«مافيا» هدم العقارات التراثية يتلاعبون بالقانون.. سمير غريب: تدمير قصور الملك فاروق وزينب الوكيل وهدى شعراوى غير قانونى.. ورئيس جهاز التنسيق الحضارى: «ماليش دعوة.. دى مسؤولية المحليات»

الخميس، 12 نوفمبر 2015 12:00 م
«مافيا» هدم العقارات التراثية يتلاعبون بالقانون.. سمير غريب: تدمير قصور الملك فاروق وزينب الوكيل وهدى شعراوى غير قانونى.. ورئيس جهاز التنسيق الحضارى: «ماليش دعوة.. دى مسؤولية المحليات» منزل فؤاد المهندس
تحقيق محمد سعودى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم صدور قانون رقم 144 لسنة 2006، للحفاظ على المبانى ذات الطراز المعمارى المتميز، فإن هذا القانون لم يُفعل، بعد أن لجأ البعض لثغرات وحيل لهدم تلك العقارات التراثية لتحقيق مصالح شخصية.

وتفاقمت ظاهرة هدم العقارات التراثية فى القاهرة والمحافظات فى السنوات الأخيرة، خاصة بعد ثورة 25 يناير 2011، وضربت عاصفة عنيفة قصور الملوك والشخصيات العامة، وفيلات شهدت أحداثًا تاريخية، وكانت جزءًا من تاريخ مصر.. «اليوم السابع» تحاول الإجابة فى هذا التحقيق عن التساؤلات الآتية: من يقف وراء هدم تراث جمال وتاريخ مصر؟، وما أبرز العقارات التاريخية التى هدمت بالمخالفة للقانون؟، وماذا عن الرشاوى والمافيا التى تعمل على طمس التاريخ؟

سمير غريب، رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى سابقًا، رئيس المركز المصرى للارتقاء بالثقافة والتراث، قال فى بداية حديثه مع «اليوم السابع» إن المبانى التراثية ذات الطراز المعمارى المتميز تتعرض لحملات تخريب وتدمير مستمرة فى مصر، فهناك مئات العقارات التراثية تُهدم وسط غياب الرقابة، مما جعل الحكومة تصدر قانون رقم 144 لسنة 2006 الذى بموجبه يحظر هدم العقارات ذات الطراز المعمارى المتميز.

وأكد رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى سابقًا أن عدم تفعيل هذا القانون أدى إلى استمرار حملات التخريب والتدمير للثورة المعمارية المتميزة، موضحًا أن البلاد شهدت كارثة كبرى عقب ثورة 25 يناير 2011، حيث دُمر الكثير من المبانى التراثية، مخالفةً للقانون، مشيرًا إلى عدم وجود إحصائية دقيقة لأعداد تلك العقارات التى هُدمت فى السنوات الأخيرة.

وأوضح رئيس المركز المصرى للارتقاء بالثقافة والتراث أن من الثغرات الموجودة فى القانون، والتى تسمح بهدم العقارات التراثية، ما يتمثل فى إحدى المواد التى تؤكد ضرورة حظر هدم المبانى ذات الطراز المعمارى المتميز، والمرتبطة بشخصية قومية أو أحداث تاريخية، مشيرًا إلى أن كلمة «والمرتبطة» من المفترض أن تكون «أو المرتبطة»، لافتًا إلى أن أصحاب المبانى يستغلون هذه الثغرة، ويقولون إن القانون اشترط أن يتوافر فى المبنى شرطان، بحيث يكون من العقارات التراثية، ويرتبط فى الوقت نفسه بشخصية قومية أو حقبة تاريخية، أما إذا كان غير ذلك فيمكن هدمه.

وطالب «غريب» بضرورة تعديل القانون 144 لسنة 2006، مشيرًا إلى أنه شكّل لجنة العام الماضى تضم خبراء فى مختلف التخصصات لتعديله، فى عهد طارق وفيق، وزير الإسكان الأسبق، وتم عمل لجنة مشتركة بين الجهاز والوزارة، إلا أنه لم يجد آذانًا صاغية، ورغم ذلك اقترح مراجعة التعديلات التى توصلت إليها اللجنة، وعرضها على مجلس الدولة لإصدار قرار جمهورى فى الشهور الماضية، ولكن لم يحدث شىء.

ومن أبرز العقارات التراثية التى هُدمت فى السنوات الأخيرة، قصر زينب الوكيل بالمرج، والذى نُفى فيه محمد نجيب، أول رئيس للجمهورية، إضافة إلى قصور تابعة للملك فاروق فى عدة محافظات، وقصر هدى شعراوى الأثرى، وقصر عبدالمجيد باشا سيف النصر بالمنيا، فضلًا على عشرات الفيلات المرتبطة بشخصيات تاريخية.

كما تعرضت الإسكندرية لمذبحة كبيرة فى السنوات الماضية، حيث هُدمت العقارات التراثية ذات الطراز المعمارى المتميز، وبنيت مكانها آلاف الأبراج السكنية بالمخالفة للقانون، تحت مرأى ومسمع من رؤساء المحليات بالمحافظة، وذلك كان له أثر كبير فى غرق الإسكندرية بسبب سقوط السيول خلال الفترة الماضية، لأن هذه الأبراج زادت العبء على شبكات الصرف الصحى، واستهلاك المياه فى المحافظة، وفقًا لما قاله رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى سابقًا.

من جانبه قال الدكتور حمدى عرفة، أستاذ الإدارة، الخبير فى الشؤون المحلية، إن الإدارات الهندسية هى المسؤولة عن عمليات هدم العقارات التراثية، كاشفًا أن نحو %92 من العاملين فى تلك الإدارات الهندسية حاصلون على «دبلوم صنايع».

وأوضح «عرفة» لـ«اليوم السابع» أن هناك مكاتب هندسية واستشارية تحصل على رشاوى من قبل أصحاب العقارات التراثية لكتابة تقارير مزيفة لهدمها، ومن ثم بناء أبراج سكنية مخالفة للقانون.

بدوره، أكد المهندس مهند فودة، المنسق العام لمبادرة «أنقذوا المنصورة»، عضو الأمانة الفنية فى اللجنة الدائمة لحصر المنشآت ذات القيمة المعمارية بالدقهلية، أن هناك نحو 20 مبنى من العقارات التراثية هدمت وأحرقت منذ ثورة يناير 2011، مبينًا أن أبرز هذه العقارات قصر الخديو إسماعيل فى شارع الجمهورية، والذى كان مقرًا للحزب الوطنى المنحل، إضافة إلى دار الكتب الوثائقية التى كانت تضم كتبًا ومخطوطات أثرية، علاوة على عقارات وفيلات تراثية كانت موجودة فى حى توريل الذى أسسه الخواجة إيلى توريل، بجانب فيلا المحلاوى التى شيدها محمود أفندى عام 1929.

وأشار «فودة» إلى الإهمال الذى أصاب مسرح المنصورة القومى الذى يُعد أقدم مسرح فى الشرق الأوسط، موضحًا أن إجمالى عدد العقارات التراثية بالمنصورة تبلغ نحو 120 عقارًا تراثيًا، ومن أبرز المبانى التراثية التى هُدمت بالفعل، المبنى التراثى رقم 2، حارة نور، والذى يعود بناؤه لعام 1925، إضافة إلى عقارين آخرين بميدان الشهداء، يعود تاريخهما إلى الفترة ما بين عامى 1921 و1930، فضلًا على مبنى تراثى بكنيسة العذراء مريم والملاك ميخائيل بشارع السكة الجديدة.

فى سياق متصل، كشفت المهندسة المعمارية أمنية عبدالبر، منسقة حملة «أنقذوا القاهرة التاريخية»، أنها تجرى دراسة بحثية الآن لحصر عدد العقارات التراثية التى هُدمت بالمخالفة للقانون فى الأعوام الماضية، مشيرة إلى أن عدد المبانى التراثية المنهارة فى القاهرة التاريخية كبير جدًا، حيث يُقدر العدد بالمئات وليس العشرات، قائلة: «أصبح فى كل شارع عقار تراثى منهار».

ومن أبرز العقارات التى هُدمت وأشارت إليها منزل عائلة فؤاد المهندس الذى يعود للعصر المملوكى، وبيت الشيخ قراعة، مفتى الديار المصرية الأسبق.

وتواصلنا مع سمير مرقص، رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى، مستشار الرئيس السابق، الذى أكد أنه لا يتحمل مسؤولية هدم العقارات التراثية ذات الطراز المعمارى المتميز، قائلًا: «إذا كان هدم هذه العقارات بسبب أنها آيلة للسقوط مش بنقدر نتكلم، لأنه بيهدد أرواح الناس، أما إذا كان هناك تخريب متعمد، فهذه مسؤولية رؤساء الأحياء».

وقال «مرقص» : «الجهاز هدفه حماية العقارات التراثية، لذلك نقوم بالتواصل مع المحافظات لأنها مسؤولية رؤساء الأحياء، وأنا معنديش سلطة قضائية ولا ضبطية، ومش بقدر أعمل حاجة غير إنى ألفت نظر المحليات، ولو طلبوا دعم مش بنتأخر، وبنشرف على عملية الترميم»، مشيرًا إلى أنه ليس رئيسًا للجهاز، لكنه يقوم بالإشراف فقط، مضيفاً: «مش من حقى أنزل مكان العقار اللى بيخرب، لأن دى مسؤولية رئيس الحى».


اليوم السابع -11 -2015









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة