لاقت تحقيقات "بى أن سبورتس" القطرية ردود أفعال واسعة واهتمامات كبيرة من الصحف ووسائل الإعلام الدولية، فقد ذكرت وكالة فرانس بريس، أن تحقيقات "بى إن سبورتس" هى الأحدث فى شبكة معقدة من الفضائح التى هزت كرة القدم العالمية، حيث داهمت قوات الشرطة مقار شبكة بى إن سبورتس القطرية فى أربعة عواصم أمس هى باريس وإيطاليا واليونان وأسبانيا، وقال مكتب التحقيقات إنه كان هناك ثالث مشتبه فيه فى القضية ولكنه لم يعرف سوى أنه "رجل أعمال فى قطاع الحقوق الرياضية".
وأعلن مكتب المدعى العام السويسرى أمس، أنه يشتبه أن جيروم فالك، الأمين العام السابق للاتحاد الدولى لكرة القدم "فيفا"، قبل امتيازات لم يكن يستحقها من رجل أعمال فى قطاع حقوق البث الرياضى، فيما له صلة بمنح الحقوق الإعلامية لبطولة كأس العالم أعوام 2018 و2022 و2026 و2030 لدول بعينها، ومن ناصر الخليفى، فيما يتصل بمنح الحقوق الإعلامية فيما يخص كأس العالم عامى 2026 و2030".
وفى الإطار ذاته، أعلنت السلطات الفرنسية أن مكاتب شبكة "بى أن سبورتس" جرى تفتيشها كجزء من تحقيق جنائى مع جيروم فالك والقطرى ناصر الخليفى. وأصدر مكتب المدعى العام المالى فى فرنسا بيانا، قال فيه أن اثنين من ممثليه إلى جانب مسئولين فرنسيين آخرين يختصون بشؤون مكافحة الفساد والتهرب الضريبى قاموا بعملية التفتيش.
وستقام مباريات كأس العالم 2018 و2022 فى روسيا وقطر على التوالى، فى حين لم يتم بعد منح بطولات 2026 و2030، وكانت شركة قطر للاستثمارات الرياضية قامت بشراء شركة بى إس جى فى عام 2011.
بى إن سبورت
صفقة انتقال نيمار من نادى برشلونة إلى نادى باريس سان جيرمان الذى تملكه قطر بـ263 مليون دولار سلطت الضوء على المبالغ المالية الخيالية التى تُنفق على اللاعبين والنوادى فى أوروبا.
إذ شهدت كرة القدم الأوروبية على مدى السنوات القليلة الماضية تدفقات نقدية من قبل دول الخليج و(فى الآونة الأخيرة) من قبل الصين، وحققت الأندية الكبرى إيرادات هائلة من خلال حقوق الكفالة والبث التلفزيونى.
ورأت قطر للرياضة الدولية دوراً حاسماً فى رفع مكانتها عالمياً، وكان لديها المال للقيام بذلك. إذ أنها فى ديسمبر 2010، رغم توقعات الكثيرين فازت باستضافة كأس العالم 2022. وبعد فترة وجيزة، بدأت برعاية برشلونة من خلال مؤسسة قطر - وبذلك، أصبحت أول راع يظهر اسمه على الجزء الأمامى من قمصان اللاعبين فى تاريخ النادى الطويل.
واشترت قطر للاستثمارات الرياضية - المملوكة للدولة - باريس سان جيرمان (PSG) قبل خمس سنوات مقابل 170 مليون دولار كجزء من استراتيجية الدولة للاستثمار فى العلامات التجارية العالمية، سواء فى الأعمال التجارية أو الأزياء أو العقارات أو الرياضة.
وقال محلل لموقع CNN، تيم ليستر: "استراتيجية (قطر) الإنفاق بشكل كبير لجعل باريس سان جيرمان عملاقاً أوروبياً، ينافس ريال مدريد وبرشلونة وبايرن ميونيخ ومانشستر يونايتد. إذ واقترب باريس سان جيرمان قاب قوسين أو أدنى من التغلب على برشلونة فى دورى أبطال أوروبا العام الماضى - حتى سجل نيمار نفسه مرتين (لصالح برشلونة). ولعل تلك كانت اللحظة التى قرر فيها فريق باريس سان جيرمان أن نيمار يجب أن ينضم لفريقهم. ولعل تلك كانت اللحظة التى قرر فيها نيمار أنه يستحق أن يكون مركز الاهتمام - للخروج من ظل ليونيل ميسي".
قناة قطر الرياضية
وأضاف ليستر: "بطريقة ما، قامت قطر بتقليد ما فعلته الإمارات. إذ قامت الإمارات بتسويق ’طيران الإمارات‘ من خلال بناء شركة طيران عالمية، ووضع العلامة التجارية على أندية كرة القدم، والاستثمار بشكل كبير فى تعزيز دبى كوجهة سياحية وشراء الشركات الرائدة."
وتابع ليستر: "قطر وسّعت وجودها فى الشرق الأوسط بولادة شبكة تلفزيون الجزيرة فى عام 1996، ولكن بشكل درامى أكبر عبر تدخل قطر (بالأسلحة والنقد) فى ليبيا وسوريا."
وأضاف المحلل الذى يتابع شؤون الشرق الأوسط منذ أكبر من عشر سنوات: "وسواء كان ذلك عبر شراء أندية كرة القدم أو دعم الجماعات المتمردة الإسلامية، فإن قطر جعلت أموالها تتوغل وقد أدت علاقاتها مع إيران واحتضانها لقضايا جذرية مثل الإخوان المسلمين إلى غضب فى الخليج (السعودية والإمارات) ومصر، مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية مؤخراً وإغلاق الحدود."
ورأى ليستر أن عقد انتقال نيمار إلى باريس سان جيرمان هو آخر إجراء لتحدى الأزمة، قائلاً إنه بمثابة قول الدوحة: "سنستمر بإنفاق أموالنا فى جميع الأنحاء لبناء علامة تجارية عالمية – فضلاً عن الاستثمار الاستراتيجى فى أكبر الشركات فى العالم".
أما الخليفى فإن شهرته زادت فى هذه الرياضة فى الأشهر الأخيرة، وكان نادى باريس سان جيرمان قد دفع لنادى برشلونة 222 مليون يورو (264 مليون دولار) أغسطس الماضى مقابل شراء اللاعب نيمار ، وترددت علامات استفهام حول قدرة النادى الفرنسى دفع هذا المبلغ الذى يتجاوز ضعف الرقم القياسى لأغلى لاعب فى العالم حاليا، والمسجل باسم الفرنسى بول بوغبا بعد انتقاله لمانشستر يونايتد الإنجليزى مقابل 89 مليون جنيه استرليني، وما يقرب من مرتين ونصف ما دفعه ريال مدريد الأسبانى للتعاقد مع النجم البرتغالى كريستيانو رونالدو عام 2009. والخليفى تعهد بالاستحواذ على لقب دورى أبطال أوروبا فى غضون عامين.
استجواب جنيف
وذكرت فرانس برس أن فالكى، وهو مواطن فرنسى يحمل الجنسية الجنوب أفريقية، قد أقيل من منصبه كأمين عام للفيفا العام الماضى وسط فضيحة فساد كبرى، وأصبح موضوع التحقيق فساد سويسرى منفصل فى مارس 2016 على سوء الإدارة خلال فترة ولايته فيفا.
جيانى-انفانتينو
وفى الوقت الذى تم فيه استجواب فالكى، قامت السلطات فى فرنسا واليونان وإيطاليا وإسبانيا بتفتيش جميع الممتلكات كجزء من التحقيق، وفقا لما ذكره المدعون العامون السويسريون، مضيفا أنه لا يوجد حاليا أى مشتبه به فى القضية قيد الاعتقال حتى الآن.
وهذا التحقيق الجديد هو الأحدث فى شبكة معقدة من الفضائح التى هزت كرة القدم العالمية على مدى العامين ونصف العام الماضية، وتجرى العشرات من التحقيقات المتعلقة بالفساد فى سويسرا والولايات المتحدة وأماكن أخرى.
وقد تعهد رئيس فيفا جيانى انفانتينو، الذى تسلم من بلاتر المخلوع العام الماضى، بتنظيف اللعبة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة