شيخ الأزهر يرد على سؤال حول موقف الإسلام من الأضرحة المدفون فيها الأولياء: جسد الإمام على بن أبى طالب ليس فى مكانه الذى يزوره الشيعة.. ويكفى فصل مواقع القبور فى المساجد عن القبلة بأى حاجز ملائم

الأحد، 13 سبتمبر 2015 07:34 ص
شيخ الأزهر يرد على سؤال حول موقف الإسلام من الأضرحة المدفون فيها الأولياء:  جسد الإمام على بن أبى طالب ليس فى مكانه الذى يزوره الشيعة.. ويكفى فصل مواقع القبور فى المساجد عن القبلة بأى حاجز ملائم د. أحمد الطيب شيخ الأزهر
كتب لؤى على

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رد الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، على سؤال حول موقف الإسلام من الأضرحة المدفون فيها الأولياء، قائلا: "الأصل أنَّ الدفن يكون فى المقابر، وأنَّ هذه المقابر عرفها الإنسان منذ أن علَّم الغراب القاتل من ابنى آدم كيف يوارى سوءة أخيه، وعرفت الأمم تكريم أنواع من الأموات الذين يقتلون فى سبيل قضايا عامَّة، أو يكون لهم مواقع متميزة لدى أممهم وشعوبهم أن تحتفل بهم".

وأوضح أن تميِّز قبورهم ببعض العلامات نوعًا من التكريم، وأحيانًا تكون للإهانة، أمَّا أماكن العبادة من مساجد وبيع وصوامع وكنائس فيفترض أن تكون أماكن للعبادة لا لدفن الموتى، والإسلام قد حرص الحرص كله على أن يميِّز منذ البداية بين المقبرة والمسجد؛ لأنَّ الدروس التى أخذها من بعض الأمم وذكرها القرآن المجيد: أنَّ القبر حينما يكون فى المسجد قد يؤدى إلى بعض المشكلات، فالناس كلها ترى فى أمواتها أخيارًا يستحقون التكريم، وميت بنى فلان لا يكون أكرم عند الله من ميت بنى علان، فلمَ يدفن ميتك فى مسجد، ويذهب بميتى إلى المقبرة، ففتح هذا الباب فتح لباب ينفى المساواة بين الأموات التى عائدها على الأحياء، وهو مدعاة لإثارة فتن وتنافس.

وأضاف شيخ الأزهر:" إذا اختلط المسجد بالمقبرة فقد يأتى زمن لا يفرق الناس فيه بين ما هو مسجد وما هو مقبرة، وقد ذكر لنا القرآن أنَّ هناك من أله بعض الصلحاء؛ لأنَّه وجد فى قبورهم صورًا لهم وأسماء معلقة فى معابد: ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ (نوح:23)، وتلك جريمة وخطأ كبير. وقد يعظم الناس أصحاب قبور لا يستحقون التعظيم، والعكس من ذلك، فنحن نعرف أنَّ طاهر ابن الربيع مدير شرطة المأمون الخليفة العباسى الذى قتل أخاه الأمين وسحل جثته من الرصافة إلى الكرخ، هذا الشرطى طاهر بن الربيع بنى الناس على قبره مسجدًا اسمه مسجد الإمام طه، فى منطقة باب الشيخ فى بغداد، وهو لم يكن إلا طاهر بن الربيع شرطى المأمون، الذى قتل أخاه الأمين".

وتابع الإمام الأكبر:"ونعرف كذلك أنَّ الإمام على بن أبى طالب -رضى الله عنه وأرضاه- نتيجة ظروف الفتنة دفن سرًا وليلًا فى وادى الغرى الذى هو فى منطقة النجف، وأنَّ موقع قبره لم يحدد بحسب المكان الذى دفن فيه جسده الطاهر، بل ترجح كثير من المصادر أنَّه مدفون فى وادى الغرى الفسيح، ولكن ليس فى ذلك المكان الذى يزوره الناس اليوم، والإمام فخر الدين الرازى المفسر الشهير الذى توفى سنة 606 هجريًّا حينما حضرته الوفاة أمر طلابه وأبناءه بأن يدفنوه ليلًا وسرًا خوفًا من أن تنبش الكرَّاميَّة قبره ويحدث له ما يحدث، ويعرف أنَّه دفن فى هراة فى أفغانستان إلى جانب جبل، لكن لا يستطيع أحد تحديد ذلك الجبل وذلك القبر".

وأشار إلى أن القصص كثيرة جدًا فى هذا الأمر؛ ولذلك فإنَّ الأولى أن يدفن الناس فى مقابر المسلمين، ووفقًا للسنَّة النبويَّة المطهرة، وأن لا تتخذ القبور مساجد، وفى الوقت نفسه لئلا تثار فتن جديدة نحن فى غنى عنها فيمكن أن يقطع الجزء الذى فيه قبر داخل مسجد عن المسجد، ويلحق بمقبرة وتقطع صلته بموقع الصلاة، خروجًا من مخالفة النص القرآنى الظاهر: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ (الجن:18)، فالمسجد ينبغى أن يكون مسجدًا، والمقبرة مقبرة، ويمكن فعل ما ذكرنا وفى الأماكن التى يمكن أن تنقل فيها القبور إلى مقابر المسلمين دون عنت أو مشقة يجرى نقلها بكل احترام وتقدير إلى مقابر المسلمين، ويبقى المسجد مسجدًا، خالصًا لذكر الله: ﴿فِى بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ﴾ (النور:36-37)، أمَّا إذا كانت هناك صعوبات، ويخشى من الاستغلال، ووقوع فتن ومشاكل، فيمكن بناء الجدر الفاصلة بينها وبين المسجد، وأن تكون لها مداخل للزائرين تخصها خارج المسجد، يدخل الزائرون منها ويخرجون كما حدث فى مسجد السيدة زينب فى مصر

وأوضح أن جسد سلمان الفارسى وحذيفة بن اليمان من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، نقلا من مدافنهم فى العراق بالقرب من بغداد فى عشرينيَّات القرن الماضى، وهى قصة شائعة بين علماء بغداد حيث وافقت لجنة من العلماء على حفر القبرين ونقل الجثمانين إلى قبور جديدة بعد أن وصلت مياه دجلة إلى قريب من القبرين، وخاف الناس أن تذهب المياه بجثتيهما -رضى الله عنهما، والله أعلم.

وشدد على أن الأمر أيسر من أن يتحول إلى فتنة من الحين والآخر، فيكفى أن تفصل مواقع القبور فى المساجد التى فيها قبور عن مسجد الصلاة وموقع القبلة بأى حاجز ملائم، يجعل موقع الصلاة خالصًا للصلاة، لا يستطيع أحد أن يقول: إنَّ الناس يصلون فى مقبرة أو يتجهون إلى القبر أو ما شاكل ذلك، وأمَّا قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فلم يكن جزء من المسجد عندما دفن فيه (صلوات الله وسلامه عليه)؛ لأنَّه دفن حيث توفى فى منزل أمنا عائشة -رضى الله عنها، الذى لم يتسع إلا لثلاثة قبور قبر سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقبرى صاحبيه وخليفتيه من بعده أبى بكر الصديق، وعمر بن الخطاب الذى آثرته أمنا -رضى الله عنها- بالمكان الذى كانت تريد أن تدفن فيه إلى جانب زوجها وأبيها، ودفنت -رضى الله عنها- مع أمهات المؤمنين فى بقيع الغرقد.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة