تتجاهل مصالح المواطنين والمشكلة الليبية، التى يتوقع أن تستمر سنوات كما هو متوقع، وهى ليست قضية مؤقتة.
ليبيا تحولت خلال عامين إلى بؤر للمسلحين بعد سقوط القذافى، فى غيبة تامة للدولة، وبالتالى فإن الخطر هناك عمومى، يصيب كل من يعيشون على الأراضى الليبية، مع ملاحظة أن هناك داعش وهى جماعة إرهابية طائفية تقتل على الهوية وتطارد المسيحيين مثلما تفعل فى العراق وسوريا وهى تمثيل لأجهزة وأنظمة وصراعات سياسية وأمنية، وعليه فإن كل من يعيش فى ليبيا يتعرض للخطر، يضاف إليهم المسيحيون الذين يواجهون خطرا إضافيا من جماعات عنصرية وطائفية.
وبالنسبة لمن يلومون المواطنين على البقاء فى ليبيا والاستمرار فى عملهم، هؤلاء لا ينظرون لوجهات نظر أصحاب المصلحة، وهى أن ليبيا كانت فيها ما يتجاوز 2 مليون مصرى يعملون هناك أطباء ومهندسين ومعلمين وعمال وسائقين، وهؤلاء كل أموالهم ومدخراتهم وأبنائهم هناك، وليس من السهل عليهم أن يصفوا أعمالهم ويعودوا فورا.
ثم أن كثيرين من سائقين أو عمال ربما ليس لديهم فرص فى الداخل، ناهيك عن أن ملايين ممن عادوا من العراق أو سوريا خلال السنوات الأخيرة يضطرون للعمل فى ليبيا.
هذه وجهة نظر العاملين فى ليبيا والسائقين الذين يتعرضون للخطف أو القتل أو السرقة مع العلم أن هناك مناطق تختلف عن غيرها فى ليبيا وبعض الأقاليم تخلو من الخطر نسبيا. أما وجهة النظر الأخرى فترى أن الدولة مسؤولة عن حمايتهم هناك من الأخطار، وهى وجهة نظر غير عملية تتجاهل الخطر.
ولو طلبت الدولة عودة كل هؤلاء ستجد مشكلة فى توفير وظائف أو دخول لهم، حتى لا يضافوا إلى طوابير العاطلين، وربما على الدولة أن تتوقع عودة هؤلاء وتجهز للتعامل معهم.
قد يرى البعض أن الدولة بعد يناير 2011 كانت تحرص على التعامل بسرعة مع قضايا المصريين فى الخارج، لكن الدولة لم تضع قواعد عامة وجهات محددة تتحرك بسرعة أمنيا ولوجستيا.
ربما كان الأصل هو البحث عن طرق وأوعية تأمينية للعاملين فى الخارج تؤمن حياتهم وعودتهم، حتى لا يكونون مجرد تحويلات خارجية. وأن يتم التعامل معهم من دون تهوين ولا تهويل.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة