محمد خالد السباعى يكتب: الصندوق

الثلاثاء، 21 يوليو 2015 02:05 م
محمد خالد السباعى يكتب: الصندوق صندوق

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مع مرور الوقت تصبح أكثر تبلدًا، تمر عليك الأيام مرور الكرام، الأيام متشابهة تسيطر عليها رتابة غريبة تجعلك تنظر للسماء وتتسائل هل ستمر هذه الفترة أم أنها نهاية المطاف؟

تبدأ بتذكر الأحداث بشكل عكسى مما ينبت بداخلك شىء من الغضب حيث إنك لا تستطيع أن تتذكر من تلك الأحداث الماضية سوى السىء منها، تشعر أنك من تحرك قرص الفيلم ليعرض فقط ما يبكيك ولتتغاضى عن كل ما هو جميل مر بحياتك من قبل.

تتوقف عند أكثر موقف جعلك تشعر بالغضب لأنه لم يحزنك فقط بل إنه مس أكثر ما بداخلك اعتزازًا وهو درع كرامتك المتين، ثم تتذكر الأقل ألمًا ثم الأقل حتى تصل إلى أول ما يسعد، وتبدأ بمقارنة غير عادلة بين كثرة ما يحزن ورؤيتك للقليل مما يسعد وهنا تخرج راضيًا بنتيجة مزيفة تجعلك تنظر لغدًا نظرة غريبة لا يسعك القول سوى أنها شاذة عن الطبيعة البشرية.

اليوم أنت أكثر بؤسًا من قبل، تشعر أنك فقدت قدرتك على الشعور بالأشياء، شعور غريب بالطمع، يجعلك كل يوم تبحث عن كل ما يمتلكه غيرك وتحاول أخذه، ليس لأنك بحاجة إليه ولكنه جشع غريزى غريب تملك منذ فقدانك لشىء من قبل، كل شىء حصلت عليه لم يعد يكفيك قط وأردت أن تملك أكثر من هذا بكثير، تمتلك كل ما يسعد الآخرين بحثا منك: هل هذا فعلا يسعدنى أنا الآخر أم لا؟؟ وفى طريقك لجمع غنائم القوم اكتشفت أنك تثقل كاهلك بكل هذا الذى تظنه سببًا سيسعدك، فقد أصبح اليوم شيئا يزيدك بؤسًا وضعفًا.

حياتك ما هى إلا صندوق كبير أنت حامله، ومع مرورك بطريق العمر تبدأ بملء الصندوق بأشياء تجدها مناسبة لك، تسعدك، مفيدة لك مع تقدمك بالعمر ولكنك تأتى عند نقطة فاصلة تجد فيها أن صندوقك لم يعد كافيًا لكل ما اخترت وعليك أن تتخلص من أشياء أقل أهمية لكى تأتى بالأكثر أهمية فيبقى أمامك حلان، الأول وهو أن تفكر جيدًا فيما يستحق أن يترك وما يستحق أن يبقى، أما الثانى وهو أن تملأ صندوقك حتى آخره ثم تبدأ أن تحمل على يديك وأن امتلاتاه، ترفع على كتفيك وما إن امتلأ تبدأ بتعليق الاشياء فى قدميك وجرها حتى تكون اخر محطة فى الطريق العمر قريبة لك من شعر لحيتك وحينها تخر واقعا، تاركا كل ما بداخل الصندوق وخارجه يعتليه التراب وهنا ستبقى انت الخاسر الوحيد ..... لكل منا صندوقه ومن يدركه حجمه جيدا سيكون هو الوحيد الذى يعبر طريق العمر فى وقت طويل مع راحة ممتدة إلى نهايته....









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة