جدل ومشاحنات ومقاطعة للمتحدثين و"خناقات" بين الجمهور والمنصة وتهديدات بإلغاء الندوة، هذا أبرز ما يمكن وصفه ورصده لما حدث عقب فتح باب الأسئلة فى ندوة مناقشة كتاب "حوار مع صديقى المتطرف" الصادر عن دار مصر العربية للنشر، ودار بردية للنشر، للشاعرة والمترجمة فاطمة ناعوت، وناقش الكتاب كل من الدكتور شاكر عبد الحميد، وزير الثقافة الأسبق، والكاتبة الدكتورة جمال حسان، وأدار الندوة الشاعر والناقد شعبان يوسف.
فقد بدأت المشادات الكلامية حينما قام أحد الكتاب الشباب، بطلب توجيه الأسئلة للشاعرة فاطمة ناعوت، موجها العديد من الانتقادات لها من خلال ما ذكرته فى مقدمة الكتاب حول انتمائها لعائلة صوفية، مشيرًا إلى بعض المقولات المنسوبة لابن عربى، وعلى الرغم من طلب المنصة للكاتب الشاب بالالتزام بوقته المحدد لطرح الأسئلة استمر فى حديثه، الأمر الذى أثار غضب القاعة، مطالبينه بالنزول من على المنصة، إلا أن الدكتور شاكر عبد الحميد، اعترض على هذا الطلب، وأصر على أن يكمل الكاتب الشاب أسئلته.
وحينما توجهت فاطمة ناعوت للكاتب الشاب للرد على أسئلته، ووصفته بالطالب الذى يقرأ "قشور المنهج"، اعترض وقام بمغادرة المقهى الثقافى، ما أثار القاعة مرة ثانية، وطالب الشاعر والناقد شعبان يوسف المسئول عن المقهى الحضور بالالتزام بالوقت، مهددًا بإلغاء الندوة فى حالة عدم الالتزام بآداب الحوار، مشددًا على أن الهدف الأساسى من الندوة هو احترام الرأى، والرأى الآخر، وهو مطلب أساسى فى بناء مصر التى نحلم بها.
وبعد انتهاء فاطمة ناعوت من التعليق على السؤال الأول، قام أحد الشباب، قال بأنه صحفى، بتوجيه سؤال إلى فاطمة ناعوت، حول كيفية موافقتها على دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسى للمشاركة مع مؤسسة الأزهر الشريف فى تجديد الخطاب الدينى، فى ظل ما تعرضت له مؤخرًا من اتهامها بازدراء الأديان، فعلقت "ناعوت": إن الرئيس السيسى لم يختصمنى، وكذلك المحكمة، وكل ما فى الأمر هو أن شخصًا أراد "الشهرة" على حساب اسمى، مشددة على أنها مع دولة المؤسسات.
وقالت الشاعرة والمترجمة فاطمة ناعوت، خلال مناقشة الندوة، إننى أتوجه بالشكر إلى صديقى إسلام البحيرى، لمحاولاته للحضور لمناقشة الكتاب، لكنه تعذر حضوره، لافتة إلى أن كتابها سوف يصدر له جزأين، ولم يتم الانتهاء بعد من تحديد إذا ما كان الجزء الثانى والثالث سوف يصدرون بنفس العنوان مع إضافة رقم الجزء للكتاب، أم سيتم تغير العنوان.
وقال الكاتب أدهم العبودى، صاحب دار بردية للنشر، إن الكتاب عبارة عن مجموعة مقالات تتناول نوعاً من الحوارات مع الآخر، سواءً كان هذا الآخر مسلماً أو مسيحيًا، لافتاً إلى أن فاطمة ناعوت، حينما التقت به لنشر الكتاب، حذرته من نشره لنتيجة لطبيعة الموضوعات التى يتطرق إليها، إلا أنه كان متحمسًا لنشره هو والناشر وائل الملا، صاحب دار مصر العربية للنشر.
وقال الدكتور شاكر عبد الحميد، إن التطرف ليس قاصرًا على دين محدد، أو فترة زمنية محددة، ولكنه ازداد فى العقود الأخيرة لأسباب كثيرة، والتطرف بالمعنى اللغوى يعنى دفع أى شىء نحو أطرافه القصوى من خلال تبنى وجهات نظر، وإذا كان الاعتدال هو حالة إنسانية، فكذلك التطرف هو أيضًا، حالة إنسانية.
وأضاف شاكر عبد الحميد، إن جوهر التطرف هو هذه الطريقة فى التفكير التى تتسم بالانغلاق، وهو ما يتجلى عبر المقالات التى قدمتها فاطمة ناعوت فى كتابها، كما يكرس الكتاب للعديد من القيم التى تشجب وترفض استخدام الدين فى الإرهاب.
وأشار وزير الثقافة الأسبق، إلى أن فاطمة ناعوت ناقشت العديد من مظاهر الإرهاب سواءً فى الإعلام، والمواصلات، والمنازل، وإجبار الفتيات على ارتداء الحجاب، وما إلى ذلك من مظاهر.
وقالت الدكتورة جمال حسان، إن عنوان الكتاب، يوحى بأن هناك رغبة للحوار مع الآخر، هذا الآخر الذى وصفته الكاتبة بالصديق، ولكنه متطرف، وهو ما يوضح لنا مدى التسامح فى البداية.
وأضافت جمال حسان: لقد لخصت فاطمة ناعوت فى كتابها بعض المشكلات المتعلقة بالتطرف، حيث رأت أن غياب الحب هو الذى يؤدى إلى التطرف الفكرى والسلوكى، و تناولت العديد من مظاهر الاشتباك ضد الحياة بداية من 2008، وحتى يومنا هذا.
وأشارت الكاتبة جمال حسان إلى أن الشاعرة فاطمة ناعوت أبحرت فى الأديان الأخرى، كدعوة لرؤية العالم المتسع الذى لا يسكنه إلا المسلمين فقط، مضيفةً: برأيى أن فاطمة ناعوت تطوعت لتقديم رؤية مهمة لتقبل الاختلاف، وقدرتها على تحمل متاعب الاختلاف.
هذا وقد شهدت الندوة حضورًا كبيرًا من جمهور معرض القاهرة الدولى للكتاب، فى دورته الـ48، واعتذرت فاطمة ناعوت للجمهور عن تأخرها بسبب الزحام الشديد، الذى دفع المقهى الثقافى للبدء فى مناقشة الكتاب قبيل مجيئها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة