عندما سُئل الروائى الروسى الكبير "ليو تولوستوى" عن الأسباب التى تؤدى إلى استبعاده من الحصول على جائزة نوبل فى الأدب، قال ساخرا "لأننى لا أعرف ماذا أفعل بالنقود".
وربما تثير إجابة الكاتب الروسى الشهير سؤال عما يفعل الفائزون بأموال الجائزة الأهم والأرفع عالميا، والتى تصل قيمتها المادية إلى 9 ملايين كرونة سويدية – 1.2 مليون دولار- بعد الزيادة فى قيمة الجائزة التى أعلنتها الأكاديمية السويدية للعلوم مؤخرا.
العديد من الفائزين بجائزة نوبل بفروعها العلمية والأدبية المختلفة، قرروا عدم الاستفادة الشخصية من أموال نوبل، وتوجيه نقود الجائزة إلى أعمال الخير ومساعدة الفقراء، ليقدم هؤلاء المثل والقدوة للجميع عن أخلاق الجائزة والتى كان ذلك هدف صاحبها الفريد نوبل فى الأساس فى بتخصيص الجائزة لشخص يساعد الإنسانية عبر إنجاز فى مجال عمله، ولعل أغلبها كانت من الفائزين بجائزة السلام.
ومن أبرز الفائزين الذن قرروا التبرع بجزء أو بكامل قيمة الجائزة لأعمال الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين:
أنور السادات
الرئيس المصرى الأسبق محمد أنور السادات، والفائز بجائزة نوبل للسلام عام 1977 وأول الحاصلين من مصر بالجائزة، مناصفةً مع رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجين، تقديرا لدورهما فى عملية السلام فى منطقة الشرق الأوسط، بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد، قرر التبرع بكامل قيمة الجائزة المالية لأهل قريته ميت أبو الكوم بالمنوفية.
وبحسب تصريحات تلفزيونية سابقة لزوجة الرئيس الراحل فإنه تبرع بقيمة جائزة نوبل المادية بجانب إيرادات كتابه "البحث عن الذات" لبناء منازل للفقراء فى ميت أبو الكوم بالطاقة الشمسية، كتعبير عن عشقه لأهالى مدينته.
نجيب محفوظ
الكاتب العربى الوحيد الذى تمكن من الفوز بجائزة نوبل فى الأدب وذلك حينما حصل عليها عام 1988، وحينها قرر عدم الحصول على أموال الجائزة لنفسه مبررا ذلك بأنه لم يكن فى حاجة للقيمة الماديّة للجائزة لأنّه كان يعيش من عائدات مؤلّفاته، وأيضاً راتبه من مؤسّسة "الأهرام"، فضلاً عن معاشه من وظيفته فى دار الكتب المصريّة.
وقام الأديب الراحل بتقسيم قيمتها بينه وبين زوجته وكريمتيه بالتساوى، ثم تبرع بالجزء الخاص به إلى مرضى الفشل الكلوى الذين يعيشون على عمليات غسيل الكلى، فقد كان يعذبه أنها مكلفة للغاية فى مصر ولا يستطيع الكثيرون تحمل نفقاتها.
وبحسب تصريحات إعلامية لابنة الكاتب الراحل فإن صاحب الثلاثية خصص جزءا لصالح وقفٍ تابع لمؤسّسة "الأهرام"، يوجّه ريعه إلى دعم الفلسطينيّين، فى ظلّ تأكّده من ضرورة دعم القضيّة.
داريو فو
حاز الشاعر والكاتب المسرحى الإيطالى الشهير داريو فو، على جائزة نوبل للأدب عام، 1997، وهو آخر إيطالى يحصل على الجائزة، والذى اشتهرت أعماله بتناول قضايا العمال والبسطاء، لذا لم ينساهم بعد حصوله على "نوبل"، حيث قام فى العام التالى من فوزه بالجائزة، بتخصيص جزء كبير من أموال الجائزة للأعمال الخيرية فخصص مبلغ 395 ألف يورو -580 ألف دولار- بالاشتراك مع زوجته الممثلة فرانشا رامى لتأسيس مؤسسة خيرية لذوى الاحتياجات الخاصة.
الوكالة الدولية للطاقة الذرية
قررت الوكالة الفائزة بجائزة نوبل للسلام مناصفةً مع مديرها آنذاك الدكتور محمد البرادعى لعام 2005، بتوجيه قيمه الجائزة لأعمال الخير.
وصرح حينها السفير اليابانى يوكيا أمانو رئيس محافظى الوكالة أن اتفاقا تم اتخاذه باستخدام القيمة المالية للجائزة لتمويل احتياجات الدول النامية من خلال الاستخدام السلمى للطاقة النووية، وذلك عن طريق صندوق خاص تم تخصيصه لذلك الأمر.
الاتحاد الأوروبى
أعلنت المفوضية الأوروبية أنها ستتبرع بالقيمة المالية لجائزة نوبل التى حصل عليها الاتحاد الأوروبى وهى 930 ألف يورو للأطفال المتضررين من الحروب والصراعات فى العالم.
وقال رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسو فى بيان ان القيمة الحقيقية لجائزة نوبل للسلام هى تعزيز مفهوم المصالحة بين جميع شعوب العالم لذلك ينبغى أن تذهب قيمتها المادية لمصلحة الامل الاول للمستقبل وأيضا لأول ضحايا الحروب الماضية والحالية وهم الأطفال، موضحا ان المفوضية تعتزم تخصيص اموال جائزة نوبل للسلام لـ(مشاريع اطفال جائزة نوبل - الاتحاد الاوروبي).
باراك أوباما
قرر الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما تبرع بقيمة الجائزة المالية التى فاز بها مع جائزة نوبل للسلام لعام 2010، وتقدر بـ 1,4 مليون دولار للأعمال الخيرية.
وبحسب بيان نسب لـ"البيت الأبيض" أن أوباما قسم قيمة الجائزة بين عشر مؤسسات خيرية فازت منها مؤسسة "فيشر هاوس"، وهى مؤسسة لا تسعى إلى الربح توفر مساكن لأسر المرضى الذين يتم علاجهم فى المستشفيات العسكرية، بنصيب الأسد حيث نالت ربع مليون دولار.
كما خصص مبلغ 200 ألف دولار لصندوق إغاثة هايتى الذى أسسه الرئيسان الأميركيان السابقان بيل كلينتون وجورج دبليو بوش.
خوان مانويل سانتوس
أعلن الرئيس الكولومبى خوان مانويل سانتوس الفائز بجائزة نوبل للسلام فى عام 2016، بتخصص قيمة الجائزة المادية لصالح إعمار المناطق المتضررة فى بلاده جراء الحرب الأهلية.
وقال "سانتوس" فى بيان له فى ذلك الوقت "التقيت وأسرتى وناقشنا الأمر وقررنا أن أتبرع بقيمة الجائزة التى تبلغ 925 ألف دولار للضحايا".
ملالا يوسف
الناشطة الباكستانية ملالا يوسف والفائزة بجائزة نوبل للسلام لعام 2014، كأصغر الحاصلين على الجائزة عبر تاريخها، أعلنت هى الأخرى التبرع بقيمة الجائزة المادية لصالح حقوق الطفل وإعمار غزة، حيث قرر تخصص قيمة الجائزة البالغة 50 ألف دولار، لصالح إعادة إعمار غزة، على أن يتم ذلك من خلال وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، حيث تم توجيه المبلغ لبناء 65 مدرسة فى قطاع غزة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة