رسمت وكالة بلومبرج الأمريكية عبر مجموعة من خبرائها ملامح التحديات التى تواجهها تركيا فى الفترة المقبلة، فى أعقاب اغتيال السفير الروسى أندريه كارلوف على يد ضابط شرطة تركى مساء الاثنين، مؤكدة فى تقرير لها نشر منذ قليل أن الحادث يعد انعكاسا واضحا لحقيقة البيئة الأمنية فى تركيا، وينسف آمال عودة السياحة الروسية بعد أكثر من عام على حادث إسقاط المقاتلة الروسية فى الأجواء السورية.
وقالت الوكالة فى تقريرها إن اقتصاد تركيا الذى يقدر بـ860 مليار دولار تلقى العديد من الضربات منذ إسقاط الطائرة الروسية، لاسيما مع حظر الرئيس الروسى للسياح بالذهاب إلى تركيا، فضلاً عن وقوع سلسلة من الهجمات الإرهابية التى ألقت بظلالها على قطاع السياحة التركى، والذى يشكل 6% من الناتج الإجمالى المحلى.
وأشارت إلى تراجع عدد السياح الأجانب لأكثر من 25% فى أكتوبر الماضى بالمقارنة بالعام السابق، ليستمر بذلك التراجع للشهر 15 على التوالى.
وبحسب بلومبرج، قال ولفانجو بوتشيلى، الرئيس المساعد لشركة تينيو للاستشارات، إن "التأثير الفورى للأحداث الأخيرة سيكون الإطاحة بآمال عودة السياح الروس لتركيا".
ونقلت الوكالة عن زاكرى ويتلين، المحلل فى Eurasia قوله إن الهجوم الأخير يعكس مدى سوء البيئة الأمنية فى تركيا، ويضع سياسة الحكومة الخاصة بسوريا فى دائرة الضوء، لاسيما إنه يأتى فى أعقاب هجومين استهدفا إسطنبول ومقاطعة قيصرية ما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصًا.
وقالت الوكالة فى تقريرها إن الحادث يعد نتيجة جديدة للحرب الدائرة فى سوريا، لكن سرعة التأكيدات التى بادر بها القادة الروس والأتراك على أن الواقعة لن تؤثر على العلاقات بين البلدين اللتين تسعيان لرأب الصدع بينهما بعد حادثة إسقاط المقاتلة الروسية، بددت ولو مؤقتًا التكهنات بتأثير هذا على العلاقات بين موسكو وأنقرة.
وفى محاولة للحد من ملامح "السيناريو الأسود" الذى تنتظره تركيا، نقلت الوكالة عن ليونيد سلتسكى، رئيس لجنة العلاقات الدولية فى البرلمان الروسى قوله لقناة روسيا 24 الرسمية، إن العلاقات لن تشهد برودًا جديدًا، وأى ضرر لا يبدو محتملاً، لأن الطرفين أكدا أن العلاقات الثنائية أهم من أن يؤثر عليها هذا الحادث.
ووصف وزير داخلية تركيا سليمان سويلو، إطلاق النار بأنه "هجوم إرهابى ضد العلاقات التركية الروسية"، بينما عقد وزراء الدفاع والخارجية الأتراك والروس والإيرانيون اجتماعًا فى موسكو لمناقشة التطورات الأخيرة على الساحة السورية.
وأشارت الوكالة إلى أن تركيا وروسيا حليفتان منذ انضمام منظمة حلف شمال الأطلنطى (الناتو) عام 1952 مع اليونان وكان هذا الوقت الذى تسعى فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إلى مواجهة انتشار الشيوعية، لافتة إلى أنه منذ انهيار الاتحاد السوفيتى عام 1991، أصبحت كل من موسكو وأنقرة شريكتان فى السياحة والتجارة، وفى أكتوبر الماضى، واتفقتا على العمل معًا على إنشاء خط أنابيب للغاز الطبيعى تحت البحر الأسود.
وكان الرئيس الروسى فلادمير بوتين، قال فى أول تعليق على الحادث إن اغتيال السفير كارلوف استفزاز يستهدف "العلاقات الطيبة بين روسيا وتركيا والتسوية فى سوريا"، معربًا عن تعازيه لذوى السفير، وأمر بتخصيص وسام حكومى له.
فيما اعتبر الرئيس التركى رجب طيب أردوغان مساء الاثنين أن اغتيال السفير الروسى فى تركيا هو "استفزاز" الهدف منه الإطاحة بـ"تطبيع" العلاقات بين أنقرة وموسكو، وقال: "نعلم بأنه استفزاز الهدف منه الاساءة إلى عملية تطبيع العلاقات بين تركيا وروسيا".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة