أن يخرج الرئيس الأمريكى أوباما متهمًا روسيا بالقرصنة والتجسس لدعم المرشح الجمهورى فى الانتخابات.. وحتى لو جاء هذا فى شكل تهديد مبطن لروسيا، ووعد بالرد، فهو يعكس مزيدًا من الاعتراف بالضعف والخسارة فى معركة التجسس والتسريبات المتبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا.
الرئيس الروسى بوتين سجل أكثر من نقطة فى مرمى أوباما، منها نقطة فى سوريا.. كان التدخل الروسى بحجة ضعف وفشل أمريكى غربى أدى لفوضى.. ونجح بوتين فى خلخلة الموقف التركى من سوريا، فضح علاقات تركيا بداعش والإرهاب، غير أردوغان مواقفه، وحقق الأسد تقدمًا فى حلب وغيرها، وفشلت ماكينات الدعاية السابقة فى ترويج الصور المزيفة، وعجزت أمريكا عن تقديم من أسمتهم معارضة سورية معتدلة، ولم يظهر غير داعش والنصرة وميليشيات المرتزقة.
ولايمكن فصل اتهامات أوباما الأخيرة، وتوعده بالرد على الاختراقات الروسية عما يدور فى سوريا.. والمفارقة أن يتهم أوباما روسيا علنًا بالتدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فى اعتراف ضمنى بالضعف، والفشل الاستخباراتى والمعلوماتى بعد عقود ظلت أمريكا المتهم دائما بالتجسس على الخصوم والحلفاء، وكشفت تسريبات إدوارد سنودن عن تنصت أمريكا على زعماء العالم، بمن فيهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أقوى أعضاء حلف الناتو.. ميركل نفسها حذرت من تدخلات روسية فى الانتخابات الألمانية، وأشارت فى نوفمبر الماضى إلى قراصنة وتضليل إعلامى مصدره روسيا يحاول التأثير على الانتخابات التشريعية الألمانية فى 2017.
وأشارت فى مؤتمر صحفى ببرلين «علينا مواجهة معلومات مغلوطة وهجمات عبر الإنترنت مصدرها روسيا».. وأعادت هذه التصريحات والاتهامات الأمريكية أجواء الحرب الباردة، والاتهامات المتبادلة بين السوفييت والأمريكان بالتدخل فى الانتخابات الأوروبية فى الخمسينيات.
اليوم يشكو أوباما وميركل من تدخلات روسية، ضمن حرب تأخذ شكلا معلوماتيا ودعائيا، كان أبرزه تسريبات بنما، والإعلان عن 11.5 مليون وثيقة لشركة موساك فونسيكا للخدمات القانونية فى بنما تصنع ملاذات للتهرب الضريبى لرؤساء ومشاهير، وتم تسويقه كعمل استقصائى، ووظفت 100 مؤسسة صحفية، وصحفيين من 70 بلدًا، كان الهدف اصطياد وإحراج بوتين بتسريبات عن أصدقائه.. لكن الوثائق فقدت تأثيراتها بسرعة، بالرغم من «البروباجندا»، مع الحملة الانتخابية الأمريكية وتسريبات ويكيليكس لبريد حملة الديمقراطيين. خسرت هيلارى أمام ترامب.. وجدد أوباما طلب التحقيق فى تقارير «سى.أى.إيه»، عن قرصنة الروس على مواقع أمريكية.. وبالرغم من نفى ترامب وبوتين، تظل هذه الحملات مؤشرا على اتجاهات السياسة والأمن فى المرحلة القادمة.