كان التدخل الروسى حاسمًا فى الأزمة السورية، ليس عسكريًا فقط، فقد كان التحالف العسكرى بين موسكو ودمشق قائمًا، لكن الحسم كان سياسيًا، كشف عن تردد أمريكى وأوروبى تجاه داعش، والتنظيمات المسلحة التى تضم عشرات الآلاف من المقاتلين الأجانب من كل أنحاء العالم.
فى حال استمرار تقدم القوات السورية والعراقية، أمام داعش وأخواته خيارات إما العودة إلى بلادهم ومواجهة السجن أو الرفض، أو البحث عن مناطق فوضى وحرب، إلى اليمن، أو ليبيا. وفى حال حصول الجيش الليبى على دعم دولى، ربما يقطع هذا الطريق على داعش فى ليبيا، خاصة مع تخلى تركيا عن داعش والنصرة، وهو ماقد يستمر فى ليبيا. ومن هنا يمكن تفهم التهديدات التى يعلنها زعماء داعش تجاه تركيا وبعض دول الخليج، وهم مَن مولوا داعش واستوردوا مقاتليها. تهديدات داعش والنصرة هدفها أن يحاول ممولوها تأمين مأوى لهم.
ربما لهذا يمكن التقاط اهتمام روسى بليبيا، ودعوة لدعم الجيش الليبى بقيادة خليفة حفتر، حيث أعلن نائب وزير الخارجية الروسى «جينادى جاتيلوف»، حسب روسيا اليوم، ضرورة أن يشارك قائد الجيش الوطنى الليبى، خليفة حفتر، فى إدارة ليبيا، وترى روسيا أنه الوحيد الذى أخذ المبادرة لمواجهة داعش والتنظيمات الإرهابية التى احتلت ليبيا وساعد الحكومة فى استعادة السيطرة على مواقع النفط الذى يمثل المصدر الرئيسى للدخل. روسيا حسب وزير خارجيتها لها اتصالات مع كل الأطراف فى ليبيا، بما فى ذلك مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، ورغم الاعتراف الدولى لا تستطيع العمل ولا تسيطر سوى على جزء صغير من ليبيا، بينما ترى موسكو أن حفتر شخصية سياسية وعسكرية يمكنه تأمين حكومة الوفاق.
هناك أنباء مختلفة عن زيارات من حفتر لموسكو وواشنطن، فى محاولة للحصول على دعم، ويبدو تدخل روسيا استغلالًا لفراغ الوضع الأمريكى، وخوفًا من أن تنتقل فلول داعش إلى ليبيا لتمثل أزمة، ويراهن بوتين على العمل مع إدارة ترامب، لمواجهة تهديد الإرهاب كأولوية. لكن داعش فى حال استمرار الضغط عليه فى ليبيا، وطرده من سوريا سيكون أمام خيارات، منها ممارسة الإرهاب على مستوى واسع. وهو ما يظهر فى تهديدات يطلقها داعش فى اتجاهات مختلفة، بحثًا عن أى مكسب أو مكان آمن. وتبدو ليبيا أحد عناصر الاستقرار والاختلال فى العام الجديد. ويحاول حلفاء داعش، توفير أى حماية ضمن آخر أوراق اللعب، التى استمرت طوال 5 سنوات.