وأعدت الهيئة التحليل الإحصائى لكل المخالفات التى كشفتها النيابة الإدارية بالقطاعات الحكومية للوقوف على الأسباب التى تؤدى إليها، ومنها قطاع الصحة، وقطاع المحليات الأكثر فساداً حسب نص التقارير، وقطاع التعليم، وعدد من المخالفات المرتكبة من قبل الموظفين العمومين.
التقارير تضمنت المعلومات الكاملة عن كل قطاع حكومى يعانى من أزمات على حدة، والأسباب التى أدت لارتكاب المخالفات ووقائع الفساد، وكان أولها تقرير مخالفات المحليات، وحصرا إحصائيا لوقائع التعدى على الأراضى الزراعية، والبناء على أراضى الدولة، والتقرير الرصدى لوقائع الإهمال الطبى ونماذج الفساد بقطاع الصحة، وأيضاً قطاع التعليم، مع وضع المقترحات التشريعية والعملية لمواجهة تلك المخالفات، والقضاء عليها فى كل القطاعات تحقيقاً للغاية المنشودة وهى «تطهير الجهاز الإدارى».
وقدمت هيئة النيابة الإدارية قبل تقاريرها شرحاً وافياً لدورها الذى قالت، إنه لا يقتصر على مباشرة التحقيق فى المخالفات المالية والإدارية فقط، بل تمتد رسالتها فى أسمى غايتها لتحديد أوجه القصور والخلل الذى أدى إلى حدوث هذه المخالفات، وتقديم الحلول القانونية والعملية الكفيلة بعلاج هذا الخلل والقصور.
كما قدمت عددا من المقترحات التى ترسم الطريق لمجتمع وظيفى يحقق آمال الشعب وطموحاته واحتياجاته، وبما تراه محققاً لإصلاح ما كشفت عنه التحقيقات من قصور فى نصوص بعض القوانين أو اللوائح أو التعليمات الإدارية، وبذلك تكتمل منظومة الرسالة التى تحملها النيابة الإدارية فى مكافحة الفساد المالى والإدارى بأجهزة الدولة ومرافقها، وهى الرسالة التى أوكلها لها قانون إنشائها باختصاصها بضبط أداء الحكم تحقيقاً للصالح العام وحماية المال العام وضماناً لحسن سير أداء المرافق العامة للدولة.
التعليم/ «الإخوان» يجبرون الطلبة على عدم احترام النشيد الوطنى وتسريب الامتحانات كارثة.. والتحرش الجنسى أقذر الجرائم
تضمن تقرير النيابة الإدارية السنوى عن عام 2014 الذى أعده كل من المستشار الدكتور محمود إبراهيم، والمستشار سعد خليل، عضوى إدارة مكافحة الفساد بالنيابة الإدارية، وقائع الفساد بقطاع التعليم، وصور ونماذج أوجه الخلل والقصور المتسببة فى ذلك، ومقترحات وطرق القضاء عليها وحل الأزمات.
ودونت النيابة بعض الملاحظات التى أرفقتها بالملف المرسل لرئاسة الجمهورية، إذ أكدت أن تقرير قطاع التعليم من واقع القضايا المقيدة عام 2014 لا يعنى بالضرورة أن المخالفات الواردة بها قد ارتكبت خلال هذا العام، بل إن التحليل الإحصائى لها يوضح ارتكاب معظم مخالفات هذه القضايا فى الأعوام السابقة على عام 2014 لوجود فترة زمنية بين وقت ارتكاب المخالفات، ووقت اكتشافها، ووقت انتهاء التصرف فيها.
أقذر المخالفات بالتعليم
وتلاحظ تنامى معدلات جرائم مخالفات الإهمال فى المحافظة على المال العام، خاصة المتعلقة بسرقة العديد من المدارس الحكومية حتى أصبحت ظاهرة تلقى بظلال من الشك على المختصين بالحراسة، وقد يرجع ذلك إلى الظروف الأمنية للبلاد فى بعض الفترات فى الآونة الأخيرة.
كما رصد التقرير استحداث صور جديدة للمخالفات، منها المتعلقة بالتحدث فى الأمور، والأوضاع السياسية، ومحاولات التأثير السياسى على الطالبات والطلبة داخل أروقة المدارس، والتحريض على عدم احترام السلام الجمهورى أو القانون، بشكل كان فى الغالب الأعم ما يصاحبه إكراه مادى أو معنوى، وهى ظاهرة جديدة على المجتمع الوظيفى يتعين القضاء عليها بكل صرامة، وتخصيص وقت العمل لأداء واجبات الوظيفة العامة بعيدًا عن معترك السياسة.
وعن انتشار التحرش الجنسى، والانتهاك الجسدى للطالبات، قالت النيابة الإدارية فى تقريرها لرئيس الجمهورية إن هذه الظاهرة الإجرامية المقيتة بكل ما فيها من انتهاك للآدمية والإنسانية والأخلاق والأديان، تكون أفدح وأعظم متى وقعت داخل مؤسسات تربوية وتعليمية تذهب إليها الطالبات أمانة فى أعناق مدرسيهن، فإذا بهن يتعرضن لانتهاك جسدى ونفسى ممن يفترض به حمايتهن.
وقالت النيابة إنها حققت فى 61 قضية كشفت عن وقوع تلك الجريمة - التحرش بالطالبات - من بعض المدرسين ضد بعض الطالبات القاصرات فى المدارس الإعدادية، بل والابتدائية أيضًا، بما يدق ناقوس الخطر حول أهمية مكافحة تلك الظاهرة بكل صرامة، خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار أن هذا العدد «61 قضية» هو رقم يقل كثيرًا عن الحالات الفعلية لوقوع الجريمة بسبب الإحجام عن الإبلاغ عن مثل تلك الجرائم لما لها من طبيعة خاصة
نماذج الفساد
وبحسب التقرير فإن النماذج الأكثر شيوعًا للصور الإجرامية والمخالفات المالية والإدارية والمسلكية داخل قطاع التعليم كانت كالتالى: المخالفات المتعلقة بصرف المكافآت والحوافز دون وجه حق، والازدواج فى صرفها، والمخالفات المتعلقة بتأليف الكتب المدرسية ومناهج التعليم، وتلقى تبرعات أو رسوم بالمخالفة للتعليمات، وتسريب الامتحانات، والتلاعب فى أوراق الإجابات، والتعاقد مع العديد من المدرسين بالمدارس دون وجه حق، وسرقة العديد من المدارس ومحتوياتها، وزيادة جرائم التحرش والانتهاك الجسدى بالطالبات، ومخالفات القبول بالمدارس التجريبية دون استيفاء شروط القبول، والعنف الجسدى واللفظى ضد الطالبات والطلبة.
روشتة حل الأزمات بالقطاع التعليمى
قدمت النيابة الإدارية للرئيس روشتة إصلاح منظومة التعليم الحكومى، للقضاء على الفساد ووقائع المخالفات التى رصدها التقرير، تضمنت 11 بندًا جوهريًا ترى الهيئة أنها كفيلة لتطهير قطاع التعليم من المخالفات، واحتوت على مقترحات بتعديلات تشريعية، وتفعيل بعض مواد القوانين.
وجاء نص المقترحات كالتالى:
صرف مكافآت الامتحانات:
وجوب الالتزام بأحكام القرار الوزارى رقم 365/1994 بتنظيم مكافآت الامتحانات، والمعدل بالقرار رقم 291/2001 الذى وضع إطارًا من القواعد الحاكمة للحد الأقصى للمكافأة، وعدد الأيام، وكذا الحد الأقصى لعضوية اللجان، وتحديد دور كل لجنة، والالتزام بالقواعد الموضوعية لصرف الحوافز والجهود غير العادية.
تأليف كتب ومناهج التعليم وطباعتها:
نقترح تعديل القرار الوزارى رقم 266/2007 بشأن اللائحة التنظيمية لإعداد الكتب والمطبوعات الدراسية بتضمينه الآتى:
- الالتزام بأحكام قانون المناقصات والمزايدات فى طرح عملية تأليف الكتب وطباعتها عن طريق المناقصة العامة، أو المحدودة، أو الممارسة، ويحظر اللجوء إلى الاتفاق المباشر، تحقيقًا لمبدأ الشفافية والمصداقية والمصلحة العامة، سيما وأن ذلك سوف يعطى الوزارة خيارات عديدة لتأليف الكتب عن طريق أساتذة الجامعات أو المختصين أو غيرهم، وذلك بعد أن تطرح المنهج المطلوب بدلاً من منح التأليف لأشخاص بعينهم بديوان الوزارة.
- يحظر نهائيًا الجمع بين أعمال وضع الخطة والمنهج الدراسى وأعمال التأليف والمراجعة، وأعمال لجان الفحص الفنى والنهائى للكتب.
- يتعين أن يتضمن القرار أن يكون المنهج الدراسى قائمًا على نظام الاستنباط، وإعمال العقل والتفكير، وليس نظام الاستقراء والتنميط، وصولًا لتحقيق طفرة تعليمية، وبما يكفل تكوين شخصية سوية للطلبة، بعيدة عن الغلو والتطرف.
تبرعات المدارس المخالفة:
نقترح أن تعلن وزارة التربية والتعليم عن الرسوم المستحقة فعليًا، وتلتزم المدارس بتعليق لافتات بقيمة هذه الرسوم، ومنع قبول تبرعات تحت أى مسمى، مع فتح وسائل اتصال فعالة وسريعة بين الإدارات والمديريات التعليمية، وأولياء الأمور، بما يمكنهم من الإبلاغ عن تلك الوقائع فى حينها، ومحاسبة مرتكبيها.
أزمة تسريب الامتحانات:
تتضمن روشتة القضاء عليها تطبيق ثلاث مراحل، الأولى تكليف أكثر من لجنة تضع كل منها امتحانًا، ثم يقوم الوزير المختص أو وكيل الوزارة الدائم باختيار أحد هذه الامتحانات، وبذلك لا تعلم أى لجنة منها الامتحان الذى وقع الاختيار عليه، كما يمنع تسريبه فى هذه المرحلة، والثانية يتم تحديد مجموعة عمل بالمطبعة لا تزيد على ثلاثة، لتتولى طباعة وتغليف كل امتحان، وذلك لحصر وتحديد المسؤولية، والثالثة هى وضع الآليات والضوابط لمنع تصوير ونشر الامتحان على مواقع التواصل الاجتماعى والإنترنت خلال أداء الامتحان.
التلاعب فى أوراق الإجابات:
قبل إجراء عملية التصحيح يتم تكليف مجموعة عمل من المدرسين للفحص الظاهرى السريع لأوراق الإجابات، واستبعاد كل ورقة بها علامة مميزة على أن يتم تصحيح الأوراق المستبعدة بمعرفة لجنة خاصة.
سرقة المدارس:
يتعين أن تكون الأماكن الموجودة بها هذه الأجهزة محاطة بأبواب وشبابيك حديدية لعدم إمكانية سرقتها، وتكثيف الحراسة على هذه المدارس، وتناوبها بشكل دورى.
جرائم التحرش والانتهاك الجسدى للطالبات:
توقيع أشد العقوبات الجنائية والتأديبية على مرتكبى هذه الجرائم، ومنعهم من التدريس أو التعامل مع الطلبة فور اكتشاف الواقعة، وتوفير الحماية القانونية للضحايا على الفور.
المحليات/ 7 آلاف مخالفة لأجهزة الحكم المحلى سمحت بالتعدى على الأراضى الزراعية
حصلت «اليوم السابع» على نص التقرير الخاص بفساد قطاع المحليات المقدم لرئاسة الجمهورية، والبالغ 11 صفحة، تضمنت التحليل الإحصائى لنماذج الفساد فى مخالفات البناء، والتعديات على الأراضى الزراعية بالبناء بدون ترخيص، والأسباب التى أدت إلى انتشار هذه المخالفات، والحلول العملية والقانونية الكفيلة بمكافحة أوجه الفساد، المتعلقة بمنظومة الإدارة، والموظف العام، والتعديل التشريعى المطلوب لعلاج أوجه القصور والخلل فى المحليات والزراعة.
وكشف التحليل الإحصائى لبعض صور ونماذج الفساد فى مخالفات البناء والتعديات على الأراضى الزراعية عن بلوغ عدد قضايا مخالفات البناء 4695 قضية، وعدد قضايا التعديات على الأراضى الزراعية 2685 خلال عام 2014.
وذكر التقرير تفاصيل التحليل الإحصائى الذى كشف أن عدد القضايا لا ينبئ عن عدد التعديات، فموضوع كل قضية ينطوى على العديد من المخالفات والتعديات، فضلا على انحسار المخالفات والتعديات عام 2014، خاصة النصف الثانى من العام مقارنة بعام 2013، ما يعنى وجود ارتباط وثيق بينها وبين الظروف الأمنية التى تمر بها البلاد حيث تزداد فى أوقات الاضطرابات.
وتبين وجود زيادة كبيرة فى المخالفات المتعلقة بإدخال المرافق للمبانى المخالفة دون وجه حق عن طريق إفادات أو شهادات أو معاينات مخالفة للحقيقة، ومن المتوقع زيادة هذه المخالفات فى المستقبل إلا إذا اتخذت الإجراءات والتدابير الكفيلة بمنعها، وانتشار أوجه ونماذج معينة من صور الفساد فى بعض المناطق أو الأحياء أو المحافظات دون غيرها، وهو ما يمكن تفسيره بأن ارتكاب نوع من المخالفات دون ردع سريع لمرتكبيها يؤدى إلى انتشار هذه المخالفات بأماكن ارتكابها، وهو ما يمكن تسميته «عدوى المخالفات».
وأكد التقرير أن أبرز أسباب مخالفات التعدى على الأراضى الزراعية هو عدم اتخاذ الإجراءات حيال التعديات، والتراخى فى اتخاذ الإجراءات حيال التعديات فى مهدها، وتحرير محاضر المخالفات بأسماء وهمية، وتوصيل المرافق للمبانى المقامة على الأراضى الزراعية دون وجه حق عن طريق معاينات أو إفادات أو شهادات مخالفة للحقيقة، وعدم تنفيذ قرارات الإزالة أو التنفيذ الصورى لها، فضلاً على تواطؤ المختصين بالإدارات المحلية أو الزراعية.
الحلول العملية والقانونية
بالنسبة للمحليات، نقل تبعية الإدارات الهندسية فنيًا وإداريًا إلى مديريات الإسكان التابعة لوزارة الإسكان بدلاً من المحليات التى تفتقد الكفاءة الهندسية والتخطيطية، وإعادة هيكلة جهاز التفتيش على أعمال البناء، وذلك بإنشاء فروع له فى جميع المحافظات، ومنحه مزيدًا من الصلاحيات للرقابة على أعمال الإدارات الهندسية، والتعاقد مع عدد كبير من المهندسين حديثى التخرج بكل محافظة، بموجب عقود تدريب لمدة ثلاث سنوات، تضمن عدم أحقيته فى التعيين بعد انقضاء هذه المدة إلا فى ضوء تقرير صلاحية، يتضمن أعماله وإنجازاته ودوره فى الحد من انتشار مخالفات البناء بدون ترخيص، وهو ما يسهم فى رفع كفاءة العمل وجديته بالإدارة الهندسية، ويكون من شأنه التغلب على قلة عدد المهندسين فى الأحياء، والتخلص من آفة الفنيين، وهو ما يؤدى فى المستقبل إلى إحلال جيل من المهندسين الجادين بدلاً من الحاليين الذين لا تجدى معهم أى منظومة إصلاح. وإنشاء لجنة مختصة بالإزالة فى كل حى، يكون لها مدير، وتضم مهندسًا ومقاولين وعمالًا، وتتولى التنسيق مع الشرطة، وتختص بإزالة المخالفات فى مهدها، كما تختص بتنفيذ المصادرة للآلات والمعدات ومواد البناء، الأمر الذى تقضى معه على المخالفات قبل أن تصبح بناء يصعب إزالته.
وتشكيل مجموعة عمل للمتابعة الميدانية تتبع رئيس الحى مباشرة، يتم توفير وسائل التنقل لها، وتختص بالمتابعة الميدانية لمناطق الحى يوميًا، خاصة أيام الجمعة والإجازات الرسمية، وتضع تقريرًا يوميًا بالمناطق التى قامت بمسحها، وفى حالة اكتشافها المخالف- ليس فى مهدها- تتم إحالة المهندس وفنى التنظيم المختص بالمنطقة للتحقيق بموجب هذا التقرير، وبذلك يكون لها دور رقابى، بالإضافة إلى دورها فى اكتشاف المخالفات.
إنشاء إدارة بالشؤون القانونية بالحى، تكون مهمتها تسجيل محاضر المخالفات، والتأكد من البيانات الواردة بها، من خلال متابعة المحاضر بقسم الشرطة والنيابة العامة، ومتابعة الدعوى الجنائية أمام المحكمة المختصة، وموافاة هيئة قضايا الدولة بالمستندات اللازمة فى هذا الشأن.
الحلول العملية
تطبق اللامركزية بمنح سلطة إصدار قرار بالإزالة إلى رئيس مجلس المدينة المختص، وفصل طلب الخدمة عن تلقيها، والتصوير الفوتوغرافى والفيديو للمعاينات وتنفيذ الإزالات، ومنع التصالح فى مخالفات البناء على أراض زراعية، وعدم إدخال المرافق لها، وعدم السماح بتركيب عداد كهرباء الممارسة لها، وربط أجهزة الدولة المعنية بتكنولوجيا المعلومات والمسح الجوى، وإصدار تعليمات بأن أحكام البراءة لا تعطى أحقية فى التصالح أو إدخال المرافق، وحرمان من يقومون بالبناء على أراض زراعية من الحصول على أى مزايا من الدولة، كالحصول على أسمدة أو قروض، أو على أراض زراعية أخرى، أو غيرها من المزايا التى تقررها الدولة للفلاحين.
تعديل قانون الزراعة
يتعين تعديل القانون رقم 116/1983 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53/1966، وذلك بمنح وزير الزراعة، والمحافظ، ورئيس الحى، ورئيس مجلس المدينة- حسب الأحوال- سلطة إزالة التعديات.
التصالح فى مخالفات البناء
وقدمت النيابة إلى رئاسة الجمهورية توصيات مهمة لضبط عملية التصالح فى مخالفات البناء، وذلك فى حال رأت الدولة أنه لا بد من إجراء التصالح فى بعض مخالفات البناء، إلا أنها شددت على حظر التصالح فى مخالفات البناء على أملاك الدولة، والبناء على الأراضى الزراعية، والمخالفات المتعلقة بسلامة البناء الإنشائية، والتعدى على خطوط التنظيم.
الصحة/ 594 واقعة إهمال طبى.. ورفض علاج للحالات الطارئة
حول الفساد بقطاع الصحة الحكومى، قالت النيابة الإدارية فى تقريرها المرفوع لرئاسة الجمهورية، إنه قد هالها حجم التحقيقات التى تناولت وقائع الإهمال الطبى، والتى بلغ عددها 594 قضية على وجه التحديد فى غضون عام 2014 فقط، مع التنويه بأن هذه الإحصائية خاصة بالقطاع الطبى الحكومى دون الخاص.
وأوضحت أنه رقم ضخم للغاية، إذا أخذنا فى الاعتبار خطورة تلك الجريمة، وارتباطها بحياة المريض، فضلًا على وفاة العديد من تلك الحالات نتيجة لهذا الإهمال، فيما بدا كظاهرة تفصح عن نفسها من إهمال جسيم فى أحد أكثر القطاعات مساسًا بالمواطن وتأثيرًا.
نماذج الفساد بالقطاع الصحى
تمثلت نماذج وصور الفساد بالقطاع الصحى فى التأخر فى تقديم التدخل الطبى، ويرجع ذلك لأسباب عدة، منها عدم الوجود فى المستشفيات أو الوحدات الصحية خلال النوبتجية، وعدم الالتزام بمواعيد العمل، والتأخير فى تقديم الرعاية الطبية، والتدخل الطبى لها دون مبرر، والتدخل الطبى المخالف للأصول والأعراف الطبية، والإهمال فى تقديم الرعاية الطبية والمتابعة بعد إجراء التدخل الطبى.
كما تضم قائمة الفساد رفض استقبال الحالات المرضية الطارئة من قبل المستشفيات الخاصة، بالمخالفة لقرار رئيس مجلس الوزراء باستقبال تلك الحالات لمدة 48 ساعة، فيما يعد مخالفة صريحة لنص المادة 18 من دستور مصر، وتلاحظ تنامى هذه الظاهرة فى مطلع العام الحالى بشكل ينذر بضرورة مواجهتها بمنتهى الحسم، لما فيها من انتهاك صارخ لحق المواطن الدستورى.
كما تضم ممارسات الفساد تدنى مستوى النظافة العامة والسلامة الصحية بالمستشفيات العامة بشكل بات يشكل تهديدًا لصحة المرضى وسلامتهم، والفوضى العارمة التى شملت عملية إصدار قرارات العلاج على نفقة الدولة، حتى كشفت إحدى القضايا فقط عن صدور تلك القرارات بمبالغ قدرت بـ 253 مليونًا و740 ألف جنيه، بتزكية من أعضاء مجلسى الشعب والشورى المنحلين، لأفراد غير مستحقين للعلاج على نفقة الدولة، لتمتعهم بنظام علاجى آخر، ودون العرض على اللجان الثلاثية بالمستشفيات طبقًا لأحكام القرارات المنظمة لعمل المجالس الطبية.
هناك أيضًا المخالفات المتعلقة بالتلاعب فى منح الإجازات المرضية لمنتفعى التأمين الصحى دون وجه حق، وتردى الحالة الأمنية لبعض المستشفيات، مما سمح لأهالى المرضى بالتعدى على الأطباء وهيئة التمريض بالمستشفى، ما كان يترتب عليه أحيانًا امتناعهم عن تقديم الخدمة الطبية خوفًا على حياتهم، والتلاعب فى منح الإجازات المرضية بشكل مخالف للقانون، وامتناع المكلفين من الأطباء والتمريض عن تسلّم العمل بجهات التكليف.
الحلول العملية والتشريعية
الإهمال الطبى:
إصدار قانون يتضمن تحديد حالات الإهمال، والأخطاء الطبية التى تشكل جريمة جنائية، وفقًا للمعايير المهنية والأصول الطبية، مع وضع حد أدنى للإجراءات والرعاية اللازمة قبل التدخل الطبى أو فى أثنائه أو بعد إجرائه، مع تحديد قاطع للمسؤولية الناجمة عن حالات الإهمال والخطأ الطبى.
ثانيًا: الربط التكنولوجى بشبكة المعلومات «الإنترنت » بين كل من الهيئة العامة للإسعاف، وجميع المنشآت الصحية التى تقدم الخدمة الطبية، للوقوف على الأقسام والخدمات الطبية التى تؤديها، والأماكن الشاغرة بها سواء بالعناية المركزة أو الأسرة أو غيرها، حتى تتمكن الهيئة من توجيه سيارات الإسعاف إلى أقربها.
الحالات الطارئة:
وضع آليات جادة لتنفيذ قرار رئيس الوزراء، والنص الدستورى للمادة رقم 18 من الدستور المصرى بإلزام المستشفيات الحكومية والخاصة بتقديم الرعاية الطبية مجانًا لحالات الطوارئ والحوادث خلال 48 ساعة، وذلك عن طريق الرقابة، وتفعيل العقوبات المقررة فى هذا الشأن، والتى قد تصل إلى غلق المنشأة الطبية، فضلًا على محاسبة المسؤول عن حالات الامتناع جنائيًا وتأديبيًا بخلاف مسؤوليته المدنية.
نظافة المستشفيات:
الرقابة الدورية الصارمة على معايير النظافة داخل المنشآت الطبية، مع اتخاذ عقوبات رادعة ضد المنشآت المخالفة، والمسؤولين عنها متى ثبت عدم توافر تلك المعايير.
إصلاح منظومة العلاج على نفقه الدولة:
تفعيل وتنظيم العلاج المجانى بالمستشفيات، والمراكز الحكومية للحد من اللجوء إلى العلاج على نفقة الدولة، ومراعاة أن يكون العلاج على نفقة الدولة مقصورًا على غير القادرين الذين لا يستطيعون دفع تكاليف العلاج للحالات المرضية التى يتطلب علاجها مبالغ ضخمة، كعمليات زرع الأعضاء، ووضع بروتوكول يحدد أسعار التعامل مع المستشفيات الحكومية والمستشفيات الخاصة، تكون ملزمة لجميع الأطراف، ولا يجوز تجاوزها مع إعادة النظر فيها كل فترة زمنية.
المتحدث باسم النيابة الإدارية: 150 ألف قضية فساد فى عام 2014
«مصر تخوض حربًا شرسة على جبهتين، لا تقل واحدة منهما عن الأخرى حدة.. الحرب على الفساد أكثر ضراوة من مكافحة الإرهاب، والقيادة السياسية تمتلك الإرادة الكاملة لتطهير الجهاز الإدارى للدولة من المخالفين».. بهذه وصف المستشار محمد سمير، المتحدث الرسمى باسم هيئة النيابة الإدارية، الجهود المبذولة للقضاء على الفاسدين بمؤسسات الدولة.
وقال المتحدث الرسمى باسم هيئة النيابة الإدارية- فى حوار خاص مع «اليوم السابع»- إن الدولة المصرية تخوض حربًا شرسة على جبهتين متوازيتين، لا تقل واحدة منهما عن الأخرى حدة، الأولى هى الحرب على الإرهاب، والثانية مكافحة الفساد بجميع صوره داخل الجهاز الإدارى للدولة.. وإلى نص الحوار:
حدثنا عن دور النيابة الإدارية فى مكافحة الفساد؟
النيابة الإدارية إحدى الهيئات القضائية المختصة بالتحقيق فيما يحال إليها من الأجهزة الرقابية، وشكاوى المواطنين، أو ما يتصل به علمها من مخالفات ارتكبها العاملون المدنيون بالدولة والقطاع العام من شاغلى الوظائف العليا، والرقابة على تنفيذ الموازنة العامة ومخالفات الإهمال أو التقصير الذى يترتب عليه ضياع حق من الحقوق المالية للدولة أو الأشخاص.
هل تواجه الهيئة أى معوقات لتحقيق دورها الرقابى على مؤسسات الدولة؟
بالرغم من الحرب الشرسة التى تخوضها الدولة المصرية الآن فى جبهة مكافحة الإرهاب، فإن القيادة السياسية تمتلك إرادة حقيقية لتطهير الجهاز الإدارى من أى مخالفين.
ما مظاهر دعم القيادة السياسية لحربكم ضد الفساد؟
رئيس الجمهورية يتلقى تقارير بصفة دورية حول وقائع الفساد والمخالفات التى رصدتها الهيئة، ومقترحات مواجهتها لتطبيقها، كما أكد الرئيس خلال حلف رئيس الهيئة لليمين، تقديره لقيمة النيابة الإدارية، ودعمه معنوى للهيئة فى الحرب ضد الفساد، وتأكيد على وجود الإرادة السياسة لمكافحة الفساد، باعتبار أنه لا يمكن مكافحة الفساد إلا بتوجه الدولة، والوقوف قلبًا وقالبًا مع جميع الأجهزة القضائية والرقابية للقضاء عليه.
ما آخر نتائج جهود الهيئة فى مكافحة الفساد؟
جهود النيابة الإدارية معلومة للجميع، وتعرض على مؤسسات الدولة المختصة، والرئاسة، ووسائل الإعلام بشكل متواصل، ونجح أعضاؤها فى تحقيق رقم كبير فى حربها ضد الفساد، ففى عام 2014 فقط بلغ عدد القضايا 150 ألفًا و136 قضية بجميع المحافظات، تنوعت بين مخالفات إدارية ومالية للعاملين بمؤسسات الدولة، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية والتأديبية بحقها وفقًا لما نص عليه القانون، فالهيئة النيابة الإدارية برئاسة المستشار سامح كمال وضعت خطة تطوير لتحقيق العدالة الناجزة، والتصدى للخروج على مقتضيات الوظيفة العامة، ومحاربة كل مظاهر العدوان على المال العام بجميع المؤسسات، وحماية الاستثمارات أيضًا لخلق مناخ جاذب له، والنتائج التى حققها أعضاء الهيئة خلال الفترة الماضية خير شاهد على التطوير.
كيف وصلت مؤسسات الدولة إلى هذا الرقم المخيف، وبماذا ستواجهه؟
الفساد أصبح الأصل، والاستثناء هو النزاهة، لأن المواطن اقتنع أن حاجته لن تقضى إلا بالفساد، وأن الموظف العام اعتاد الفساد، فتحولت المخالفات إلى عادة يجب تغييرها بكل قوة، فضلاً على غياب الحساب فى الماضى بسبب غياب الرؤية والإرادة السياسية، والثغرات التى تملأ القوانين.
المواجهة بدأت بالفعل عن طريق تفعيل الأدوار، وجهود الجهات الرقابية لضبط الفساد، وإسراع الهيئات القضائية للتحقيق.
ألا يثير هذا الرقم مخاوف المستثمرين؟
بالعكس.. دور النيابة الإدارية هو أكبر داعم لجذب الاستثمارات، باعتبار أن مكافحة الفساد، والتصدى لمخالفات العاملين بالجهاز الإدارى، يحققان معادلة الحفاظ على المال العام، وتوفير الخدمات المؤسسية بانضباط، فضلاً على إنشاء وحدة مختصة بقضايا الاستثمار لتحقيق العدالة الناجزة وحمايتها، وإزالة أى عقبات قد يواجهها المستثمرون.
وتختص وحدة «قضايا الاستثمار» المستحدثة باتخاذ إجراءات الفحص والتحقيق فى شكاوى المستثمرين ضد المختصين بالجهات الإدارية، متى تعلقت بالمشروعات الاستثمارية، أو بتطبيق أحكام قانون ضمانات وحوافز الاستثمار ،والتحقيق فى بلاغات الجهات الرقابية والجهات الإدارية بشأن الوقائع التى تمس مناخ الاستثمار، ومتابعة قرارات اللجنة الوزارية لفض منازعات الاستثمار والتحقيق فى الوقائع المتعلقة بالامتناع أو التراخى فى تنفيذها، والتحقيق فى وقائع الامتناع عن تنفيذ الأحكام الصادرة فى الدعاوى ذات الطابع الاستثمارى.
ما وسائل النيابة الإدارية لرصد المخالفات وتشجيع الموطنين للإبلاغ عنها؟
هناك 6 وسائل فعالة لرصد وقائع الفساد والمخالفات تتبعها هيئة النيابة الإدارية، منها القضايا التى تحال من الرقابة الإدارية، والبنك المركزى، والجهاز المركزى للمحاسبات، والبلاغات المقدمة من المواطنين، حيث تم توفير خدمة الخط الساخن 16117 على مدار 12 ساعة يوميًا من 8 صباحًا حتى 8 مساء، الخط يعمل منذ 4 سنوات وفى 2014 تسلمنا 3901 شكوى عبره، تم التصرف فيها بنسبة 100 %، فى النصف الأول فقط من 2015 تلقينا 3526 شكوى، بالإضافة إلى الصفحة الرسمية للنيابة الإدارية، وتعمل عن طريق تسليم البلاغات مرفقة بالصور والمقاطع المسجلة، فضلاً على متابعة كل وسائل التواصل الاجتماعى والإعلام لرصد أى وقائع تشكل جريمة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة