أكد المهندس إبراهيم محلب، مساعد رئيس الجمهورية للمشروعات القومية، أن مصر تولى أهمية للأزمة فى ليبيا ومساندة كافة الأطراف السياسية بها، مضيفاً: "نعتبر حل الأزمة فى ليبيا أولوية، وندعم كل الأطراف من أجل الحل".
وأعرب "محلب" فى كلمته أمام الدورة 27 لقمة "فرنسا - أفريقيا"، عن تقديره لرئيس مالى إبراهيم بوبكر كيتا، على كرم الاستضافة وحفاوة الاستقبال له ولوفد مصر خلال تواجدهم فى باماكو، وعلى تنظيم القمة المتميزة.
كما وجه الشكر لرئيس فرنسا فرانسوا هولاند على اهتمام فرنسا المستمر بالتحديات التى تواجهها قارة أفريقيا، ودعمهم المتواصل للدول الإفريقية لتمكينها من مواجهة تلك التحديات والتغلب عليها وحرصهم على دورية انعقاد الشركة المتميزة لفرنسا مع القارة.
وقال "محلب" إنه استمع خلال الجلسة إلى التحديات والتهديدات المشتركة التى تواجه السلم والأمن فى القارة والتى تشكل عائقاً نحو تحقيق النمو والتنمية والازدهار.
وأوضح أن تلك التحديات لديها جذور اقتصادية واجتماعية راسخة وهو ما يستوجب معه تبنى منظور شامل للتعامل معها بحيث لا يقتصر على الحلول الأمنية فقط بل يمتد ليشمل اتخاذ خطوات فعالة للقضاء على الفقر والبطالة وتوفير فرص عمل للشباب ودعم خدمات التعليم والصحة، وتمكين المرأة وتحقيق الأمن الغذائى اتساقًا مع أهداف التنمية المستدامة "اس دى جى اس"، وتفعيل أجندة التنمية 2063، ومبادرة الاتحاد الأفريقى لإسكات البنادق بحلول عام 2020.
وأكد محلب أن مصر تتفق مع ضرورة العمل على منع اندلاع النزاعات فى المقام الأول من خلال الإجراءات الوقائية، واللجوء إلى السبل السلمية فى حل النزاعات على غرار الوساطة، حيث تتطلع مصر إلى تفعيل وحدة لدعم الوساطة بمفوضية الاتحاد الافريقى على النحو الذى اعتمدته الدورة 24 لمؤتمر رؤساء الدول والحكومات فى الاتحاد الأفريقى فى أديس أبابا يناير 2015 بناء على اقتراح مصر، على أن ينظر الاتحاد الأوروبى فى دعم تلك الخطوة خاصة أن ذلك يتفق مع مجالات التعاون التى حددتها خارطة الطريق للشراكة بين الاتحادين الأوروبى والأفريقى عام 2014 إلى 2017.
وأوضح "محلب" أن الإرهاب بات يشكل تهديًدا قويًا لكافة بقاع ودول العالم، وهو ما يؤكد على حتمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية وتعزيز العمل المشترك لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة من خلال مقاربة شاملة لا تستثنى أى من التنظيمات ولا تقتصر على العمليات الأمنية والعسكرية، وإنما تشمل أيضا نواحى التنمية البشرية والاجتماعية والأبعاد الفكرية والثقافية وتجديد الخطاب الدينى.
وتابع: "لا يفوتنى هنا أن أؤكد على إدراك الدول الأفريقية لمدى ارتباط ظاهرة الإرهاب بكافة أشكال وصور الجريمة المنظمة، ومنها الاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة وكذلك عمليات الهجرة غير الشرعية، وهو ما يتطلب بذل جهود مضاعفة لمساعدة الدول الأفريقية على ضبط ومراقبة تأمين حدودها بما يحد من تلك الجرائم، وكذلك على الدول المتلقية للهجرة أن تنتهج سياسات اجتماعية تسمح للمهاجرين بالاندماج فى المجتمعات التى يستقرون بها بما فى ذلك اتاحة فرص العمل والتدريب والتعليم دون تمييز أو عنصرية".
وواصل "محلب" حديثه قائلاً: "لا يفوتنى التذكير فى هذا الصدد بأن مصر ستستضيف قريبًا مركز مكافحة الإرهاب التابع لتجمع دول الساحل والصحراء كأداة لتبادل المعلومات الاستخباراتية والعمل التشاورى حول الشواغل المشتركة المرتبطة بالتهديدات الإرهابية والجماعات المتطرفة".
وأشار إلى أنه لا يمكن إغفال الأشكال الجديدة للإرهاب والتى تتسم بطبيعتها العابرة للحدود واستغلالها للتطورات فى مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات والتى باتت تلعب دورًا كبيرًا، وتوظف بالشكل الذى يخدم أهداف الإرهاب حيث لوحظ مؤخرًا لجوء التنظيمات الإرهابية إلى استخدام تلك التكنولوجيا لحشد التمويل وتجنيد العناصر الإرهابية لتنفيذ خططها الإجرامية، واستغلال بطالة الشباب وتردى أحوالهم المعيشية لإشراكهم وانخراطهم فى تلك العمليات الإرهابية، وهو ما يتطلب ضرورة إيلاء المزيد من الاهتمام لمسألة تأمين الفضاء السيبرانى خاصة فى أفريقيا.
وشدد "محلب" على أن مصر تتطلع إلى دعم فرنسا لمبادرتها فى الاتحاد الأفريقى لإقرار إطار مكافحة هذه الأنواع من الجرائم، وتقديم التدريب فى هذا المجال لكافة الأشقاء فى أفريقيا، مؤكدًا أن مصر على استعداد لاستضافة اجتماع للدول الأفريقية لمناقشة سبل تفعيل هذه المبادرة.
وأشار "محلب" إلى التحدى الذى يمثله الأمن البحرى للدول الأفريقية ومحيط القارة بالكامل الذى أسفر عن انتشار الأنشطة غير المشروعة كالقرصنة والسرقة والنهب للموارد الطبيعية والاتجار فى المخدرات والبشر والأسلحة وغيرها، بما يتطلب ضرورة ايجاد حلول مستدامة لمواجهة هذه التهديدات، وتأمين سواحلها بالصورة المطلوبة بغية الوصول إلى الاستخدام الأمثل لهذه السواحل فى تحقيق التنمية والرخاء للشعوب والدول الأفريقية.
ورحب محلب باعتماد ميثاق الأمن البحرى والسلامة والتنمية خلال القمة الاستثنائية للاتحاد الأفريقى المنعقدة فى أكتوبر 2016، معتبرها خطوة هامة فى هذا المجال.
وأضاف أن مصر تسعى إلى دعم بنية السلم والأمن الأفريقية "اى بى اس ايه" فى إطار الاتحاد الأفريقى، كما تواصل جهودها لاستكمال تلك البنية بما فى ذلك تفعيل قدرة إقليم شمال أفريقيا "ان ايه ار سى" التى ترأسها مصر حاليًا التابعة للقوة الأفريقية الجاهزة "ايه اس اف" والتى تهدف إلى التدخل فى الصراعات والأزمات الأفريقية والحفاظ على السلم والأمن والاستقرار فى أفريقيا.
واستطرد "محلب" قائلاً: "كما تؤكد مصر على أهمية تحقيق التعاون والتنسيق المستمر مع التجمعات الاقتصادية الاقليمية بالقارة، وتعزيز دورها الإقليمى لضمان احتواء وحل الأزمات الإفريقية، علاوة على ذلك فان مصر تسعى من خلال عضويتها المشتركة فى مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقى ومجلس الأمن الدولى إلى التوفيق بين أجندة عمل المجلسين بما يساعد على إيجاد حلول مناسبة للنزاعات والمشاكل الإفريقية، وبما يحقق أهداف ومصالح الدول الإفريقية ويحفظ حقوقها، وكذلك تؤيد مصر الجهود التى تقوم بها المسارات والآليات الأمنية الإقليمية بالقارة والتى تهدف إلى تبادل المعلومات الأمنية والاستخباراتية بين الدول فى مجال مكافحة الإرهاب والجماعات المسلحىة والمتمردة والجرائم العابرة للحدود".
وأعرب محلب عن تطلع مصر واستعدادها للمشاركة فى هذه المسارات الأمنية بما فى ذلك مسار نواكشوط وعملية جيبوتى.
وفى ختام كلمته، أكد "محلب" على أهمية ضمان تمويل مستدام لأنشطة السلم والأمن للاتحاد الأفريقى، واستمرار دور فرنسا والاتحاد الأوروبى كشركاء لأفريقيا فى هذا المجال لحين تمكن الدول الأفريقية من تمويلها من مصادرها المحلية، وذلك حتى لا يترتب على خفض التمويل من جانب الشركاء أو عدم تسديدهم لما سبق لهم التعهد به على تلك الأنشطة بما فى ذلك عمليات حفظ السلام وبناء قدرات الجيوش وتوفير التدريب اللازم للكوادر والأجهزة الأمنية الإفريقية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة