عقود عدة، خاضت فيها المرأة المصرية، معاركها لقبولها في الهيئات والجهات القضائية المختلفة، وتصبح قاضية، مثلها مثل الرجل، واستطاعت أن تقتنص حقوقها فى هذا الشأن من بعض الهيئات والجهات، إلى أن اعتلت المنصة، سواء القضاء العادى أو الدستورى، بل وترأست هيئات قضائية، وتولت مناصب قيادية، فى هيئات أخرى، فيما توقع البعض أن تشهد الفترة المقبلة، اتجاها لقبول تعينها بمجلس الدولة.
وتؤكد المادة 11 فى فقرتها الثانية من دستور 2014 على تعيين المرأة فى الجهات والهيئات القضائية، حيث نصت على أن "تكفل الدولة للمرأة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة، والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية".
2007 عام تعيين المرأة فى القضاء العادى.. ومطالب لدخول النيابة العامة
كان عام 2007 هو العام الذى شهد تعيين أول دفعة للقاضيات فى مصر، وذلك أثناء ترأس المستشار مقبل شاكر لمجلس القضاء الأعلى، حيث وقفت أمامه أول 30 قاضية لتأدية اليمين الدستورية.
ووفقاً لآخر إحصائيات رسمية لوزارة العدل فإن عدد القاضيات فى محاكم مصر 66 قاضية، وأول دفعة فى عام 2007 شملت 30 قاضية، ثم الدفعة الثانية عام 2008 تم تعيين 12 قاضية، وأخيراً الدفعة الثالثة عام 2015 وشملت 24 قاضية، فيما يزيد عدد أعضاء السلطة القضائية التابعين للقضاء العادى ما يزيد عن 16 ألف قاض، كما لا يسمح حتى الآن بتعيين الإناث فى النيابة العامة.
وقال المستشار مقبل شاكر، رئيس مجلس القضاء الأعلى الأسبق، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إن المرأة نصف المجتمع
، وأصبحت سفيرة ووزيرة، وقادرة على تولى كل المناصب، ولابد من التخلى عن التفكير الذكورى، ولا يوجد فى القانون ولا الشريعة ما يمنع من أن تصبح المرأة قاضية، كما ذكر السنهورى، فى حكم عائشة راتب، حيث أكد أنه لا يوجد ما يمنع فى القانون ولا الشريعة ولكن ظروف المجتمع كانت ترفض تعيين المرأة قاضية فى ذلك الوقت، وتأخرنا كثيراً وحان الوقت لإعطاء المرأة حقها فى كل الجهات والمؤسسات القضائية.
المحكمة الدستورية تعين أول قاضية بها
وقبلها بأربع سنوات عام 2003 كان تعيين المستشارة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا سابقا.
المرأة تحكم النيابة الإدارية.. والإناث أكثر من الذكور
وتعتبر هيئة النيابة الإدارية، من أوائل الهيئات التي تقبل تعيين الإناث، بل ومن أكثر، لدرجة أن نسبة أعضاءها من الإناث تزيد عن الذكور، فمنذ نشأتها عام 1954، وهي تقبلهن، وتترأس الهيئة حالياً المستشارة فريال حميد قطب،
والتى جاءت خلفاً للمستشارة رشيدة فتح الله.
وتعد المستشارة هند طنطاوى، أول سيدة تترأس الهيئة بل وأول سيدة تترأس هيئة قضائية فى مصر، وتولت رئاستها لمدة عامين خلال الفترة ما بين سبتمبر 1998 وحتى يونيو 2000، وعقب بلوغ المستشارة هند سن التقاعد، تولت خلفاً لها المستشارة ليلى جعفر، لمدة سنة واحدة خلال الفترة من يوليو 2000 وحتى بلوغها سن التقاعد فى يونيو 2001.
وفي تقرير سابق للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مارس الماضى، ذكر أن 43% من أعضاء النيابة الإدارية من الإناث، حتى بدايات عام 2016، لكن المستشار محمد سمير، المتحدث الرسمى بإسم هيئة النيابة الإدارية، قال فى تصريحاته لـ"اليوم السابع"، إن نسبة الإناث بالهيئة تجاوزت الـ50% حالياً، وأصبح عددهن أكثر من المستشارين الرجال.
ويتشكل مجلس المجلس الأعلى للنيابة الإدارية حالياً من رئيسة الهيئة، وعضوية أقدم ستة من نواب الرئيس، من بينهم 3 سيدات هن المستشارة محاسن كامل، النائب الأول لرئيسة هيئة النيابة الإدارية، والمستشارة سمية المتيم والمستشارة سناء زمزم، بالإضافة لرئيسة الهيئة المستشارة فريال قطب. أى أن 4 من أصل 7 من أعضاء المجلس الأعلى للهيئة "سيدات".
هيئة قضايا الدولة تصعد المرأة بالمناصب القيادية
ومنذ عام 1978، وترحب هيئة قضايا الدولة بتعيين المرأة، ووفقاً لآخر إحصائية صادرة عن الهيئة فإن عددهن بغل 427 من إجمالى عدد مستشار الهيئة البالغ عددهم 3300 مستشاراً.
وفي أغسطس الماضى أعلن رئيس الهيئة، المستشار حسين عبده خليل، تعيين 6 مستشارات بدرجة نائبات لرئيس الهيئة، لرئاسة عدد من الأقسام والفروع الرئيسية بالهيئة.
وقال رئيس هيئة قضايا الدولة، في تصريحات صحفية، إن هذا القرار بتولى سيدات من المستشارين نواب رئيس الهيئة لمناصب قيادية بها، يأتي في ضوء ما أثبتنه من كفاءة وجدارة واستحقاق، وإيمانا بدور المرأة فى العمل فى المجال القضائى، مشيرًا إلى أن تولى المناصب القيادية داخل هيئة قضايا الدولة يخضع لمعايير المهنية والكفاءة والتميز والقدرة على الإنجاز، دونما أى تفرقة بين الرجال والسيدات من أعضاء الهيئة.
مجلس الدولة.. تاريخ طويل من النضال والنتيجة صفر
أما في مجلس الدولة، فخاضت المرأة معارك كثيرة، لتعينها فيه المجلس، بدأت منذ خمسينيات القرن الماضى على يد الوزيرة والسفيرة الراحلة، عائشة راتب، صاحبة أول دعوى قضائية ضد مجلس الدولة، تطالب بتعينها بالمجلس، وذلك عام 1952، والتى انتهت برفض تعينها.
عائشة راتب
وأصدر الحكم في القضية، المستشار السنهورى، رئيس مجلس الدولة وقتئذ، والذى أكد على إنه لا يوجد مانع شرعى أو قانونى لتعتلى المرأة منصة القضاء، لكن الظروف الاجتماعية والسياسية غير مهيأة لذلك، والوقت لم يأت بعد لتعتلى المرأة منصة القضاء.
وفي آواخر عام 2009 ومطلع عام 2010 نجد أن تعيين المرأة كقاضية فى مجلس الدولة قد ثارت وأدت لانقسام قضاة المجلس بين مؤيد ومعارض، إلى أن انتهت برفض الجمعية العمومية لمستشارى المجلس والجمعية العمومية لنادى قضاة المجلس تعيين خريجات دفعتى 2008 و2009، وتأجيل مناقشة تعيين الإناث لأجل غير مسمى، بحجة عدم صلاحية الإناث للعمل القضائى فى ظل الظروف الحالية لأبنية المحاكم والنصوص القانونية واللائحية القائمة، وظلت القضية معلقة حتى الآن.
النائبة سوزى ناشد، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أعلنت عن تقدمها بمشروع قانون يلزم مجلس الدولة بتعيين المرأة قاضية فيه، خلال الأيام القليلة المقبلة.
وقالت في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إنها مازالت تعكف على دراسة مشروع القانون، للتوصل لشكله النهائى، وذلك استنادا للمادة 11 من الدستور التى تلزم كافة الجهات والهيئات القضائية بتعيين المرأة.
الدكتور صلاح فوزى، أستاذ القانون الدستورى، وعضو اللجنة العليا للإصلاح التشريعى، قال لـ"اليوم السابع" إن المادة 11 نافذة بذاتها، وواجبة التنفيذ، وعلى كل الجهات القضائية الالتزام به، لأن عدم تنفيذ مخالفة صريحة للدستور.
أشار فوزى، إلى أن الهيئات القضائية، وهي هيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية، ترحب بتعيين الإناث منذ زمن بعيد، كما أن القضاء الدستورى له سابقة في تعيين المستشارة تهانى الجبالى، والقضاء العادى فتح الباب للإناث بشكل محدود، لكن مازال مجلس الدولة هو الجهة الوحيدة التى ترفض تعيين الإناث نهائياً.
ويرى الدكتور صلاح فوزى، وهو أحد أعضاء لجنة العشرة التى شاركت فى وضع دستور 2014، أن تعيين المرأة فى الهيئات والجهات القضائية أصبح "إلزام دستورى"، ولا يحتاج لتعديل قانون أو وضع قانون لتعين المرأة في مجلس الدولة، ولا يجوز الاقتراع على ما يخالف الدستور، لن النص نفاذ بذاته، لكنه مع ذلك رحب بتقديم قانون يلزم المجلس بتعيين المرأة.
أضاف، أن المرأة أثبتت نجاحها وقدرتها على خوض العديد من المجالات، بما فى ذلك اعتلاء منصة القضاء، كما أنه لا يوجد ما يمنع أو يعيق عمل المرأة فى القضاء الإدارى أو الأقسام المختلفة بمجلس الدولة.
النائبة سوزى ناشد، عضو لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، أعلنت عن تقدمها بمشروع قانون يلزم مجلس الدولة بتعيين المرأة قاضية فيه، خلال الأيام القليلة المقبلة.
وقالت فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إنها مازالت تعكف على دراسة مشروع القانون، للتوصل لشكله النهائى، وذلك استنادا للمادة 11 من الدستور التى تلزم كافة الجهات والهيئات القضائية بتعيين المرأة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة