الملامح حادة والنبرة قوية والثقة عالية والقسم عظيم.. والرئيس بصوت مرتفع يقسم: «قسما بالله اللى هايقرب من مصر هاشيله من على وش الأرض»، نعم يا سيادة الرئيس، إنه قسم عظيم لو يعلم من يهمه الأمر، فما يجرى فى المنطقة العربية فى سوريا وليبيا والعراق واليمن ولبنان يدرك تماما أن ما حدث فى مصر فى 30 يونيو كان شيئا عظيما، وحائط صد عظيما، تهاوت عليه كل المؤامرات والأطماع فى تقسيم مصر وتمزيقها وإغراقها فى حرب أهلية وطائفية، قسم عظيم فعلا، فكل من يدبر المؤامرات ويهدد أمن مصر لا يعرف شعبها ولا يعرف جيشه، ولم يقرأ تاريخ صمود هذه الدولة التى تحطمت على عتباتها إمبراطوريات وأساطير عسكرية وسياسية.
القسم كان عظيما من الرئيس ليس فقط للحفاظ على الدولة، وإنما للبناء والتشييد والعمل والإنجاز.
الرئيس عبدالفتاح السيسى كان أكثر المتفائلين والمتحمسين، خلال حضوره حفل إطلاق «استراتيجية مصر للتنمية المستدامة- رؤية مصر 2030»، الرجل فى مداخلته تحدث بلغة واضحة وبنبرة إصرار وتفاؤل بـ«أننا نستطيع».. نستطيع بناء 100 منطقة صناعية فى عام واحد، نستطيع بناء مليون شقة فى أقل من عامين، نستطيع بناء أكبر حى للمال والأعمال فى الشرق الأوسط بالمدينة الإدارية، موجها كلامه للمصريين وبحدة شديدة: «لا تسمعوا كلام حد غيرى أنا».
فهل نستطيع فعلا يا سيادة الرئيس؟
هل نستطيع وما زالت هناك أياد مرتعشة خائفة ومترددة وتمضى وقتها فى مناصبها إلى أن تحين لحظة التغيير ويقضى الله أمرا كان مفعولا؟
هل نستطيع وما زالت هناك عقول غير قادرة على الإبداع والتفكير خارج الصندوق وتتعامل مع الواقع بذات الطريقة البليدة القديمة؟
هل نستطيع وهناك حكومة غير قادرة على منح الثقة والأمل للناس فى التغيير الحقيقى فى معاملاتهم وحياتهم اليومية، وغير قادرة على المواجهة واقتحام المشاكل بجدية وصرامة؟
هل نستطيع والخلافات داخل الحكومة وبين أعضائها فى تنفيذ القرارات باتت معروفة للجميع؟
هل نستطيع ونحن لم نصدر حتى الآن لائحة قانون الاستثمار، والشباك الواحد أمام المستثمرين العرب والأجانب والمصريين لتشجيع وتحفيز المستثمرين وجذب الاستثمارات؟
هل نستطيع وهناك بيروقراطية تعشش فى الجهاز الحكومى المترهل بملايينه السبعة من الموظفين الخاملين الذين تصدوا للتغيير وأفشلوا قانون الخدمة المدنية؟
هل نستطيع وما زالت جيوب الفساد فى كل مؤسسات الدولة تعرقل أى تنمية وتحبط محاولات التقدم؟
هل نستطيع وهناك «روح شريرة» و«لهو خفى» يعرقلان تنفيذ أى مشروعات أو قرارات للحفاظ على أموال الدولة بحجة القانون لا يسمع وضاحا؟
هل نستطيع.. ومئات وآلاف القوانين البيروقراطية تعرقل أى إبداع وابتكار فى مؤسسات الدولة؟
هل نستطيع وما زلنا غير قادرين على توحيد التشريعات والقوانين وخلق قاعدة بيانات موحدة لمصر فى كل المجالات؟
هل نستطيع؟ نعم نستطيع إذا كانت هناك رؤية واضحة وخطة محددة وأياد قوية قادرة وحكومة مقاتلة فدائية وعقول مبدعة تفكر فى المستقبل وتتحمل النقد والمراجعة، نعم نستطيع إذا قررنا إجراء جراحات فورية وعاجلة فى ملفات حيوية ومهمة من أجل المستقبل، دون خوف من رد فعل أو غضب بعض الناس، نستطيع عندما نثور على البيروقراطية والقوانين البالية ونواجه الفساد بآليات العصر وأدواته.
نستطيع يا سيادة الرئيس أن نحقق كل ذلك قبل 2030 إذا توافرت الإرادة والإدارة وتوحدت الهمم، وساعتها تكون مصر «ذات اقتصاد متنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة والعدالة الاجتماعية وذات نظام بيئى متزن ومتنوع»، و«أن يكون نسبة النمو حوالى %10، لجعل مصر ضمن أفضل 30 دولة فى العالم»، كما قال السيد رئيس الوزراء شريف إسماعيل بالأمس.