حسن عبد الموجود يقدم الوجه الفنى للكابوس فى "السهو والخطأ"

الجمعة، 18 نوفمبر 2016 05:00 ص
حسن عبد الموجود يقدم الوجه الفنى للكابوس فى "السهو والخطأ" غلاف المجموعة القصصية "السهو والخطأ" للكاتب حسن عبد الموجود
كتب بلال رمضان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

صدر عن الكتب خان للنشر، مجموعة قصصية بعنوان "السهو والخطأ" للكاتب والصحفى حسن عبد الموجود، وتتكون المجموعة من 16 قصة أغلبها يميل إلى الطول، ينطلق من أرض الواقع، من لحظة شديدة العادية، ثم شيئاً فشيئاً تتجه الأمور ناحية العبث، والعالم العادى يصير عالماً غريباً.

وعلى سبيل المثال فى قصة "تمرين على رفع اليد"، يكتشف البطل الذى يعانى من وحدة قاسية، ولا يتقاطع بشكل جيد مع الآخرين، سواء الجيران أو زملاء العمل، مطعم "عدم الاستجابة"، وهو مطعم تستطيع أن تطلب فيه ما تريد إلى ما لانهاية دون أن يستجيب لك أحد، ثم نكتشف فى نهاية القصة أن رواد المطعم من فرط رفع أيديهم يتخشبون على هذا الوضع ويتم نقلهم إلى مخازن التحنيط.

فى قصة أخرى مثل "السكَّر فى فراغات الشاى" يعانى البطل أيضاً من الوحدة، يختار وظيفة فى معمل ليظل بعيداً عن الناس، وليتعامل مع أشخاص غرباء لا يعرفهم، ولكن تقع له كثير من الأحداث التى يبدأ من خلالها فى الشك إن كان حياً أم ميتاً، لأنه يشاهد، على سبيل المثال، مباراة لمنتخب كرة القدم، ويفوز المنتخب ويهلل اللاعبون والجمهور، ولكنه حينما يشترى الجرائد فى الصباح يرى أنها تكتب عن خسارة ذلك المنتخب، وأيضاً يموت بطل أحد المسلسلات التى يشاهدها، ولكن الراوى يجد من يخبره بأن البطل لم يمت كما يظن، وهكذا يبدأ فى التساؤل عما يجرى له، وعن حقائق تتعلق بالوجود والعدم، وهكذا.

وقدمت الناشرة كرم يوسف الكتاب بالتأكيد على أن حسن عبد الموجود فى كتابه القصصى الأحدث، يبرع فى تشييد عالمٍ سردى اختُبرت عناصره بأشد الطرائق الفنية رهافةً وحدّة. نصاً تلو الآخر، ينهض الفرد، وحيداً وأعزل، على أنقاض صورةٍ ثقيلة يتركها الوجود على حائطه. صورة زائفة فى الغالب لا سبيل لمقاومتها سوى بصورتها الضد، حيث عالم افتراضى يدفع به الفرد مدعوماً بالسلاح الوحيد الذى يلائم أعزل: السخرية التى تطفو بثقل الواقع نحو خفة حلم اليقظة. بهذه الطريقة فقط، يمكن للطرافة أن تصير وجهاً فنياً للكابوس، وهو ما تجسده النصوص الخمس عشرة التى ينتظمها "السهو والخطأ".

وقالت إن هذه قصص تقتات على أطراف المدينة أو أمكنتها التى تلائم العابرين. الضواحى البعيدة، أماكن العمل الضيقة المقبضة، الشقق المتاحة للغرباء والبارات المنسية هى الأمكنة الأثيرة هنا، حيث العزلة أكيدة، ولا فارق كبير بين بيت وشارع، أو غرفة ومقبرة. ثمة دائماً بطل ترك بطولته فى مكان ما، ولم يعد يملك سوى التأكد من أنه ما يزال موجوداً، بتمرين يائس على رفع اليد أو محاولة عبثية لتمييز زوجته بين أختين متطابقتين أو، حتى، بمجرد التأكد من أن جاره شخص حقيقي. فى جميع الأحوال ستطل الغرابة برأسها من أشد اللحظات عمومية: هكذا يتقاطع وقوع كلب من شرفة منزلية، مع سقوط سرب سيارات على المارة من فوق "كوبرى السيدة"، مثلما يرجّع احتضار شجرة.. صدى صرخة قطيع غربان.

ومجدداً، يبرع صاحب "ساق وحيدة" فى استخدام شديد الخصوصية للغة، حيث تجيد اللغة التواصلية، وقد نُزعت عنها تعقيدات البلاغة الفائضة، اختراق السطوح الظاهرية للمشاهد، لتحول فعل السرد إلى فعل استبطان، مدعوم بطاقةٍ إيحائية توظف اللغة السردية أقصى إمكاناتها، كاشفةً فى الأخير عن تعقيد الذات الإنسانية وهى تواجه ضجيج العالم بأعمق طرق المقاومة: تحويل الوجود لمشهد لا وجود له إلا فى مخيلة صاحبه، وحيث "صورنا فى المرآة ليست متطابقة تماماً".

"السهو والخطأ"، هى المجموعة الثانية لحسن عبد الموجود، والأولى صدرت فى 2002 بعنوان "ساق وحيدة"، وهى الكتاب الرابع له حيث أصدر روايتين هما "عين القط" التى حصلت على جائزة ساويرس الثقافية فى 2005، وتُرجمت إلى اللغة الألمانية، و"ناصية باتا".










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة