أحمد وهبى حسين أحمد يكتب: العمل الاجتماعى والرسالة التنويرية والتثقيفية المطلوبة

الثلاثاء، 15 ديسمبر 2015 06:12 م
أحمد وهبى حسين أحمد يكتب: العمل الاجتماعى والرسالة التنويرية والتثقيفية المطلوبة ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بدأ تدوين أخلاقيات العمل الاجتماعى ومواثيق الشرف وقواعد السلوك المهنية للمرة الأولى فى بداية العشرينات من القرن الماضى، ولذلك فإن الفرد كائن حى عقلانى وأخلاقى وأخلاقياته تحدد له ما يجب عليه المحافظة عليه وفق القانون، فلكل مهنة أخلاقياتها التى لابد من الالتزام بها.

وبناء على ذلك؛ فإن الخدمة الاجتماعية كمهنة تقوم على أسس من الأخلاق واجب التحلى بها لكل فرد يمتهنها، فقبل أن نتطرق إلى أخلاقيات المهنة يجب أن نتعرف أولا على القضايا التى تمس الخدمة الاجتماعية والتى يجب أن يتمسك الأخصائى الاجتماعى أخلاق مهنته تجاهها مثل: السلطة، والواجب، والحرية والمسئولية، والحقيقة، والتعددية، والاختلاف، والصالح العام، واحترام الآخر؛ وجميعها مفاهيم فلسفية من الصعب تجاوزها حين نتطرق إلى قضايا المهنة، لكونها تساعدنا على إدراك "المعنى" لماذا؟ لماذا نقوم بهذا العمل ولا نقوم بذاك؟ ما المحددات الكبرى لأفكارنا وسلوكنا؟ وما هى نوع القيم والمسئولية والأخلاق الواجب الالتزام بها فى ممارسة المهنة؟ ومن الذى يحددها؟ أين تبدأ وأين تقف حرية التعبير؟ كيف نضمن التعددية والاختلاف والعدالة والصحة؟.

ويشبه التعامل مع قيم وأخلاقيات الخدمة الاجتماعية صيد سمكة كبيرة وحية ومثله أيضًا مثل نهر جارى، وحتى إذا كنت محظوظًا إلى حد ما باصطياد سمكة، فإن الفرص تكون عندما تعتقد أنك اصطدتها، فستنزلق السمكة من بين يديك وتسعى كالحية إلى النهر.

حيث تبرز أهمية الخدمة الاجتماعية فى تلك الرسالة التنويرية والتثقيفية التى تنمى وعى الإنسان بمجريات الأمور فى عصره وتحافظ على فكره من التشتت والضياع والتحجر، ورسالة رفيعة من هذا الطراز لابد أن تكون لها من المواصفات و الخصائص ما يجعلها تحافظ على هذه الرفعة.

ولهذا كثيرًا ما يختلط اسم الخدمة الاجتماعية باسم علم الاجتماع، حتى فى بعض مؤسسات التعليم التى يفترض فيها وعيًا يفوق ما هو موجود فى أوساط المجتمعات العربية. ولعل مثل هذا اللَبس يكمن فى القصور فى فهم مهنة الخدمة الاجتماعية، ثم عجز المنتمون إليها عن فرض أهلية تخصصهم وبيان مدى حاجة المجتمعات العربية إليها ؛ وذلك من خلال إثبات جدوى المهنة وفاعلية ممارستها مع العملاء، وهو أهم ما يميزها عن علم الاجتماع.

كما يرتبط موضوع الأهلية والفاعلية بقضية حفظ حقوق العملاء من جانب ، ثم محاسبية المقصرين أو المتهاونين من الممارسين المهنيين من جانب آخر. فمتى حققت المهنة أهدافها ومبادئها السامية، المتمثلة فى تحقيق العدالة والمساواة، وحفظ أسرار العملاء، ستكتسب وتتحقق الأهلية والجدارة، فضلاً عن تحقيق رضى الممارسين المهنيين أنفسهم وكذلك الرضى والتقدير المجتمعى للمهنة والقائمين عليها.

والخدمة الاجتماعية شأنها شأن المهن الأخرى كالطب، والتمريض، وعلم النفس، والهندسة، والإعلام، وغيرها من المهن الإنسانية التى لديها دساتير أخلاقية خاصة تنظم عملية الممارسة، هذا الدستور نشأ من خلال الممارسة المهنية، لذا فهو يتطور من وقت لآخر، وفقاً لعوامل عدة منها التطور والتغير الثقافي، وتطور العلوم والمعارف التى تستند عليها المهنة، وتغير مناهج وآليات الممارسة، إضافة إلى التغير فى الأولويات. فمنذ وقت مبكر سعى المتخصصون فى الخدمة الاجتماعية إلى صياغة أخلاقيات عامة مثل المحافظة على سرية معلومات العملاء.

ولهذا فإن قيم وأخلاقيات المهنة تنزلق من بين أصابعنا لأسباب عديدة: لأننا لا نحاول الإمساك والتطبيق عليهم، مفضلين الوظيفة العملية لتحقيق الخدمة الاجتماعية، وإذا بحثنا مادة الموضوع بالفعل فهى تبدو فى بعض الأحيان معقدة وصعبة للتمكن منها ومن الممكن تكون غامضة، وهناك نقص فى وضوح المفاهيم لعديد من المصطلحات المستخدمة، وحدود وقيم وأخلاق الخدمة الاجتماعية تكون غير محددة وتعريفها ضعيف، لذلك فإن فكرة ما يجب تأسيسه فى قيم وأخلاقيات الخدمة الاجتماعية هى نفسها الجزء من المناقشة الطبيعية لقيم الخدمة الاجتماعية.

وهناك تساؤلات يجب أن نطرحها على أنفسنا: ألم يكن علم الأخلاق تبعًا لقاموس أكسفورد، هو علم الأخلاقيات فى السلوك الإنسانى؟ وألم تكن الخدمة الاجتماعية عن العلاقات الإنسانية والسلوك؟








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة