الحكومة والمجالس الاستشارية فجوة بين التوصيات والتنفيذ.. الوزراء قاوموا سياسات المجالس.. وزير المالية السابق عاند مشروع الضريبة القطعية على المشروعات.. توصيات استشارى الرئيس بتطوير التعليم "غير مفعلة"

السبت، 04 يونيو 2016 10:24 م
الحكومة والمجالس الاستشارية فجوة بين التوصيات والتنفيذ.. الوزراء قاوموا سياسات المجالس.. وزير المالية السابق عاند مشروع الضريبة القطعية على المشروعات.. توصيات استشارى الرئيس بتطوير التعليم "غير مفعلة" الرئيس عبد الفتاح السيسى
كتبت منى ضياء

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما قرر الرئيس عبد الفتاح السيسى قبل ما يقرب من العامين إنشاء مجالس استشارية تتبع رئاسة الجمهورية تضم علماء ومفكرين وباحثين بالمجالات المختلفة علميا واقتصاديا واجتماعيا وغيرها من المجالات الحيوية، كان الهدف الرئيسى من وراء إنشاء هذه المجالس هو أن تساعد فى رسم السياسات العامة للدولة وتقدم توصياتها لمؤسسة الرئاسة بما ينعكس فى النهاية على قرارات تنفذها الحكومة تخدم المواطن المصرى.

ولكن حقيقة الأمر التى نلمسها هى وجود ارتباك وانفصال كبير بين هذه المجالس الاستشارية، ووزارات الحكومة المختلفة، وهو ما يظهر جليا فى قرارات حكومية متضاربة يصعب تماما أن تكون نتاج فكر مجموعة من كبار العلماء والخبراء، وآخرها على سبيل المثال وليس الحصر كان فى زيادة أسعار الدواء.

فرغم وجود خيرة من العلماء المصريين بكافة المجالات فى هذه المجالس الاستشارية التى أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسى قرارا بتشكيلها فى سبتمبر 2014، والتى تملك وضع رؤى وسياسات عامة تكفل عملية التنمية الحقيقية، إلا أن هذه المجالس لا تملك أية سلطة تنفيذية، وفى المقابل فإن الحكومة التى بيدها تنفيذ كل الرؤى و السياسات.

البحث حول العلاقة بين المجالس الاستشارية للرئيس و بين القائمين على الحكومة كشف عن وجود فجوة حقيقية بينهما وهو ما أكده مصدر رفيع المستوى لـ"اليوم السابع"، الذى أشار إلى الدور الذى نشأت من أجله المجالس الاستشارية الأربعة وهى المجلس التخصصى لتنمية المجتمع، والمجلس التخصصى للتعليم والبحث العلمى، والمجلس التخصصى للتنمية الاقتصادية، المجلس التخصصى للسياسة الخارجية والأمن القومى، والتى تتمثل فى تقديم المشورة العلمية والفنية لرئيس الجمهورية فى كل المجالات، ودراسة ما يقدم إليه من اقتراحات أو أفكار جادة وتحديد مدى ملاءمتها للتنفيذ من وجهة النظر العلمية، واقتراح مخططات المشروعات القومية الكبرى وإعداد تقيم علمى دورى عن مراحل تنفيذها، والسياسات المستقبلية لجميع قطاعات الدولة على أسس علمية، وعرضه على رئيس الجمهورية، إلى جانب المعاونة فى رسم السياسة العامة للدولة وإعداد الدراسات الشاملة فى كافة مجالات العمل الوطنى التى تدخل فى اختصاص كل مجلس تخصصى.

وحسب تصريحات المصدر السابق ذكره فإن بعض الوزراء "يقاومون" توصيات المجالس الاستشارية بصورة تحول دون قدرة عمل هذه المجالس على القيام بدورها الحقيقى، مشيرا إلى أحد الخلافات الكبيرة التى كانت بين المجلس الاقتصادى ووزير المالية السابق هانى قدرى، وهو الخلاف الذى تصاعد إلى توصية المجلس للرئيس برفض إقرار ضريبة القيمة المضافة قبل تشكيل البرلمان، حتى لا يتحمل الرئيس المسئولية حال زيادة الأسعار المتوقعة جراء تطبيق القانون، وأن يتحمل هذه المسئولية البرلمان – الذى لم يكن قد تشكل بعد – فى الوقت الذى حاول قدرى إقناع الرئاسة بسرعة إقرار القانون قبل تشكيل البرلمان، وظل الأمر محل جدل حتى لم يعد بالإمكان إقراره بقرار جمهورى لأن البرلمان كان قد بدأ تشكيله وقتها.

وتابع المصدر: بعدها وصل الخلاف بينهما إلى قانون الضريبة القطعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث كان قدرى معترضا على القانون وهو ما دفع المجلس الاقتصادى إلى عقد جلسات متواصلة مع رئيس مصلحة الضرائب لإعداد قانون الضريبة القطعية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بعد "معاندة" الوزير السابق – حسب تعبير المصدر، والآن مشروع القانون تم الانتهاء منه الآن ومن المقرر عرضه على مجلس الوزراء، وكان نفس الخلاف موجودا بين المجلس الاقتصادى ووزارات المجموعة الاقتصادية، حيث كان هناك اعتراضات على أسلوب عمل المجموعة الاقتصادية بالحكومة السابقة خاصة وزيرى المالية والاستثمار أشرف سالمان، وهو الأمر الذى انتهى بصورته الحادة مع التغيير الوزارى الذى تم فى مارس الماضى.

وحسب المصدر فإن حدة الخلافات أصبحت أقل من ذى قبل بين المجلس والمجموعة الاقتصادية بعد التغيير الوزارى، لتصبح أكثر "لطفا" مما سبق، ولكن مازالت هناك فجوة هائلة بين ما يوصى المجلس بتنفيذه من رؤى وسياسات والتى تلقى إعجابا وموافقة من الرئيس عبد الفتاح السيسى والذى بدوره يكلف قيادات الحكومة بتنفيذها وبمجرد تولية المسؤولين عن التنفيذ، الأمور، لا يجد أعضاء المجالس الاستشارية ما خططوا له على أرض الواقع.

وأكد أن الخلافات لم تقف عند هذا الحد بل تخطت عمل المجالس الاستشارية الأخرى، ففى الوقت الذى توصى به كافة المجالس الاستشارية التابعة لرئاسة الجمهورية بوضع استراتيجية واضحة لتطوير التعليم فى مصر، إلا أن الحكومة تتجاهل تماما هذا الملف رغم حيويته وأهميته المطلقة لمستقبل التنمية فى مصر، وحتى النص الدستورى بإنفاق 10% من الناتج القومى على التعليم والصحة والبحث العملى فلم تلتزم به الحكومة فى مشروع موازنتها الجارى مناقشتها بالبرلمان عن العام المالى المقبل 2016/2017.

وعند الحديث عن التعليم على وجه الخصوص، خصصت الموازنة المقترحة من الحكومة 103.962 مليار جنيها للإنفاق على قطاع التعليم، وهو ما يعنى وجود فجوة تصل إلى 90 مليار جنيه لتحقيق الالتزام الدستورى بالإنفاق على هذا القطاع حسب تصريحات النائبة ماجدة نصر أمين سر لجنة التعليم بمجلس النواب.

وبرر المصدر وجود فجوة عميقة بين توصيات أهم وأبرز الخبراء فى مصر بكافة المجالات، وبين ما تنفذه الحكومة على أرض الواقع بعدة أسباب، بعضها يرجع لترهل الجهاز الحكومى الذى يعانى من بيروقراطية متفشية وأحيانا الخوف من تحمل مسئولية اتخاذ القرار، وفى نواحى أخرى وجود "منتفعين" داخل الجهاز الحكومى ليس من مصلحتهم تحقيق الإصلاح الحقيقى – على حد تعبيره.

وفى حالات أخرى قد يرجع عدم تنفيذ توصيات المجالس الاستشارية التابعة للرئاسة لوجود عجز فى الميزانيات، وهو أحد الأسباب التى أعلنتها الدكتورة هالة يوسف عضو المجلس الاستشارى للتنمية المجتمعية خلال ورشة عمل عقدها المركز المصرى للدراسات الاقتصادية الأسبوع الماضى، وذلك ردا على سؤال وجهه الصحفيون حول مدى أخذ الرئاسة بتوصيات المجالس الاستشارية ومنها التنمية المجتمعية فيما يتعلق بأهم القضايا الاجتماعية فى مصر خاصة قضايا السكان والشباب، وقالت يوسف فى ردها: "نحن نرفع توصياتنا للرئيس ولكن الدولة لن تنفذ كل شىء فى غياب الميزانيات والإمكانيات".

وفى مجال الحماية الاجتماعية لازال تعامل الدولة قاصرا مع هذا الملف رغم كافة التوصيات التى تقدم من المجالس الاستشارية، حيث تعتمد الدولة فى هذا المجال على الإعانات والمعاشات الشهرية لمحدودى الدخل فقط، و على الرغم من أهمية ذلك إلا أنه لا يحقق للفقراء الخروج من دائرة الفقر.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة