بدأت تركيا تتحرك بشكل فعلى فى سوريا لخلق مناطق نفوذ لها فى البلاد عقب الصفقة الأخيرة التى أبرمتها مع إيران، وذلك بعيدا عن محاربة الإرهاب أو تنظيم داعش ولكن لمواجهة أكراد سوريا الذين يتطلعون لخلق كتلة سكانية من الفصيل الكردى فى شمال سوريا وعلى طول الحدود مع تركيا.
قوات تركية
وفندت وسائل إعلام عربية مزاعم تركيا بأن تدخلها فى إدلب يأتى لمحاربة جبهة النصرة، وذلك بنشر صور ومقاطع تثبت مرافقة مسلحين من جبهة النصرة لقوات الجيش التركى التى دخلت إدلب فى الشمال السورى يوم الخميس الماضى.
بدورها أدانت الحكومة السورية دخول الجيش التركى الأراضى السورية فى محافظة إدلب شمال غرب سوريا واعتبرته عدوانًا سافرًا.
وقال مصدر رسمى فى وزارة الخارجية السورية، إن الجمهورية العربية السورية تدين بأشد العبارات توغل وحدات من الجيش التركى فى محافظة إدلب والذى يشكل عدوانًا سافرًا على سيادة وسلامة الأراضى السورية وانتهاكا صارخا للقانون والأعراف الدولية.
وأضاف المصدر الذى نقلت تصريحه وكالة الأنباء السورية (سانا)، أن هذا العدوان التركى لا علاقة له من قريب أو بعيد بالتفاهمات التى تمت بين الدول الضامنة فى عملية أستانا بل يشكل مخالفة لهذه التفاهمات وخروجا عنها، مطالبًا النظام التركى الالتزام بما تم الاتفاق عليه فى أستانا.
وأكد المصدر، على أن الجمهورية العربية السورية تطالب بخروج القوات التركية من الأراضى السورية فورًا ومن دون أى شروط، مشددة على أن هذا التوغل يعد عدوانًا صارخًا لن يستطيع النظام التركى تبريره أو تسويغه بأى شكل كان.
ودخلت وحدات من الجيش التركى إلى الأراضى السورية الخميس الماضى، من معبر كفرلوسين فى ريف إدلب وبعد اتفاق مع هيئة تحرير الشام وحركة نور الدين الزنكى وانتشرت القوات التركية فى منطقة دارة عزة فى ريف حلب الغربى المحاذية لمناطق عفرين التى تسيطر عليها وحدات حماية الشعب الكردى.
أردوغان
وفى منتصف أغسطس، سافر وفد رفيع من القادة العسكريين الإيرانيين وفى مقدمتهم رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد حسين باقرى، إلى أنقرة فى زيارة رسمية علنية. وكانت نتيجة الزيارة توقيع معاهدة استراتيجية جديدة بين البلدين.
ظاهريا يهدف الاتفاق إلى تعزيز التعاون العسكرى بين طهران وأنقرة ضد تنظيم داعش الإرهابى الذى تحاربه الدولتان فى سوريا. ولكن فى الواقع يتمحور الاتفاق حول قضية مختلفة تماما وهو التعاون لمواجهة النفوذ الكردى فى المنطقة.
بشار الأسد
وكشفت مصادر إعلامية عربية، عن صفقة بين أنقرة وطهران برعاية موسكو تتضمن مقايضة وجود عسكرى فى إدلب، مقابل سيطرة إيرانية على جنوب العاصمة دمشق وتوسيع منطقة السيدة زينب، مما يعنى توفير كتلة تأثير دائم على القرار السياسى فى دمشق.
وتشكل محافظة إدلب واحدة من أربع مناطق فى سوريا تم التوصل فيها إلى اتفاق خفض توتر فى مايو الماضى فى إطار محادثات أستانا، برعاية كل من روسيا وإيران حليفتى دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة.
مقاتل فى جبهة النصرة
ويستثنى الاتفاق بشكل رئيسي داعش وهيئة تحرير الشام "جبهة النصرة"، والتى تسيطر على الجزء الأكبر من إدلب، إلا أن التدخل العسكرى التركى رفقة مسلحى النصرة كشفت النوايا الحقيقة من دخول إدلب وهو مواجهة نفوذ الأكراد شمال سوريا.
وأعلنت أنقرة الجمعة، عن أن قواتها بدأت تنتشر فى محافظة إدلب الخميس وباشرت أعمال إقامة مراكز مراقبة فى إطار بدء إقامة منطقة خفض توتر.
وأوردت وسائل الإعلام التركية، أن الاتفاق ينص على أن تقيم تركيا 14 مركز مراقبة فى إدلب سينشر فيها ما مجمله 500 جندى.
بدوره دعا رئيس تيار الغد السورى المعارض، أحمد الجربا، كل من يبحث عن حل للأزمة السورية للتفاوض مع الروس، باعتبارهم من يملكون الآن مفاتيح الحل، مضيفا "الأتراك قد لا يكونون جادين في القضاء على وجود جبهة النصرة فى المحافظة، مشيرًا إلى أن تواجدهم هناك يهدف بصورة أساسية لمراقبة أى تطور لوضع الاكراد فى عفرين بحلب نظرا لحساسية العلاقة بينهم، مستطردًا: "التطورات هى التى ستحسم مدى جدية الأتراك".
رئيس تيار الغد السورى أحمد الجربا
وأضاف الجربا، فى مقابلة أجرته معه وكالة الأنباء الألمانية ":"تركيا ارتكبت أخطاء.. فقد سهلت دخول المتطرفين لسوريا عبر حدودها، وهذا معروف للجميع. لكن نأمل أن يكون اتفاق خفض التصعيد شأنا آخر، وأن تبدأ قريبا فى تصفية مقار الجبهة، لأنها إذا لم تقم بذلك سينكشف أمنها، وبالأساس وستتدخل دول أخرى سريعا، ربما روسيا أو الولايات المتحدة، لإنجاز تلك المهمة".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة