مستشار مصر الثقافى السابق بروسيا: تنشيط حركة الترجمة مع موسكو "ضرورة"

الأحد، 22 مارس 2015 07:14 م
مستشار مصر الثقافى السابق بروسيا: تنشيط حركة الترجمة مع موسكو "ضرورة" الدكتور أسامة السروى
كتب مؤمن مختار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تحدث الدكتور أسامة السروى، المستشار الثقافى السابق لمصر فى روسيا، الحاصل على العضوية العاملة من أكاديمية الفنون الروسية فى حديث خاص لـ"اليوم السابع" عن العلاقات المصرية الروسية فى المجال الثقافى وكيفية تطويرها، وهذا بصدد أنه أصدر موسوعة كبيرة وضخمة عن تطور الفن الروسى، خاصة فى مجال النحت.. وإليكم نص الحوار:

حدثنا عن إبداعات الفن الروسى بشكل عام


عندما عدت من روسيا بعد حصولى على الدكتوراه من هناك عام 1992، قمت بتجميع مواد كثيرة ومعلومات قيمة عن الفن الروسى، ورأيت بأم عينى التماثيل العملاقة فى الميادين الروسية، وتتلمذت على أيدى بعض الفنانين الكبار مثل "أنيكوشن"، وتحسرت على أن زملائى من الأساتذة والطلاب لا يعرفون شيئا عن الفن الروسى، فأخذت على عاتقى نشر وتعريف المصريين بالفن الروسى والنحت الروسى بالأخص، لأنه تخصصى.

وباعتبارى أقدر عاليا حرفية النحات الروسى وحرفية إنشاء النصب بارتفاع 85 مترا مثل تمثال "ماماييف كورغان" فى مدينة فولجوجراد الروسية، حيث إن هذا التمثال يزن عشرات الأطنان من الأسمنت والحديد المسلح، وهو عبارة عن امرأة تمسك سيفا، هذا السيف وحدة طوله 30 مترا فهذا يدل على أن هذا علم وتكنولوجيا ليس لهما مثيل فى العالم، وقيمت وقدرت عاليا هذه الخبرات حاولت أن أجذب أصدقائى وزملائى وطلابى لتعريفهم بهذا النوع من الإبداع، وللأسف اكتشفت أن الفن الروسى غير معروف فى مصر، وأن الفن العالمى الفرنسى والإنجليزى هو المسيطر، ولكن هناك فنونا قوية للغاية يجب معرفتها ودراستها لأنه هذا يعد تاريخا.

الجميع يعرف فقط النحاتين الكبار مثل "برانكوزى وأوغوست رودان" وهذا فقط هو الفن العالمى بالنسبة للناس، ولكن الفن الروسى، الروس قدموا فى مجال النحت خامات وتكنولوجيا كبيرة جدا مثل الفنانة الروسية "فيرا موخينا" التى قامت بعمل تمثال "العامل والفلاحة"، وهو تمثال شهير جدا وكان رمزا من رموز الدولة السوفيتية، قامت بعمله من خامة تستخدم لأول مرة وهى "صفائح الستانلس"، حيث قامت بطرقها ولحمتها إلى جانب بعضها البعض، وقامت بعمل ذو جمالية خاصة بحجم كبير جدا، ونقلته إلى باريس عام 1927 ثم مرة أخرى إلى روسيا بعد عدة أشهر من مشاركته فى الجناح السوفيتى فى معرض باريس الدولى سنة 1927.

تمثال موخينا يعد تكنولوجيا تم استخدامها فى مجال النحت لأول مرة فالخامات التقليدية المعروفة للنحاتين هى البرونز والخشب والجرانيت، ويستحق الوقوف عند هذا العمل، وهناك أعمال أخرى قام بها فنان روسى وحيد بخامات لم يستخدمها أحد فى العالم حتى الآن وهى خامة "التيتانيوم"، التى يصنع منها أجسام الطائرات والصواريخ، واستخدمها الفنان الروسى "باندارينكا" وهو فنان روسى كبير قام بعمل تمثال لرائد الفضاء الروسى "يورى جاجارين" طوله يزيد عن 92 مترا منطلق من الأرض إلى السماء بخامة متربطة بعلم الفضاء نفسه، ولا يوجد نحات فى العالم استطاع أن يتناول هذه الخامة فى الفن، إذن الروس مجددون فى مجال الخامة ومجال تكنولوجيا النحت.

كيف ترى النحت الروسى من وجهة نظرك؟


يتمتع الفن الروسى والروس بالكلاسيكية والفكر الاشتراكى الذى وجهه النحت نحو الجمهور، وأنا أعتبر أن الفن الروسى لا سيما فى العصر السوفيتى بداية من سنة 1920 حتى 1990 فنّا حضاريّا يجب أن يندرج ضمن فنون الحضارات كالحضارة المصرية القديمة والبابلية والآشورية وغيرها من الحضارات، لأن هذا فن يرتبط بالفكر ويرتبط بأيدلوجية، واستطاع أن يحفظ هذه الأيدلوجية فى التاريخ، كما هو الحال فى مصر تمت كتابة التاريخ بالنحت على جدران المعابد، وفى المقابر هذا هو التاريخ المصرى القديم منحوت ومنقوش.

الروس أيضا صنعوا تاريخا لهم فى الميادين فى ظاهرة غير مسبوقة، حيث إن أكبر مدينة فى العالم بها تماثيل ميادين تنتمى إلى الشعب هى موسكو، حيث إننى رصدت 900 تمثال فى موسكو ولم أقدر على التكملة، فعلى سبيل المثال بوشكين وحده لديه 290 تمثالا فى روسيا، فالشعب الروسى مفطوم على الثقافة والتذوق العالى والتحضر يقدم تاريخه من خلال الفن.

فكانت تقام للجنود المجهولين تماثيل وجميع الأبطال المجهولين من طيارين ومحاربين وقادة وواضعى الخطط العسكرية وغيرهم، ففى فترة الحرب الوطنية العظمى فى روسيا "الحرب العالمية الثانية"هى فترة مليئة بالبطولات وضحايا روسيا من الحرب بلغ نحو 26 مليون مواطن روسى، وتقريبا بحجم الضحايا وبحجم الخسائر تم بناء التماثيل، مثل تمثال "الوطن الأم" الذى يوجد فى جميع دول الاتحاد السوفيتى السابق، والذى أقامه الفنان الروسى يفغينى فوتشيتيتش، ولم يقتصر الموقف على هذا فقط بل تم إرسال الفنانين إلى جبهة القتال ليسجلوا الفن بالتماثيل مثل الفنان الروسى "كيربل" الذى عمل كجندى فى الجبهة بوظيفة نحات، فكان الروس يثقون فى أن كل من ضحى بقطرة دم، وقام بالبطولات يستحق أن يقام له تمثال.

ما الدور الذى يجب لعبه لنشر تاريخ الفن الروسى والنحت بصفة أساسية فى المجتمع المصرى والعربي؟
السروى: كل هذا الكلام الذى كنت أتحدث فيه لا يعرف القراء المصريون والعرب عنه شيئًا ولا يوجد مرجع عربى يتحدث عن الفن الروسى لذلك كنت حريصًا على تقديم الفن الروسى تقديرًا له واحترامًا للنحاتين الروس، لذلك جاءتنى فكرة لإصدار موسوعة مكونة من 4 أجزاء للحديث عن تاريخ النحت الروسى، وهى بمثابة إضافة للباحث المصرى وللمثقف الذى يبحث عن جزء صعب المنال، وأنا بكل سرور شاءت الأقدار أن تختارنى لمثل هذا العمل لأننى أعرف اللغة الروسية جيدًا وتتلمذت على يد أكبر الفنانين والنحاتين الروس.

ما هى هذه الموسوعة وعن ماذا تتحدث؟


الموسوعة تتكون من 4 أجزاء وكما قلت سابقا هى تتحدث عن النحت الروسى، ففى 2011 تم إصدار الجزء الأول والثانى بعد رحلات بحث وقراءة متعمقة فى الفن باللغة الروسية، ومن 2011 إلى 2014 بصفتى مستشار ثقافى مصرى فى موسكو أقمت ثلاثة سنوات، وكانت هذه فرصة لرؤية التماثيل الروسية والتى ساعدتنى بشكل كبير على إصدار الجزأين الثالث والرابع، ومخصصين لتماثيل وحدائق موسكو، والآن الأربع نسخ ينطلقون معًا فى شهر مارس القادم بجودة عالية للغاية بحيث تكون فى متناول الجميع.

يبدأ الجزء الأول بداية من بطرس الأكبر وكيف قام بجلب الفنانون الغربيون من هولندا وفرنسا وألمانيا، لإنشاء مدينته الجديدة وهى "سان بيتربورج" حاليًا، وكلفهم القيصر بعد ذلك بإنشاء مدرسة للفنون لتعليم الروس، وهذا ما ذكر فى الجزء الأول بالإضافة إلى الفن فى العهد القيصرى، وكيف نشأ ومن هم الفنانون الروس وما هى الأعمال التى تناولوها وأين توجد.

أما الجزء الثانى يبدأ من تاريخ الدولة السوفيتية، وتحول الفن فى المجتمع الروسى، وهو أن الفلاح المهمش الذى لم يكن لديه أثر فى المجتمع صار هو الهدف من الفن، وأصبح له دور كبير فى هذا الفن، وفى الوقت الذى كانت تعانى منه الدولة من الحروب ومن قذائف هتلر، كانت تُقص شريطة تمثال أو شريطة معرض وهذا يدل على أن الشعب الروسى شعب عظيم.

بعد ذلك الجزآن الثالث والرابع يتحدثان عن تماثيل موسكو العظيمة، لان هذه التماثيل لا يكفيها جزء واحد، حيث يبلغ عددها 900 تمثال جمعتهم بنفسى ولم أقدر على التكملة، لأنه يوجد العديد من التماثيل، لأن موسكو تستقبل العديد من الهدايا التذكارية على هيئة تماثيل، وقمت وحدى بـ25 تمثالا على أرض روسيا، وتمت الإشارة إلى تماثيلى فى الموسوعة باعتبارها تماثيل تمت إهدائها إلى موسكو.

كيف يمكن تطوير العلاقات الثقافية بين مصر وروسيا؟


العلاقات الثقافية بين مصر وروسيا لا شك أن هذا وقتها الجميع الآن متعطش، الشعبين فى حاجة للمزيد من المعرفة عن الآخر، فهذه الموسوعة تلبى احتياج كبير جدًا، وتسد خانة مهمة جدًا فى اطار توطيد العلاقات وتوحيدها، فيجب أن نعرف فى ماذا يفكر القطر الشمالى إذا كنا نحن القطر الجنوبى، ومن هذا المنطلق يعتبر هذا توقيت الموسوعة النموذجى التى يتكون كل جزء فيها بـ600 و700 صفحة بالصور.

ونطور العلاقات بين بلدينا عن طريق تكوين فريق من الباحثين المصريين للبحث فى الثقافة الروسية، وتنشيط حركة الترجمة، فمنذ انيهار الاتحاد السوفيتى حتى الآن لا يوجد تواصل حضارى بين مصر وروسيا ولا توجد ترجمة، فآخر الأدباء الروس الذين وصلوا إلى مصر هم "تشيخوف، تولوستوى، جوركى، تورجينيف، بونين" وغيرهم من الأدباء العظماء، ولكن ظهر فى روسيا أدباء عظماء لا نعرف عنهم شئ، نحتاج إلى ترجمة أعمالهم عن طريق كلية "الألسن" والتى قامت بعمل مثمر فى عمليات الترجمة سابقا، ولكن هذه الأعمال توقفت.

ثانيًا، يجب تعريف المواطن المصرى على كل ما هو جديد خلال 25 سنة ماضية من الأدب الروسى لأننا نفتقد هذا الأمر، وفى المقابل يفتقد المواطن الروسى عن مصر، فالروس يعرفون نجيب محفوظ ويوسف إدريس وجمال الغيطانى، ولكن يوجد آخرون لا يعرفهم القارئ الروسى فيجب ترجمة هذه الأعمال وتنشيط حركة الترجمة، وتنشيط البحث وتمويل الباحثون فى إطار كشف أغوار الثقافة الروسية وتنشيط التبادل الثقافى فى مجال المسرح والدراسة وعروض الأفلام.


موضوعات متعلقة:



- المستشار الثقافى المصرى بموسكو سابقًا يطلق موسوعة عن الفن الروسى الحديث


-بالصور..المركز الثقافى الروسى يفتتح معرض الفنان أسامة السروى "الطوق الذهبى"


- أسامة السروى يفتتح معرضه بـ"الثقافى الروسى" ببورتريهات لأشهر رموز مصر










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة