فى ظل وجود مصاحف وكتب تفسير قرآنية للمبصرين والمكفوفين، لم يبق من الفئات الإنسانية التى تحتاج إلى هذا الكتاب الجليل سوى فئة الصم، حيث تشير الإحصاءات التى ترصد هذا النوع من الإعاقة فى بلادنا العربية تسجيل نسبة كبيرة لا يستهان بها، وهى تحتاج - كما يحتاج البقية - إلى القرآن الكريم، كما تحتاج الى زادها الثقافى الذى يساعدها فى تجاوز عقبات الصم التى حالت دون حصولهم على العلوم والمعارف والثقافات والتواصل فى الحياة عبر حاسة السمع المهمة.
معرض الشارقة الدولى للكتاب فى دورته الحالية، أسهم فى عرض الكثير من الكتب التى وصل عددها الى 1.5 مليون كتاب، المصحف المفسر للصم، وهو الأول عالمياً، وتم إنتاجه فى الشارقة فى ضوء تنسيق أردنى إماراتى، هو أحد العناوين البارزة فى المعرض، وأمام هذا المشروع المتميز الذى تعرضه جمعية المحافظة على القرآن الكريم من المملكة الأردنية الهاشمية، كانت هناك بعض الأسئلة التى أجاب عنها إبراهيم محمد القاضى:
وعن فكرة إعداد مصحف قرآنى مفسر للصم، يقول "القاضى"، فى الحقيقة، ظهرت دعوات كثيرة فى العالمين العربى والإسلامى تطلب فيها إيلاء هذا النوع من الإعاقات أولوية فى البحث عن طريقة مثلى فى إيصال القرآن الكريم وتفسيره لهم، فتم تشكيل لجنة ضمت فى عضويتها خبراء فى علوم الشريعة والإعاقات والتقنيات الحديثة، حتى وصل عدد العاملين فى المشروع نحو 50 متخصصاً، وتم انجاز العمل خلال 3 سنوات.
وفيما إذا كان هناك دور للمكفوفين فى خروج هذا المصحف المفسر إلى النور، يشير القاضى أنه تم عرض المصحف المفسر بلغة الإشارة للصم على المعاقين سمعياً بعد انتهاء مسوداته، وكانت لهم ملاحظات لافتة، تم الأخذ بها جميعاً، حتى تم استيعاب نحو 90 % من لغة الإشارة، والشيء الجدير ذكره، أن هذا الكتاب سيصل إلى كل ذوى الإعاقة السمعية حول العالم بشكل لا يحتاجون فيه إلى ترجمة، لأن لغة الإشارة عالمية، وتتطابق بنحو 90% كما ذكرنا وما تبقى منها لا يقف حائلاً فى فهم القرآن الكريم وتفسيره فى أى دولة من العالم.
وحول محتويات تفسير القرآن الكريم بلغة الإشارة للصم، يؤكد القاضى أنه يحتوى على 15 قرصاً مدمجاً تعرض 60 ساعة من القرآن الكريم وتفسيره بلغة الإشارة، وقد تم اختيار التفسير فى ضوء أشهر التفاسير المعتمدة فى العالمين العربى والإسلامي، واعتمد البساطة والسهولة فى ايصال وتقريب المعلومة، وحقق نتائج فاقت كل التصورات.
وفى سؤال حول ماذا يمثل عرض هذا المشروع فى معرض الشارقة الدولى للكتاب، يتابع القاضي: "معرض الشارقة الدولى للكتاب ينتقل بهذا المشروع إلى العالمية، فهو 3 أكبر معارض الكتاب فى العالم، وله صدى كبير فى عالمنا العربي، ولا شك أن عرض هذا المشروع على منصة المعرض يوفر فرصة كبيرة فى انتقاله للعالمية، وقد عقدنا مجموعة من التفاهمات مع العديد من دور النشر للترويج عن هذا المشروع، ونعتقد أنه سيسفر خلال المستقبل القريب عن تحقيق نتائج متميزة.
أما عن مشاعر الصم لدى استقبال هذا المشروع الكبير، يشير القاضى أن هذا المصحف المفسر بلغة الإشارة هو الأول فى التاريخ كما أشرنا، وفى ضوء ذلك أصبح همزة الوصل الوحيدة للصم مع كتاب الله وتفسيره، وقد استقبلوه بالدموع المشوبة بالفرح الغامر، واعتبروه أثمن هدية يمكن أن يحصلوا عليها، ونحب أن نوضح أننا دعمنا المشروع للأعمال الخيرية، وأوصلنا آلاف النسخ إلى المعنيين بالصم، وذلك بإتاحة الفرصة للمحسنين فى شرائه وتوزيعه على الصم رغبة فى إشراك الجميع بالأجر.
وحول المزايا الأخرى لهذا المشروع، يرى المتابعون أن الأصم يحتاج إلى حاسة السمع ليتعلم، وفى حال فقدانها يفوته الكثير من العلم والثقافة، هذا المشروع الكبير وفر للصم الفرصة فى تعلم القراءة والتفسير، وشكل –حسب مراجع تربوية عدة – معياراً لافتاً للتغلب على أميّة الصم الذين تداولوا نسخاً من المصحف المفسر بالصم، والذى يؤدى فقراته واحد من أمهر المتخصصين فى هذا المجال حول العالم، سبق للتلفزيون الأردنى اعتماده للبرامج المخصصة للصم.
هذا وتتلخص فكرة المصحف المفسر بتصوير لغة الإشارة فى استعراض الآيات القرآنية، وتتم قراءتها بلغة الإشارة مقرونة بعرض الآية، ثم يتم تفسيرها بشكل يتيح للأصم التعرف إلى صوت الحرف من خلال صورته مقرونة بلغة الإشارة التى تم اعتمادها لتكون مرجعاً أساسياً لكل المصابين بالصم حول العالم، ولا شك أن مثل هذا المشروع سيفتح الباب أمام مشاريع علمية وثقافية كثيرة من شأنها أن ترسم للصم خارطة واضحة ليؤدوا دوراً مؤثراً فى مسيرة هذه الفئة المهمة حول العالم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة