تأتى مرحلة ما بعد تحرير سعر الصرف "تعويم الجنيه"، لتؤكد أهمية انضباط واستقرار الأسواق تدريجيًّا، وتحديدًا سوق صرف العملات العربية والأجنبية، وأسواق السلع والخدمات، ومن ثمّ زيادة تدفق العملات فى شرايين القطاع المصرفى، وجذب رؤوس الأموال للاستثمار داخل البلاد، وانعكاس ذلك على توافر السلع المنتجة محليًّا، وانخفاض معدل التضخم، الذى يعنى مستويات أسعار السلع والخدمات.
وكشفت وثائق صندوق النقد الدولى، بشأن قرض الـ12 مليار دولار الممنوح لمصر، والتى تم الإعلان عن تفاصيلها مؤخرًا، عن أنه سيتم إلغاء القيود على تحويلات الأفراد للمبالغ التى تزيد على 100 ألف دولار، قبل نهاية العام المالى الجارى فى يونيو 2017.
خطوات البنك المركزى عقب ثورة يناير للحد من نزوح العملة
كان البنك المركزى المصرى، قد اتخذ عدة خطوات عقب ثورة 25 يناير 2011، للحد من عمليات نزوح العملة الصعبة خارج مصر، بوضع حد للتحويلات بالعملات الصعبة للخارج عن طريق البنوك بـ100 ألف دولار سنويًّا، وقرر هشام رامز، محافظ البنك المركزى السابق، رفعها إلى 200 ألف دولار، بزيادة 100 ألف دولار للتحويل لمرة واحدة.
ومن الممكن أن يتم التطبيق التدريجى لرفع سقف تحويلات الأفراد للخارج، خلال الشهور الـ5 المقبلة، وقبل التنفيذ الفعلى للقرار، للعمل على تقييم مدى نجاح رفع الحد فى الحفاظ على العملة الصعبة والسيولة الدولارية التى بحوزة الأفراد فى حساباتهم المصرفية، والعمل على الحد من خروج متوقع لنسبة كبيرة من السيولة الدولارية من البنوك المصرية، وخفض الطلب المتزايد المتوقع فى أعقاب هذه القرارات، بما ينعكس على سعر صرف الدولار أمام الجنيه واستقرار سوق الصرف المصرية.
ولأن خطوة تعويم الجنيه تساهم فى دعم ثقة الاستثمار الأجنبى المباشر وغير المباشر فى الاقتصاد المصرى، وتنازلات العملاء عن العملات للجهاز المصرفى - بيع العملة للبنوك - بدلًا من بيعها فى السوق السوداء، ارتفع بالفعل حجم التنازلات فى البنوك لأكثر من 7 مليارات دولار، إلى جانب تدفق الموارد الدولارية الأخرى، بما يعزز منسوب السيولة بالعملة الصعبة داخل الاقتصاد المصرى، وينعكس ذلك على إتاحتها لتلبية الاستيراد والعلاج والتعليم، وغيرها من التزامات المواطنين، وتحسن مؤشرات أداء الاقتصاد المصرى بشكل تدريجى خلال الفترة المقبلة.
رفع سقف التحويلات يدعم الثقة فى الاقتصاد ويؤكد سهولة ودخول الأفراد
الأثر الإيجابى لرفع سقف التحويلات المالية للأفراد، يتمثل فى دعم الثقة فى الاقتصاد المصرى، وتأكيد سهولة دخول وخروج الأفراد بالعملة الأجنبية، وإجراء التحويلات بمستوى من الحرية، بما يواكب القواعد العالمية، مثل "اعرف عميلك" التى تعنى معرفة سلوك الفرد المصرفى وتاريخه فى التعاملات البنكية، وأيضًا قواعد مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وخفض معدلات التعامل بالنقد الأجنبى داخل الاقتصاد، لصالح التعامل بالعملة الوطنية "الجنيه".
وتعمل البنوك على تنمية مواردها الدولارية الذاتية، من عمليات تنازلات العملاء عن العملة والإيداعات فى الأوعية الإدخارية بالعملات الأجنبية الرئيسية، إضافة إلى أرصدة البنوك الدولارية الناتجة عن العمليات المصرفية المختلفة.
وتستهدف البنوك المكونة لنسيج القطاع المصرفى المصرى، ترشيد استخدامات أرصدة النقد الأجنبى لديها، وتوظيف العملة الأجنبية فى عمليات الاستيراد بشكل أمثل، إلى جانب السيطرة على فوضى الاستيراد من الخارج للسلع غير الضرورية ومنتجات الرفاهية، خاصة فى ظل الأزمة الخاصة بتأثر موارد العملة الصعبة من قطاعى السياحة والاستثمارات، وتشجيع الطلب على المنتج المحلى والسلع التى لها بديل فى السوق المحلية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة