طه أمين يكتب: متلازمة "سعد نبيهة"

الجمعة، 04 ديسمبر 2015 08:04 ص
طه أمين يكتب: متلازمة "سعد نبيهة" أطفال فى العيد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كنا أطفالا صغاراً.. وكنا نحتفى بالعيد كل على طريقته.. لكن تجمعنا كلنا أغنية الفنانة صفاء أبو السعود "أهلاً بالعيد" التى عادة ما كانت تذاع صباح العيد عشرات المرات على كل القنوات المحلية والإذاعات المسموعة طوال أيام العيد.. وكانت الألوان والبالونات وجو الفرحة الذى تشيعه الفنانة صفاء أبو السعود والأطفال حولها قادرين على إعطائنا ذلك الإحساس الرائع بالعيد.. ولا أظن إلا أن أكثرنا قد استمع الأغنية فى مقطعها الثانى هكذا:

العيد فرحة وأجمل فرحة
(سعد نبيهة) بيخليها
ذكرى جميلة لبعد العيد

ولم يسأل أى منا نفسه عمن عساه أن يكون هذا السيد "سعد نبيهة" الذى سـ"يخليها ذكرى جميلة".. وتقبل عقلنا الطفولى ذلك ولم نجد غضاضة فى قبول السيد "سعد نبيهة" كمتعهد الفرحة الأوحد فى أعيادنا.. وظل الحال كذلك حتى كبرنا واكتشف "بعضنا" ذلك الخطأ وضحكنا عليه وسخرنا منه.. إلا أننا ولسنوات تقبلنا ذلك الخطأ اللفظى وتواءمنا معه.

إن العقل البشرى قادر على تقبل الأخطاء والتعامل معها والاستكانة إليها ليس فقط فى الطفولة ولكن فى كل سن... فمقدار النمو العقلى المرتبط بالتقدم فى السن المصحوب بالتقدم العلمى والتكنولوجى المحيط بنا، يقف عاجزاً أمام ذلك الجزء المستسلم والمستكين من عقلنا، الذى يقبل الأخطاء دون محاولة استبيان مدى معقوليتها أو الاستفسار عنها لتصحيحها.. يقبل كل ذلك إما لمجرد عدم الظهور بمظهر الجاهل الذى لم يفهم وسط موجة من إدعاء الفهم من جانب المجموع.. أو يستنكف عن السؤال لمجرد عدم إفساد فرحة المجموع بإحتفالية سعد نبيهة فى العيد.. ولا يقتصر إستخدام آلية سعد نبيهة فى العقل البشرى على الأغانى والألعاب أو الأشياء البسيطة فى حياتنا فقط.. وإنما ينتقل إلى مجالات أكثر عمقا وأكثر خطورة.. فنحن نجد المصابين بمتلازمة سعد نبيهة حين يتعلق الأمر بالسياسة.. التى أخذت فى مصر فى السنوات الماضية منحى احتفاليا يميل إلى السير مع القطيع أكثر من محاولة التفرد برأى أو مجرد تصور مكتوم دون التعبير عنه أو الجهر به صراحة أو تلميحاً.. فقد تزايد تعداد الأفراد المنتمين إلى قبيلة سعد نبيهة فكراً وسلوكاً.. ليصبح لكل منهم أتباع يمجدونه ويؤلهونه ولا يناقشون مدى جدية مايقول إما لافتراض ضرورة الثقة فيه ثقة عمياء أو لمجرد اتباع القطيع أو لعدم إفساد الفرحة خشية الخضوع للاتهام بإنهم من مفسدى الأفراح.. وبالتبعية فإنه من الممكن رصد انتشار متلازمة سعد نبيهة فى الاقتصاد والرياضة والفن وحتى فى الدين.. فالجميع يؤثر السلامة فى الانتماء بدون تفكير إلى قبيلة سعد نبيهة على الخروج عليها وتحمل العقاب بالحرمان والإبعاد والإقصاء أو بحمل عار تهمة إفساد الأفراح.

إن متلازمة سعد نبيهة تزداد انتشارا فى زماننا بشكل أصبح معه من الضرورى مواجهتها بقدر قليل من الصراحة والشفافية.. وبقدر كبير من شجاعة الخروج عن القطيع لإيقاف الموكب الاحتفالى لوضع نقطة نظام نوضح فيها الاتجاه الصحيح لسير الاحتفال لنحدد فيها الطريق الذى سيسير فيه المجموع.. مع تقبل فكرة خروج البعض عنه والاختلاف فيه وحوله سواء فى الرؤية أو فى وجهة النظر.. مع ضرورة الإيمان- فى كل الأحوال- بأن ذلك لا يجب أن يغضب المجموع.. ولا يغضب -بالطبع- السيد سعد نبيهة نفسه .










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة