لا يعجبنى على الإطلاق جمع البعض لكل أسباب تخلفنا فى اتهام المصريين بأنهم «مبيشتغلوش وكسالى»، ويدلل أصحاب هذا الرأى بدراسات وبحوث اجتماعية تكشف مثلا عن تدنى إنتاجية الموظف المصرى، وأن إهدار الوقت لموظف الدولة أثناء عمله هو الأساس، أما إنجاز العمل فهو الاستثناء.
ومنذ يومين ذكر الطبيب النفسى الشهير الدكتور أحمد عكاشة كلاما يقترب من هذا، فخلال حفل افتتاح المؤتمر السنوى للجمعية المصرية للطب النفسى، قال: «الشعب المصرى شعب مدلع، وكل رغباته مجابة»، وأضاف: «مش عايزين يشتغلوا وطول الوقت فى اعتصامات، يعمل إيه الرئيس السيسى».
سيصادف هذا الكلام هوى شخصى لدى من يذهب إلى مصلحة حكومية لإنجاز مصلحته، فيجد موظفين يصرفون الوقت فى الكلام، والنميمة، وتناول الإفطار، والمشروبات، لكن هل يعد هذا دليلا على ميل المصريين إلى الكسل والرغبة فى الراحة؟، وهل يعد قياسا صحيحا لمعرفة مدى كفاءة المصرى وحبه للعمل؟
تبدو المفارقة حين يذهب أى مواطن إلى مصلحة أخرى فيجد فيها انضباطا وأداء رفيعا للعمل، وهنا يجد نفسه أمام وجها آخر لمصريين يختلفون كلية عن المصريين اللى «مبيشتغلوش وكسالى»، وقد لا نجد مثل هذه الأماكن كثيرا لكنها موجودة، مما يحيلنا إلى أننا سنكون أمام جهتين، واحدة تنفذ اللوائح والقوانين بصرامة عبر إدارة مؤمنة بذلك، وتتعامل على أن الأصل فى انضباط الموظف هو خضوعه للثواب والعقاب طبقا للقانون، وأخرى تترك كل شىء للهوى الشخصى والأمزجة الشخصية، وضعف الإدارة وتطبيقها للوائح والقوانين على موظفين وعدم تطبيقها على موظفين آخرين، مما يقتل الرغبة فى العطاء، وقد تتبدد طاقات الموظف فى البحث عن حقوقه المهدرة التى قد تذهب إلى آخر لا يستحقها، وهكذا لا نجد فى الكثير من الأحيان أن كسل الموظف وتدنى إنتاجيته هو خيار شخصى منه، بقدر ما هو نتيجة لأسلوب عمل عام يشجع على التراخى، وبالتالى فإن المسئولية ليست مسئولية فرد.
ليس صحيحا أن المصريين «مش عايزين يشتغلوا»، ولكن يريدون العمل من أجل الحق فى الحياة بكرامة، على أن يكون العدل هو الأساس.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة