مصطفى عنبر

اغتصاب سوريا لدرجة الإعياء

الثلاثاء، 26 يناير 2016 10:45 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أعلم أن كلمات عنوان مقالى قد تؤذى مسامع الكثير، خصوصا أبناء سوريا الذين يحبون بلدهم ويعتزون بها ونحن أيضا، لكنى لم أجد فى الكلمات "الاستحسانية" التى تصف كآبة الوضع فى سوريا من سفك دماء وتشريد وجوع، سبيل لتحريك نخوة العرب تجاه أرض وشعب شقيق ضاع بأيدينا وتفرقت دماؤه بيننا.

نعم سوريا تُغتصب أرضا وشعبا كل يوم وتستباح حرمتها وسيادتها بلا حياء وعلى مسمع ومرأى من أهلها والعرب أجمع، وتحولت أرضها لساحة لتصفية الحسابات وحرب بالوكالة بين دول إقليمية ودولية ذات نفوذ، وحقل تجارب للأسلحة الجديدة من قبل صانعيها، وتبدلت ديموغرافيا المكان وهاجر أهل سوريا بيوتهم وجاء غيرهم من خارج سوريا ليسكنوها، ولم تصمت آلة الموت لحظة بل تحصد أرواح العشرات كل يوم.

وللأسف، كل هذا يحدث لبلد عربى شقيق لم يجد من يشفق أو يحنو عليه، حتى جيرانه تركوه يواجه مصيرا لم يقبلوه يوما على أنفسهم، فكيف يا معشر العرب ونحن عرب - إن صح التعبير - نقبل التنكيل ببلد وشعب يجمعنا به لسان واحد وجلدة واحدة، ونجتمع معه أيضا فى الأصل والدين والموطن؟

ومع كل ذلك لم يسلم المواطن السورى الذى قصف بيته أو دُمرت سبل العيش له ببلاده، من حواجز المرور لبلاد أخرى هربا من القتل أو الجوع، فهناك حاجز يصادر ما يحمل، وآخر يطلب رشوة مقابل السماح له بالمرور، وثالث يجرى له اختبارا يتعلق بعدد الركعات فى كل صلاة، وماذا يقرأ بها من آيات القرآن، وقد يتعرض للقتل إذا أخطأ.. ومن النادر وجود حاجز يترك الناس يمرون بسلام.

وبرغم كل هذا، لم تجد جامعة الدول العربية التى أصفها بـ"بيت الحكام العرب" وليس كما يصفها البعض بـ"بيت العرب"، ولو "ربع سبيل" لإنهاء هذه الدراما المأساوية التى تمتد لعامها الخامس، فالدول الأعضاء بالجامعة دائما مختلفون لا يجمعهم سوى التصفيق على كلمة أحدهم أو الترحيب بضيف جديد، فصار اجتماعاتهم سببا فى حفظ أفرادهم، وصار اختلاف أفرادهم سببا فى اجتماعهم.

نجح الغرب أن يُدخل سوريا فى دوامة كبيرة ضاعت فيها أهداف ثورتها وحلم شبابها فى التغيير، وانقسمت سوريا أرضا وشعبا وأصبح وحدة شعبها سراب، حتى الفصائل المسلحة التى تتقاسم الأرض السورية لم تعد تعرف لماذا تحارب، فقد نسيت فصائل المعارضة أنها تريد إسقاط النظام، كما نسيت قوات النظام أنها تهدف لاستمراره، وأصبحت كل مجموعة تعتقد أن مهمتها هى القضاء على الفصيل المجاور لها.

وبرغم الصورة القاتمة التى نراها الآن فى سوريا إنما يبقى لنا كعرب بريق أمل لا بد أن نتمسك به ونسعى لنجاحه، ألا وهو المفاوضات السورية المقبلة بجينيف بين النظام والمعارضة برعاية دولية، فنجاح هذه المفاوضات بمثابة طوق النجاة لسوريا والسوريين وبداية جديدة يحكمها المصلحة العليا للوطن، أو أن تفشل المفاوضات ويظل الوضع كما هو عليه فى سوريا، ونعلن الحداد على "نخوة العرب".








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة