كانت الساعة الخامسة بعد الظهر فى مثل هذا اليوم «29 أكتوبر 1956» حين بدأ الهجوم الإسرائيلى على سيناء.
كان موعد الهجوم تنفيذا لاتفاقية «سيفر»، التى تمت بين رئيس الوزراء الإسرائيلى «ديفيد بن جوريون» و«جى موليه» رئيس وزراء فرنسا و«سلوين لويد»، وزير خارجية بريطانيا، وعرفت باسم «سيفر» نسبة إلى مكان الاجتماع فى فرنسا، وهدفت إرغام مصر على تراجعها عن قرار تأميم قناة السويس الذى أعلنه جمال عبد الناصر فى ميدان المنشية بالإسكندرية يوم 26 يوليو 1956، وحسب محمد حسنين هيكل فى كتابه «ملفات السويس»، فإن بن جوريون» فى نهاية الاجتماعات، التى عقدت لهذا الغرض، أصر على كتابة الاتفاقية على ورقة يوقعها الأطراف، وبالفعل تمت صياغتها فى ورقتين وقعهما بن جوريون «عن إسرائيل، وكريستيان بينو» عن فرنسا، والسير «باتريك دين» عن بريطانيا، واتفق الجميع على سريتها، وبعد كتابتها والتوقيع عليها طبق «بن جوريون» نسخته مرتين ووضعها فى جيب «جاكتته» الداخلية، قائلا: حققنا هنا فى «سيفر» جميع أهداف إسرائيل».
نصت الاتفاقية على: 1- فى مساء يوم 29 أكتوبر 1956 تشن القوات الإسرائيلية هجوما واسع النطاق على القوات المصرية بهدف الوصول إلى منطقة قناة السويس فى اليوم التالى. 2- عندما تعرف الحكومتان البريطانية والفرنسية بهذه التطورات توجهان يوم 30 أكتوبر نداء إلى الحكومتين المصرية والإسرائيلية نصه:
-إلى الحكومة المصرية: -وقف إطلاق نار كامل– سحب كل القوات المسلحة إلى مسافة عشرة أميال بعيدا عن قناة السويس-القبول بصفة مؤقتة باحتلال المواقع الرئيسية على القناة بواسطة قوات بريطانية فرنسية، لضمان حرمة المرور فى القناة بكل البواخر من كل الأمم، وإلى حين وصول ترتيبات نهائية مضمونة.
- إلى الحكومة الإسرائيلية: -وقف إطلاق نار كامل- سحب قواتها المسلحة مسافة عشرة أميال إلى الشرق من القناة.
3-تخطر الحكومة الإسرائيلية بأن الحكومتين البريطانية والفرنسية طلبتا إلى حكومة مصر أن توافق على الاحتلال المؤقت للنقط الرئيسية على قناة السويس، بواسطة قوات بريطانية وفرنسية، وإذا رفضت أى من الحكومتين هذا النداء، أو إذا تأخرت فى إعلان موافقتها عليه خلال 12 ساعة، فإن القوات البريطانية الفرنسية ستتخذ الإجراءات الضرورية للتأكد من قبول طلباتها.4-إن حكومة إسرائيل لن تكون مطالبة بقبول شروط النداء المرسل إليها فى حال إذا ما تأخرت الحكومة المصرية فى قبول النداء الذى تتسلمه.
-5إذا لم تستجب الحكومة المصرية إلى شروط النداء فى الموعد المحدد، تقوم القوات البريطانية الفرنسية بالهجوم على القوات المصرية فى الساعات الأولى من صباح 31 أكتوبر.
6-للحكومة الإسرائيلية أن تبعث بقواتها لاحتلال الشواطئ الشرقية لخليج العقبة وجزر تيران وصنافير لكى تضمن حرية الملاحة فى الخليج -7إن إسرائيل لن تقوم بمهاجمة الأردن فى فترة العمليات ضد مصر، وإذا حدث أن قام الأردن بمهاجمة إسرائيل خلال هذه الفترة فإن الحكومة البريطانية لن تساعد الأردن.
جاء الهجوم الإسرائيلى على سيناء كخطوة أولى فى تنفيذ هذه الاتفاقية السرية، وطبقا لـ«هيكل» بدأ الهجوم بتقدم اللواء السابع المدرع فى اتجاه موقع «الكونتيلا»، وبعد خمس دقائق من بدئه تلقى جمال عبد الناصر أول نبأ عنه وحملته وكالة الأنباء الأمريكية «يوناتيد برس»، وكان فى بيته يشارك فى احتفال عيد ميلاد ابنه عبد الحميد، وتتذكر زوجته السيدة تحية كاظم فى مذكراتها ذكريات معه «دار الشروق- القاهرة» فى يوم 29 أكتوبر سنة 1956 كان عيد ميلاد ابنى عبد الحميد.. كان الرئيس موجودا فى البيت فى مكتبه، وقد طلب منى أن أخبره عند حضور الأطفال إذ كان يسعده أن يحضر حفل أعياد ميلاد أولاده.. دخل حجرة السفرة وصافح الأطفال، ووقف لدقائق وقت إطفاء الشموع، وكان عمر عبد الحميد خمس سنوات».
يؤكد هيكل، أن عبد الناصر بعد أن قرأ تقرير الهجوم الإسرائيلى ناوله إلى عبدالحكيم عامر، القائد العام للقوات المسلحة، ثم غادر الاثنان الغرفة، التى كان يجرى فيها عيد الميلاد، إلى غرفة مكتب الرئيس فى بيته لمتابعة الموقف، الذى بدأت تفاصيله ترد دقيقة بعد دقيقة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة