فوزى فهمى محمد غنيم يكتب: حتى لا يصبح أبناؤنا فريسة سهلة للأفكار الخادعة

الأربعاء، 25 مارس 2015 08:04 م
فوزى فهمى محمد غنيم يكتب: حتى لا يصبح أبناؤنا فريسة سهلة للأفكار الخادعة طلاب جامعات أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ينبغى أن نعمد إلى تطوير الوعى الثقافى وتقديم الغذاء الفكرى الكافى للناشئة، وذلك بأن نبسط العلم وننشره على الناس لا يقوم بهذا الجهد هيئة أو جماعة بل أن تضطلع به جماعات وفى مقدمتها الجامعات المصرية ووزارة التربية والتعليم والهيئات الثقافية الحرة الأخرى كلجنة التأليف والترجمة والنشر. ولكن ماذا عليها أن تصنع؟ هذه هى العقدة التى يجدر بنا أن نعرض لها بالحل وأن نطالب القوامين على الثقافة بالعناية بها ورعايتها حتى تأخذ سبيلها إلى العقول والنفوس، إنى أرى أن يضطلع هؤلاء الأعلام الذين يقومون على التوجيه الثقافى وتكوين الرأى العام المستنير بأمور منها: ترجمة الكتب العالمية ذات الخطر فى التثقيف والتوجيه من قصص وتاريخ وفن وعلم متابعين تقدم البحوث آخذين بالمنهج الحديث فى العرض والأسلوب والأداء.

وليس من الميسر لكل مصرى الاطلاع على التراث العالمى فإذا حذق أحدنا لغة أجنبية فربما لم يتح له حذق لغة أخرى تحمل طابعاً خاصاً وتضم كنوزاً مغايرة من الحمق أن نجهلها أو أن نغفلها، وكثير منا لا يحذق لغة أجنبية فلما لا نيسر له السبيل؟ ولم لا ننقل إليه هذه الروائع حتى نمكنه من أن يدلى بدلوه بين الدلاء وأن يستقى من الينابيع الثرية الأخرى؛ فقد يكون ذا موهبة واستعداد طيب يمكنانه من أن يؤدى للثقافة خدمة جليلة؟ الأحرى أن نهىء له السبيل حتى يروده، يكاد يكون من المرجح أن الثقافة فى مصر الآن فى أزمة أو ما يشبه الأزمة وأن أغلب البلاد العربية الأخرى قد سبقتنا فى الاطلاع والتثقف، فكيف السبيل إلى التغلب على هذه المشكلة ؟ إن مسئولية المدرسة جسيمة فى هذا الصدد لأنها القبلة الأولى التى يتجه إليها التلاميذ وتغرس فيهم البذرة الثقافية الأولى، وتتعهدها بالتنمية وهى النافذة التى تطل منها الإشعاعات الثقافية المبكرة وجدير بالمربين أن يستغلوا هذا الموقف وأن يبثوا فى طلابهم روح القراءة والاطلاع حتى تصبح فيهم عادة متأصلة لا يستطيعون منها فكاكاً ولا يبغون عنها حولاً . فمدرس اللغة العربية مثلا لا يقتصر على الكتاب المقرر المدروس بل يتجاوزه إلى كتب أخرى والطريق أمامه ممهد والسبل ميسرة فى دروس المطالعة والإنشاء والنصوص والبلاغة والأدب والنقد الأدبى . وتستطيع المدرسة أن تعقد مسابقات صيفية فى كتب ثقافية مختلفة وأن تجعل مجلتها منبراً لخيرة التلاميذ وأن تهىء أحاديث مختلفة يشترك فيها الطلاب والأساتذة وأولياء الأمور والآباء . وأن تعنى بمكتبة المدرسة عناية فائقة وتراقب مراقبة دقيقة من النظار والمفتشين وتجعل درجة للقراءة الحرة يحاسب عليها التلاميذ . وأن تجعل من الأندية الصيفية فى المدارس مجالا للتثقيف والقراءة والحديث الممتع والسمر اللذيذ . وأن تكافىء وزارة التربية والتعليم من يتقدم من الطلاب إلى مجلة المدرسة – بأطرف مقال وأجمل حديث . وألا تضن بمال على شراء الكتب المحببة إلى نفوس الطلاب وأن تقدم على نشر الأبحاث الطريفة التى يتقدم بها المدرسون والمربون وتشجع أصحابها على الدرس والاطلاع، وأن تكون امتحانات القبول فى الجامعة قائمة على حظ الطالب من الثقافة العامة وأن تكون أبعد الأشياء عن استيعاب المذكرات وحفظ النصوص . وأن تطعم الدراسات الصيفية للمدرسين بألوان من الثقافة العامة وأن تخرج مجلة سنوية تحمل بعض هذا النشاط . أى أن تخلق فى الطلاب والمدرسين روحاً من الانصراف إلى القراءة والاطلاع والدرس فيشب الطلاب على هذا النحو ويظلون على هذا المنهج طوال حياتهم . وإذا كانت المدرسة لها حظها فى المشاركة فى التثقيف فعلى البيت يقع عبء آخر إذ ينبغى أن تهيأ مكتبة خاصة فى كل مسكن من مساكننا تزود بالكتب المختلفة وأن تجعل المكتبة أساساً من كياننا وحياتنا لا يطيب لنا مقام إلا بها ولا نعيش إلا عليها . وقد يستطيع رب الأسرة أن يشارك فى ذلك إذا مهدله السبيل بأن رفع مستوى معيشة من ناحية وقدمت له الكتب بأثمان معقولة من ناحية أخرى ويا حبذا لو أكثرنا من طبع الكتب طبعات شعبية تكون فى متناول الجميع . أما الدولة فعليها العبء الأكبر والنصيب الأوفى إذ ينبغى أن تعمل على نشر المكتبات العامة فى الأحياء المختلفة، وأن تأخذ بمشروع المكتبات الشعبية المتنقلة المزودة بالكتب المبسطة وتمد الأندية الثقافية والجمعيات المختلفة والنقابات العمالية وغيرها ببعض الكتب التى توجه الشعب خير وجهة وتثقفه أحسن تثقيف . وتجعل من الإذاعة منبراً للتثقيف والسمو الفكرى بإلقاء الأحاديث الناضجة وتقديم الكتب الثقافية الرفيعة وإشاعة الوعى الثقافى بين المستمعين . وأن تجعل الاختيار فى توزيع الدرجات وإسناد المناصب الأرقى أساسه حظ الفرد من التثقيف والمعرفة . إنها إن فعلت ذلك شجعت الكاتب والدارس على أن يدرس والباحث على أن يبحث وقللت من موجة الإجرام الناشئة من الفراغ والشباب وجليس السوء ونقلت الشباب من التطرف اليسارى إلى الاعتدال والقصد . وخلقت رأياً عاماً مستنيراً يحكم فى تبصر وتعقل ولا يندفع وراء الأفكار الخادعة كالسراب، وكونت جيلا مؤمناً بنفسه واثقاً من أمره لا جيلا يجرى وراء الإشاعات ويؤمن بالترهات ويحيا على الأوهام .








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة