فى وقت يجتمع فيه مجلس الأمن الدولى، لبحث معلومات أمريكية تفيد بقيام إيران باختبار صاروخ باليستى متوسط المدى، فى موقع قرب مدينة "سمنان"، الذى انفجر على مسافة 630 ميلا من المدينة، لم تؤكد طهران أو تنفى قيامها بتلك التجربة، واكتفت بالتأكيد على أن "اختبارات الصواريخ الباليستية ليست جزءًا من الاتفاق النووى، ولن تستخدم أبدًا فى مهاجمة دولة أخرى"، حسبما ورد على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف.
كروت ضغط طهران أمام الإدارة الأمريكية الجديدة
فى هذا الصدد، يرى مراقبون أن تعمد صناع القرار فى إيران، عدم تأكيد أو نفى الأخبار المتداولة عن تجربة الصاروخ الباليستى متوسط المدى، الذى قد يكون الأول فى عهد الإدارة الأمريكية الجديد بقيادة دونالد ترامب، وما يثيره "ترامب" بشأن تصديه لسياسات طهران، ورفضه للاتفاق النووى المبرم فى يوليو 2015 بين إيران والمجموعة الدولية، يأتى بدافع تخوف طهران على الاتفاقية، فى ظل قرارات الرئيس الأمريكى الأخيرة، ما يشير أيضًا إلى احتمال أن تكون التجربة بالون اختبار جديدًا لـ"ترامب"، إضافة إلى سعى طهران لإظهار كروت ضغط مبكرة على واشنطن، حال عدم التزامها بالاتفاق النووى، فى ظل تصعيد من الطرفين ينبئ بصدام وشيك.
حرب نفسيه بين طهران وواشنطن
تتزامن معلومات البيت الأبيض حول الاختبار الصاروخى الإيرانى، مع حرب نفسية تشنها طهران، تستهدف فى المقام الأول الإدارة الأمريكية الجديدة، وتدل أيضًا على مخاوف قادة طهران من قرارات تلك الإدارة، وفى هذا الإطار جاءت تصريحات نائب القائد العام الحرس الثورى الإيرانى، العميد حسين سلامى، أكد فيها إنتاج صواريخ باليستية قادرة على ضرب أهداف متحركة، مشيرًا إلى أن إيران أصبحت من الدول القليلة فى العالم التى تمتلك تلك التقنية.
وفى سياق متصل، أعلن المتحدث باسم لجنة التخطيط والميزانية والحسابات فى مجلس الشورى الإسلامى/ البرلمان الإيرانى، محمد مهدى مفتح، أن اللجنة صادقت على تخصيص مليار و300 مليون دولار أخرى، من مصادر صندوق التنمية الوطنية، لتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد، ومنحها للأركان العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع والإسناد الإيرانية.
بعيدًا عن ردود الفعل الدولية، فإن طهران تعتبر أن تجاربها الصاروخية تدخل فى إطار برنامجها الدفاعى، وتؤكد أن قدرتها الدفاعية "غير قابلة للتفاوض بأى شكل من الأشكال"، وفى هذا السياق اعتبر وزير الخارجية الإيرانى، جواد ظريف، فى تعليقه على التجربة الصاروخية، أن "برامج إيران الدفاعية خارجة عن إطار القرار الأممى رقم 2231 والاتفاق النووى"، مؤكّدًا أن إيران لن تربط أبدًا مسألة الدفاع عن نفسها بسماح الأطراف الأخرى لها بهذا.
استهلاك داخلى على أعتاب الانتخابات
على جانب مقابل، يرى رأى آخر، أن الصدام بين هرم السلطة فى إيران، الذى يهيمن عليه التيار الدينى المتشدد والحرس الثورى، والإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة دونالد ترامب، مناخ يسعى التيار المحافظ لاستعادته بعد أن اختفى فترة تولى "روحانى" و"أوباما" مقاليد السلطة فى البلدين، سعيًا لتحقيق عدة أهداف داخل إيران، منها أهدافه الحزبية، إذ يعمل على تعزيز حالة العداء النفسى بين الجماهير الإيرانية، التى ستنتخب رئيسًا جديدًا بعد 4 أشهر من الآن، والشيطان الأكبر حسبما تسوّق إيران صورة البيت الأبيض.
ويرى التيار المتشدد، أن وجود إدارة أمريكية تريد تقويض وجود "طهران" ودورها فى المنطقة، يمنحه مبررات لتقديم مرشحه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة، ليكون فارس المرحلة، ويتصدر المشهد السياسى من جديد، فى محاولة من المتشددين لإزاحة الرئيس المعتدل حسن روحانى من السباق الرئاسى، ومن ثمّ من المشهد السياسى فى البلاد خلال السنوات المقبلة، وفقًا للمتغيرات الدولية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة