الحمار والفيل ليسا كائنين مسالمين كما تعتقد، هذا فى حديقة الحيوان فقط، أما فى الواقع فإن كليهما شرس بدرجة تفوق تصورك، ونظرة واحدة على الحزب الديمقراطى الأمريكى "رمز الحمار"، أو الحزب الجمهورى "رمز الفيل"، ستكشف لك قدر ما يمكن أن يحدث للحالم جراء مصارعة حرة وغير محكومة بالقوانين والأعراف العاقلة بين الحمير والأفيال، وهو ما يبدو أننا نقف فى المنطقة العربية أمام آثاره الآن.
رغم تعقيدات المشهد وتفاصيله الكثيرة، ونُذر التوتر الواضحة بين الديمقراطيين والجمهوريين، أى بين الإدارة الأمريكية الحالية والإدارة المقبلة، إلا أن سماح إدارة الرئيس الأمريكى المنتهية ولايته باراك أوباما، لأول مرة بتبنى قرار بمجلس الأمن ضد المستوطنات الإسرائيلية منذ نحو 8 سنوات، بعد أن امتنعت عن التصويت أمس الجمعة، مثّل مفاجأة كبيرة وتصعيدًا غير متوقع، إذ ترك الساكن الجديد للبيت الأبيض، دونالد ترامب، ليخوض صدامًا جديدًا مع الأمم المتحدة لوقف العمل بالقرار.
مجلس الأمن يفجر قنبلته المدوية.. و"ترامب" يرد على "تويتر"
بتصديق مجلس الأمن الدولى على القرار الجديد، الذى يرى قانونيون أنه غير ملزم، فإن جميع النشاطات الاستيطانية الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة تعتبر غير قانونية، ويجب أن تتوقف فورًا، كما أنه بامتناع أمريكا عن التصويت أو استخدام حق النقض، باعتبارها واحدة من الدول الخمسة التى لها حق "الفيتو"، فإنها بذلك ترفض رفضًا صريحًا مناشدات قدمها حليفها الأكبر رئيس الوزراء الإسرائيلى "بنيامين نتنياهو"، وأخرى غرَّد بها "ترامب" عبر حسابه على "تويتر" ضد القرار، لأنه "يضع إسرائيل فى موقف تفاوضى ضعيف وهذا يعد ظلمًا كبيرًا للإسرائيليين".
ولكن بعد ساعة من التصويت على القرار لصالح فلسطين، كتب الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب عبر حسابه على موقع التدوينات القصيرة "تويتر": "فيما يخص الأمم المتحدة، الأمور ستكون مختلفة بعد 20 يناير"، فى إشارة إلى موعد دخوله البيت الأبيض وتوليه مهام منصبه كرئيس للولايات المتحدة.
As to the U.N., things will be different after Jan. 20th.
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) December 23, 2016
عضو جمهورى بالكونجرس: سنضغط بقوة ضد إساءة الأمم المتحدة
كان عضو الكونجرس الأمريكى عن الحزب الجمهورى، ليندسى جراهام، قد أدان التصويت على القرار الذى قدمت مشروعه أربع دول أعضاء، هى: نيوزيلندا وماليزيا وفنزويلا والسنغال، وقال "جراهام" إنه ينتوى تقديم توصيات لإدارة "ترامب" والكونجرس الجديد لتعليق تمويل الأمم المتحدة حتى يتم إلغاء القرار، وذلك عبر حسابه على تويتر.
وأضاف عضو الكونجرس فى تغريدة أخرى، أنه تحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، وأكد له أن كثيرين من أعضاء الكونجرس سيضغطون بقوة ضد "إساءة الأمم المتحدة"، وأضاف فى بيان له أن القرار سيخلق صدامًا بين الكونجرس والأمم المتحدة، مشيرًا إلى أن الأخيرة "ستندم على تمرير هذا القرار".
إدارة أوباما لم تدافع عن إسرائيل ضد هذه الملاحقة في الأمم المتحدة فحسب بل تعاونت معها وراء الكواليس.
— Ofir Gendelman (@ofirgendelman) December 23, 2016
غموض مستقبل عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية فى عهد "ترامب"
من جانبها، أشارت صحيفة "جارديان" البريطانية إلى غموض مستقبل عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، وسط حالة من عدم اليقين بشأن سياسات دونالد ترامب فى الشرق الأوسط، فبعد التصديق على القرار، وجه مسؤولون إسرائيليون اتهامات لـ"أوباما" بالتخلى عن حليفه القوى، والتآمر مع الفلسطينيين ضده، بينما فى المقابل لم يخفوا توددهم للرئيس المنتخب.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، فى بيان صادر عنه: "إن إسرائيل تتطلع للعمل مع الرئيس المنتخب ترامب، ومع جميع أصدقائنا فى الكونجرس، الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، لإلغاء الآثار الضارة لهذا القرار السخيف"، حسبما نقلت عنه شبكة أخبار CNN الأمريكية.
كان دونالد ترامب قد أظهر تعاطفًا كبيرًا مع إسرائيل خلال حملته الانتخابية، دون ذكر تأسيس دولة فلسطين، بحسب صحيفة "جارديان" البريطانية، بينما فى المقابل، سمّى الرئيس المنتخب "ديفيد فريدمان" سفيرًا للولايات المتحدة فى إسرائيل، والذى يُعرف بعدم معارضته لبناء المستوطنات الاسرائيلية فى الضفة الغربية، كما تعهد بنقل مقر السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس.
الصفعة الثانية من أوباما على وجه "ترامب"
لم يكن امتناع ممثل الولايات المتحدة الأمريكية فى مجلس الأمن عن التصويت على مشروع قرار يطالب بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية، الذى كان له الفضل فى تبنى مجلس الأمن الدولى للقرار ومروره بأغلبية 14 عضوا من أصل 15، هو اللطمة الأولى التى توجهها إدارة الرئيس المنتهية ولايته باراك أوباما للساكن الجديد للبيت الأبيض، دونالد ترامب، قبل اسابيع قليلة من توليه مهام منصبه، إذ سبقه قرار آخر أفسد خططًا عديدة لـ"ترامب"، وأثار جدلًا واسعًا بشأن المسلمين.
قبل ذلك بيوم، قررت الإدارة الأمريكية قطع الطريق على خطط دونالد ترامب بشأن المسلمين، إلغاء برنامج تسجيل دخول وخروج تم تدشينه عقب هجمات 11 سبتمبر 2001، كان من المحتمل إحياؤه لتعقب المسلمين والعرب داخل الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبرت الصحف هذه الخطوة إفسادًا لخطط "ترامب" بشأن تبنى برنامج مشابه، بعد أن كان قد أعلن فى وقت سابق أنه سيتم تعليق قبول القادمين من بلدان ذات معدلات إرهاب عالية، مع تطبيق إجراءات تدقيق صارمة معهم، ولكن أكد الوافد الجديد على البيت الأبيض أن تلك المحاولات لن تردعه عن تنفيذ خططه، وصرّح بأنه لن يتراجع عن خططه حول دخول المسلمين والمهاجرين، فى تعليق له على حادث هجوم برلين الإرهابى، الذى استهدف سوقا شعبية لـ"الكريسماس" فى العاصمة الألمانية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة