إيمان رفعت المحجوب

أيها الإرهابى خدعوك فقالوا "هو انتحارٌ وإنهم لكاذبون"!

الأحد، 20 ديسمبر 2015 07:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعرف أنك لن تسمع لى وعندك ألف رد ورد، لكن لا أظنك تختلف معى فى أن أثمن هبات الله هى الحياة وإنها إذا ذهبت ذهبت معها كل النعم السمع والبصر والفؤاد، كل الحواس والقدرات، كل القوى، وانقطع عمل الإنسان الذى هو سبب دخوله الجنة، ومن ثم كان الحفاظ على الحياة والحرص على الصحة واجبا دينيا، ولذلك يقول المولى "ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة"، إهدار الحياة جريمة وإثم فى كل الأعراف والأديان، ليس فقط لأن فاعلها قرر أن ينهى حياته وقتما شاء فى غير انتظار لمشيئة الخالق وكفران بنعمة الحياةِ نفسها وإهدار لكل النعم الجسدية التى وهبنا الخالق إياها من سمع وبصر وكلام وحواس وطاقة ومواهب وقدرات أعظمها "العقل" كى "يعقل" وفضله بكل هذا وبه على كثير ممن خلق تفضيلاً، من بين مريض ومعاق حرموا هذه النعم وتمنوا لو افتدوا بها ما فى الأرض وما يملكون، والله لو أنه وهب ما أوتى من نعم وتبرع بها لمريض محتاج فشفى فأحيا بها نفسا لكان ذلك أنفع وأثوب عند الله دونما ذنب ووزر إهدار حياته وصحته التى لم يقدر نعمتها وكانت له بها صدقة جارية ما زال قلب هذا المريض الذى أحياه ينبض؛ ولذلك لا يأتى جرم هذا المنتحر فقط فى إهدار كل هذه النعم وكفرانها فى الوقت الذى حرمها وتمناها غيره ولكن أيضا لأنه قطعٌ لمسيرة الأعمال الصالحة التى كان بإمكانه تقديمها للناس وللدنيا فيزيد من حسناته وتثقل موازينه، وعلى العكس من ذلك اختار هو أن تكون خاتمة أعماله فى الدنيا أشرها وهى قتل النفس التى حرم الله؛ قتل نفسه وغيره؛ غير واثق من عدالة أى قضية لأن لا شىء فى الحياة مطلق فما بالنا بحكمنا نحن كبشر! واختزل كل طاقاته ونفسه وحياته وجعل منها جميعا مجرد قنبلة حديدية تنفجر لتقتله وغيره! لا تساوى نعمة ربه على عظيم قدرها عنده أكثر من ذلك قطعة من حديد! ما أرخص ذلك وأدناه! يا لجحود النعمة!

غير مقتنعة أن هناك ما يجنى بالموت أعظم مما كان يجنى بالحياة، لا أحد يناقش فى جهاد العدو المعتدى، الغادر المغتصب للأرض والعرض، الذى يخرج الناس من ديارهم بغير حق ويستبيح بلادهم ودماءهم وأعراضهم كما يفعل الدواعش؛ وجهادهم لا شك واجب وجهاد فى سبيل الله لا فى سبيل الشيطان الذى يسول للخونة أعداء الوطن قتل الأبرياء من جنودنا المخلصين حماتنا وحماة أراضينا؛ الذين يحملون أرواحهم على أكفهم يدفعون عنا الخطر، والذين هم فى الأصل آباؤنا وإخواننا وأبناؤنا لا ذنب لهم ولا جريرة إلا أنهم يذودون عنى وعنك وعن بلادنا! ولكنا حتى فى الجهاد المشروع لا نقر أن يذهب الفتى أو الفتاة يفجرون نفسهم بين الأعداء كى يقضوا عليهم فتنتهى حياتهم كذلك! بل ليفعلوا ذلك وهم حريصون أن يعيشوا حتى وهم يجاهدون فى سبيل الله، فنحن مأمورون أن نحرص على حياتنا وأرواحنا ما استطعنا وإلا نكون منتحرين لأن الحرص على الحياة أنفع لفكرة الجهاد نفسها، فبالحفاظ على حياتنا بإمكاننا أن نقدم المزيد من الخير والعمل الصالح وبإمكاننا أن نجاهد فى سبيل الله مرة ومرات، أما من يقضى نحبه، تكون هى المرة.

لا نعرف عن النبى أو أى من أصحابه أنهم ذهبوا للجهاد فوقفوا مكتوفى الأيدى أمام أعدائهم لا يدافعون عن حياتهم بغية الاستشهاد! وإنما نعلم أنهم كانوا يدفعون عن أنفسهم وعن النبى ذاته كى يُتِم عمله، وكلنا يعرف قصة سعد بن أبى وقاص؛ وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة، أرسله عمر ليخلف المثنى بن حارثة فى القادسية بعد أن أصيب، لم ينزل سعد بنفسه إلى الساحة ليقاتل يزدجرد وجها لوجه رغم نزول يزدجرد نفسه؛ وكما اعتاد منه الجنود ومن غيره من القادة؛ لأنه لضرٍ أصاب قدميه؛ قد لا يقوى على القتال فيقتل، ورأى أنه أنفع للجيش قائدا يفيدون من خبراته وأعظم أجرا، على أن ينقطع عمله بالشهادة، وهدف المسلمين أولا وأخيرا النصر وهو الأصل الذى زللت لأجله الشهادة ولا ينبغى أن يكون الهدف من الجهاد الموت ولكن الهدف من الجهاد النصر والفرق كبير بين الانتحار والشهادة، ثم ماذا تفيد الحياة والناس بموت واحد أو مئة؟ قطعا أفادوا بحياته أكثر مما كانوا يفيدون باستشهاده مئة مرة وهل كان المطلوب إلا البقاء والنصر وقد خلقنا الله لنُعَمِّر ونعْمُر الأرض.

إذا كان هذا ما فعل سعد المبشر بالجنة الذى يجاهد الأعداء فى قتال مشروع، فعل ذلك لم يعبأ بلوم لائم، بحث عما ينفع الناس، رأى أن حياته ككقائد أنفع من موته كشهيد ذلك لأنه كان يبتغى وجه الله لا البشر فلم يبالِ بكلام بشر. فما بالنا فيمن يفعل فيقتل نفسه ليقتل الأهل والأبرياء!!! فقط كى يقول أصحابه ومن تبعهم أنه شهيد!!! يخلقون معارك لا مبرر لها؛ من نسج خيالهم الخاوى من أى خيال، الخاوى من أى فكر أو إبداع؛ ويعيشون فيها كى يقال إنهم مجاهدون! فلا هو شهيد ولا حميد؛ كما قال رسول الله (ص) عمن استعجل موته فى تبوك؛ ولا هم مجاهدون من الأساس لأنه لا مجاهدون بغير جهاد ولا جهاد للإفساد.
سأل رسول الله أصحابه: "من تعدون الشهيد؟" قالوا: "من أصابه السلاح"، قال: "كم من أصابه السلاح وليس بشهيد ولا حميد وكم من مات على فراشه حتف أنفه عند الله صِدِّيقٌ وشهيد الله أعلم بمن يجاهد فى سبيله والله أعلم بمن يكلم فى سبيله".
كما قال عليه السلام "إن أول الناس يُقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأُتِيَ به فعرَّفه نِعَمة فعرفها قال فما عملت فيها قال قاتلت فيك حتى استشهدت قال كذبت و لكنك قاتلت لأن يقال جرئ فقد قيل ثم امر به فسحب على وجهه حتى ألقى فى النار!".
هذا وإن قالوا وزعموا واقسموا لك أنك شهيد، كن عندهم شهيد الدنيا ولكنك أبدا لن تكون شهيد الآخرة .
حقًا إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور ...

* أستاذ بطب قصر العينى.










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة