تعثر قطار اليمين الشعبوى فى النمسا، بخسارة المرشح نوربرت هوفر سباق الانتخابات الرئاسية، أمام المستقل أليكسندر فاندر بيلين، الذى حقق فوزاً غالياً برغم استطلاعات الرأى التى قللت من فرص فوز الأخير، فى وقت حققت فيه الأحزاب اليمينية انتصاراً مدوياً برفض التعديلات الدستورية المدعومة من الحكومة الإيطالية برئاسة ماتيو رينزى، الذى قدم استقالته فور ظهور النتائج على الاستفتاء على التعديلات.
"بيلين" ينقذ النمسا من "توسنامى" اليمين
رئيس النمسا
وخسر هوفر الانتخابات الرئاسية النمساوية، أمام فيلين، المرشح المستقل ذو الميول اليسارية، بخلاف الاستطلاعات التى رجحت تكرار سيناريو فوز الملياردير الشعبوى دونالد ترامب برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، وصعود اليمينى فرنسوا فيون، للفوز بترشيح اليمين الفرنسى لانتخابات الرئاسة المقبلة.
وجاءت خسارة اليمين النمساوى للمرة الثانية بعد انعقاد الانتخابات فى يونيو الماضى، والتى طعن حزب الحرية المنتمى له هوفر على نتائجها أمام الجهات القضائية، لتتم إعادتها ويحقق المستقل فيلين الفوز مجدداً بمقعد الرئاسة.
واعتبر العديد من قادة القارة الأوروبية فوز بيلين بمثابة انتصار لمبادئ الحرية والمساواة والترابط، وسط مخاوف من استمرار مسلسل صعود اليمين. فيما هنأ المرشح الخاسر منافسه، وقال: "أنا حزين للغاية بسبب الخسارة، ورغم ذلك.. الشعب دائماً على حق وأنا احترم رغبته، وأنا سأنافس على الانتخابات المقبلة بعد 6 سنوات".
من جانبه، علق موقع "بى بى سى" البريطانى على النتائج قائلاً إنها كانت مؤشراً على فرص التيار الشعبى فى الانتخابات المرتقبة فى العديد من دول أوروبا، وعلى الرغم من أن المنصب الرئاسى شرفى فى النمسا، إلا أنها سيكون لها انعكاسات على عدة عواصم أوروبية بداية من أمستردام، ثم برلين وأخيراً باريس.
وفى أول خطاب له بعد فوزه، قال الرئيس النمساوى المنتخب، فاندر بيلين إن النتائج دليل على أن النمسا موالية لأوروبا، وتستند على مبادئ الحرية والمساواة، وتعمل على صيانة الترابط بين كافة طوائف المجتمع. وأضاف: "ألوان العلم النمساوى لها دلالة على الأمل والتغيير، وهذه الدلالة تنتشر الآن من النمسا إلى كل عواصم الاتحاد الأوروبى".
وأضاف أمام حشد من أنصاره فى الساعات الأولى من صباح الاثنين: "سأحاول أن أكون رئيس متفتح، موال للإتحاد الأوروبى فى منصبى كرئيس فيدرالى لجمهورية النمسا".
واستبق قادة الدول الأوروبية النتائج النهائية لانتخابات النمسا، وبادروا بتهنئة بيلين على فوزه، حيث أرسل رئيس المجلس الأوروبى دونالد توسك تهنئة حارة على النتائج، فيما قال نائب المستشار الألمانية سيجمار جابرييل إن النتائج تعتبر انتصارا صريحاً على تيارات اليمين الشعبية. أما الرئيس الفرنسى فرنسوا هولاند الذى تقترب ولايته الرئاسية الأولى على الانتهاء، فتقدم بالشكر قائلاً: "نشكر النمسا على اختيارها أوروبا .. وانفتاحها على العالم".
روما تقترب من "الانتخابات المبكرة"
رئيس وزراء ايطاليا المستقيل
وفى روما ، قدم رئيس الحكومة الإيطالية الشاب ماتيو رينزى استقالته بعد فوز غال حققته أحزاب اليمين بمنعها تمرير حزمة من التعديلات الدستورية عبر استفتاء شعبى، الأمر الذى اعتبرته الحكومة بمثابة ضربة قاضية لخططها للإصلاح الاقتصادى.
ولم تكتمل فرحة المؤسسات السياسية التقليدية داخل القارة العجوز بخسارة اليمين النمساوى، وكشفت نتائج الاستفتاء على التعديلات الدستورية فى إيطاليا مؤشرات لا يمكن انكارها على صعود وشيك وشبه مؤكد لأحزاب اليمين فى روما.
ونفذ رئيس الوزراء تعهد بالاستقالة حال رفض التعديلات، ليطوى ليدون سطر النهاية لحكومته التى استمرت لما يقرب من 3 سنوات، وذلك بعدما صوت 60% من المواطنين ضد التعديلات المقترحة، والتى كانت تهدف إلى تقليص سلطات مجلس الشيوخ الإيطالى والأقاليم لصالح مجلس النواب والحكومة المركزية، وهو ما يؤكد نجاح حملة أحزاب اليمين والحركات الشعبوية، وعلى رأسها حركة "5 ستار"، فى الحشد لصالح التصويت بـ"لا".
ومثلت نتيجة الاستفتاء فوزاً للأحزاب الشعبوية والقومية المتشككة فى الإتحاد الاوروبى والتى حشدت بقوة ضد رينزى ووعده بتحفيز الإقتصاد الإيطالى الراكد. وقاد هذه الحملة حركة "الخمس نجوم" بزعامة بيبى جريللو، التى من المتوقع أن تحقق مكاسب كبيرة إذا ما دعى الرئيس الإيطالى إلى إجراء انتخابات عامة.
من جانبها، اعتبرت مجلة "فوكس" الأمريكية هزيمة رينزى بمثابة هدية لبيبى الذى دعا قبلا إلى استفتاء على خروج إيطاليا من منطقة اليورو والعمل بعملتها الوطنية "ItaLeave"، على غرار تلك الخطوة التى إتخذتها بريطانيا فى يونيو الماضى وفازت فيها الأحزاب القومية حيث تحقق خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبى.
وبالنسبة لأنصار العملة الأوروبية المشتركة "اليورو"، الذين يخشون سيناريو Brexit آخر، فإن الدعم الشعبى المتنامى لبيبى جريللو، يثير قلق كبير. ومع ذلك فإنه حتى لو وصلت حركة "الخمس نجوم" للسلطة، حيث أصبحت ثانى أكثر حزب شعبية فى إيطاليا، فإن هذا لا يعنى خروج إيطاليا من منطقة اليورو.
فبحسب شبكة بلومبرج، فإن الدستور الإيطالى لا يسمح للحكومة بالإنسحاب من المعاهدات الدولية عن طريق التصويت الشعبى، إذ يستوجب ذلك تعديل الدستور أولا قبل الاستفتاء على عضوية إيطاليا فى الإتحاد الأوروبى. ورغم أنه نظريا يمكن إجراء إستفتائين، الأول على تعديل الدستور والثانى على عضوية إيطالية فى اليورو، إلا أنه المحكمة الدستورية يمكنها رفض الإستفتاء الأول.
وعلقت محطة سى.إن.إن، الأمريكية، بقولها إن الاستفتاء كان يمثل اختبارا حقيقا لموجة صعود التوجه الشعبوى فى أنحاء أوروبا، فضلا عن أنه فرصة للتعبير عن الاستياء تجاه الحكومة الحالية.
واعتبرت إيلى شيلين، عضو البرلمان الأورروبى، أن هذه الإجراءات التى أقدم عليها رينزى لا داع لها تماما وخطأ منه، مشيرة إلى أن الإصلاحات كانت تنطوى على نقل الكثير من السلطات إلى يد الحكومة المركزية بطريقة غير متوازنة، وأضافت "إنها مقترحات خطيرة لنظامنا الديمقراطى".
وتابعت أن إضفاء الطابع الشخصى على التصويت، من خلال تعهد رئيس الوزراء بالإستقالة إذا فشل فى تمرير التعديلات، يعنى أن العديد من الناس الذين صوتوا بـ"لا"، وخاصة الناخبين الشباب، فعلوا ذلك لأسباب سياسية تتجاوز نص الإصلاحات ونتائجها.
وبالنسبة للمصارف الإيطالية، فهناك مخاوف من مزيد من التوترات حيث عانت البنوك الإيطالية لسنوات ارتفاع التكاليف وانخفاض العائدات. وأصبح بنك "مونتى دى باشى BMDPF، وهو أحد أقدم البنوك فى العالم، الأضعف حيث يحتاج إلى 5 مليار يورو بعد سقوطه فى اختبار الصحة المالية هذا العام. وقد تراجعت أسهم البنك لأكثر من 80% خلال عام 2016.
ويستوجب على الرئيس الإيطالى الأن إما تعيين حكومة تسيير أعمال يتم تشكيلها من البرلمان الحالى، أو الدعوة إلى انتخابات عامة، حيث من المتوقع أن تحصد حركة "الخمس نجوم" على مكاسب واسعة من خلالها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة