معروف أن السياسة تتحمل بعض السخونة والمنافسة، تحتمل الاتهامات والعصبية أو تمثيل العصبية، لكن الأمر عندما يصبح «مشتمة» فهو يتجاوز السياسة ليدخل فى سياق الصرف الصحى. نقول هذا بمناسبة ما جرى ضد المرشح الذى تعرض لوصلات من الشتائم والاتهامات تجاوزت السياسة إلى السب والقذف، وكلام عام واتهامات بلا سند، وليس العيب فى الشتامين، لكن فى إعلاميين حولوا برامجهم إلى ساحات للشتائم وتقطيع الهدوم والطعن فى الأعراض، والتهديدات والاستعراض الفارغ، ونشر الكراهية والأحقاد، وهى أمور تسببت فى تمزيق دول وتحطيم أمم.
ولا أحد يقول لنا إن الجمهور يريد الفرجة على كل هذا الكم من الشتائم التى أصبحت السمة الرئيسية للكثير من برامج التوك شو المسائية، التى أصبحت «شتيمة شو»، وهى عادة توفر قدرا من النميمة والاستمتاع المرضى، لكن المؤكد أن الجمهور لا يمكن أن يكون «عايز كده»، كما يروج صناع هذا النوع من الـ«المجارير» جمع مجرور، اسم يطلق على خزان الصرف. الأغلبية من المشاهدين يبحثون عن التشويق والمتعة وأن يفهموا ويتفهموا ما يدور حولهم، وبالقطع سيكون هناك زبائن لهذا النوع من الـ«الصرف الكلامى»، لكن الأغلبية تستاء من هذا الصنف، الذى لا يتبقى منه غير شتائم وملاسنات واتهامات مجانية.
«الشتام» أصبحت وظيفة مثل الندابة والبلطجى المستأجر، وغالبا يتم استعمالهم لتنشيط البرامج الراكدة، والتسخين، ضمن لعبة متفق عليها. وبسبب الركود البرامج تبحث بقشة عن موضوع طائفى يصنع معركة بين الشيعة والسنة، أو تخترع إحدى علامات التشويق والتسخين من تسخين أى اتنين على بعض يسبون بعضهم ويمزقون ملابس بعضهم، بينما المذيع يلعب دور الموضوعية المطلقة فيقول: «هو يقول عليك حقير وتافه وحشرة» ما رأيك. فينفعل الآخر ويشتم «سنسفيل» جدود الثانى، فيسخن الأمر ويتم التقطيع والمنتجة لزوم الاشتعال الذاتى.
وإذا لم يكن هذا وذاك فالعفاريت هى الحل الجامع المانع لكل هذا، كيف يلبس الجن الإنسان، وكيف يتفاهم «الملبوس» مع اللابس، ثم يؤتَى بمحللين يؤكدون العفرتة ويشرحون أصول الجن الأحمر والعفريت البرتقالى.
حتى الانتخابات تحولت فى كثير من الأحيان إلى موسم للاتهامات والسب والقذف، وإذا كان البعض يلوم من أضاعوا فرص التغيير بتحولهم إلى شتامين، فإن الناحية الأخرى من المدافعين والمطبلين تتلبسهم حالة من الغرور، ويقوم بعضهم بأدوار ليست من تخصصهم، فيفتون فيما لا يعنيهم، ومن حيث يريدون التطبيل يقعون فى التطجين، فيضرون ولا ينفعون.
لسنا ممن يطلبون التدخل من السلطة لضبط الإعلام، لكن الأمر بحاجة لمواجهة لهذا النوع من البرامج التى تحولت من «توك شو» إلى «بكابورتوك شو».