حــســــن زايـد يكتب: إعادة قراءة خــريـطــة الـعـلاقـات الــعــربـيــة قبل فوات الأوان

الجمعة، 08 يناير 2016 04:18 م
حــســــن زايـد يكتب: إعادة قراءة خــريـطــة الـعـلاقـات الــعــربـيــة قبل فوات الأوان ورقة وقلم

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لقد كشف إعدام النمر مخبوء نفس السلطة القائمة فى طهران، وهو ما كان معلومًا ومكشوفًا دون مواربة، وإن كان البعض قد مارى فى ذلك. كما كشف أيضًا مخبوء نفس السلطة القائمة فى العراق، وأفصح بجلاء عن انتماء هذه السلطة، وتوجهاتها، وانحيازاتها. كما وقد أماط اللثام عن الوجه الحقيقى لحزب الله فى لبنان، وانحيازاته اللاعروبية، وعلة تدخله السافر فى سوريا، ليس انحيازًا للنظام القائم فيها فقط، وإنما انحيازًا للتوجهات الإيرانية فى المنطقة كما انكشف بذات القدر ـ فيما قبل ـ مخبوء نفس السلطة التركية ـ الإخوانية ـ بقيامها باحتلال محافظة الموصل، تحت دعاوى وذرائع باطلة، لا تنهض فى مواجهة الأطماع التركية فى العراق، التى بدت ظاهرة للعيان.

وقد تعرى فى خضم ذلك موقف السلطة القطرية، ووضعها تحت الشمس حتى يرى من بعينه رمد. أتى ذلك فى ظل الأوضاع العربية السائلة، على كافة الأصعدة، بعد ما عرف بثورات الربيع العربى، التى كانت وبالاً على المنطقة بأسرها. والأمر ليس أمر إعدام النمر، وإنما أريد بحالة النمر تفجير الأوضاع داخل المملكة السعودية كمقدمة لتفجير الأوضاع فى بقية الدول العربية من ناحية، وحالة الوصاية التى تريد إيران فرضها على البلاد العربية؛ بدعوى حماية الأقليات الشيعية فيها. إذن إيران تسعى إلى جعل وجود هذه الأقليات خنجرًا فى خاصرة الأنظمة العربية، وابتزازها، وإخضاعها، وتنصيب نفسها شرطيًا للمنطقة، باعتبارها قوة إقليمية مرهوبة الجانب.

ولعل فى الاتفاق النووى بين إيران والجانب الأوروبى الأمريكى ما يحمل تهديدًا للأمن القومى العربى، لأنه بالضرورة ليس موجهًا ضد إسرائيل. كما أن ارتباط ظهور المذهب الشيعى، كمذهب فقهى، كان مرتبطًا بحالة سياسية ليس لها علاقة بالدين من الأساس. فإن إثارة الغبار حول حالة إعدام النمر، باعتبارها حالة دينية، يترتب عليها زوال ممالك ودول، وظهور المهدى المنتظر، وصناعة حسين آخر، بخلاف الحسين بن على رضى الله عنهما، وتوظيفه لخدمة أغراض سياسية، لهو أداء مفضوح يتناغم مع مخططات أورو/ أمريكية؛ لإعادة رسم خريطة سايكس/ بيكو، التى لم تعد تتوائم مع منطق سيادة وهيمنة الحضارة الغربية على مقدرات الكون، ولعل فى الموقف الغربى/ الأمريكى الرمادى الباهت من الاعتداء على السفارة السعودية فى إيران- رغم مخالفته للمواثيق والأعراف الدولية- خير شاهد على ذلك. والدعوة إلى التصالح المذهبى بين السنة والشيعة- والتى يدعو لها البعض- ضرورة حياة، ولكن بعيدًا عن الاختلالات الهيكلية فى المذهب الشيعى، وكذا بمنأى عن اللوثة السياسية التى تفسد قضايا الدين.

وقد كشف إعدام النمر أيضاً موقف القيادة العراقية من الملف العروبى، والانحياز السياسى الواضح من جانب القيادة العراقية لتوجهها المذهبى، وقد كشف نور المالكى رئيس الوزراء العراقى السابق عن هذا التوجه، ليدرك العرب ـ بعد فوات الأوانن وربما بمساعدة بعضهم ـ أنهم قد سلموا العراق تسليم مفتاح لنظام الحكم الإيرانى، ولعل ما فعله الشيعة فى سُنَّة العراق، كان فى جانب منه، أحد أهم أسباب ظهور تنظيم داعش بتوحشه المرئى والمُحس والمُعاش. وقد كشف كذلك الوجه الحقيقى لحزب الله اللبنانى، ذلك الحزب الذى صفقت له جماهير العرب على اختلاف مذاهبهم الدينية، وتوجهاتهم السياسية، حين أجبر قوات الاحتلال الإسرائيلى على الجلاء عن جنوب لبنان، ثم اتضح مع الوقت أنه يعمل لحساب الأجندة الإيرانية، وقد تكشف ذلك من خلال ما قام به فور تفجر أزمة النمر من اعتداء على الجانب الإسرائيلى، بعد فترة خمول وكسل جهادى، بقصد تفجير المنطقة، ولفت الأنظار عن إحراق السفارة السعودية فى طهران.

وما كان انحيازه إلى جانب نظام الأسد فى سوريا إلا انحيازًا مذهبيًا دينيًا محضًا ـ مع تحفظى الشديد على التصنيف المذهبى فى إطار العمل السياسى ـ بعيدًا عن الحفاظ على الدولة السورية ومؤسساتها، شأنه فى ذلك شأن ربيبته إيران؛ لأنه لو كان يعمل من منطلق سياسى محض باعتباره فصيلًا وطنيًا، لما عطل انتخاب رئيس لجمهورية لبنان على مدار الفترة الماضية. وفيما قبل ذلك، قامت تركيا باحتلال الموصل العراقية لتكشف الأطماع التاريخية لأردوغان فى المنطقة العربية، وأحلام إعادة ربقة السلطنة العثمانية إلى الرقاب العربية؛ بدعوى إعادة إحياء الخلافة الإسلامية. كل ذلك باسم الدين واستغلالاً له، وركوباً لموجته، وحياته فى القلوب، وليس كلامى دعوة لإقصاء الدين عن الحياة السياسية، وإنما هو إقصاء للسياسة عن الدين، والبون بين الموقفين شاسع. أما عن الموقف القطرى فقد تعرى تمامًا، ولم يتبق من ورقة التوت ما يستر سوءته، إن لم تكن قد سقطت تمامًا. وأنا أتصور أن الموقف العربى الراهن، لابد أن يدفع العرب جميعًا إلى فرش خرائط العلاقات العربية على الطاولة، سواء أكانت العلاقات العربية / العربية ، أو العربية / الإقليمية، أو العربية الدولية، لعل فى إعادة قراءتها ما يفيد الحاضر والمستقبل العربى. فهل إلى إعادة القراءة من سبيل؟!









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة