الغليون هو نوع من المراكب التى كانت تستخدم فى الصيد، بمنطقة مطوبس بكفر الشيخ، وبمحازاة مدينة رشيد التى تتبع إداريا محافظة البحيرة، ومن بركة غليون بدأت مصر خطتها الطموحة لسد الفجوة الغذائية فى قطاع الأسماك، والقضاء على طريق رئيسى للهجرة غير الشرعية.
داخل بركة غليون للاستزراع السمكى
وكما يذكر القائمون على المشروع، كان الأمر مطروحا فى أوقات كثيرة، لكن كان حاجة للإرادة والعزيمة للعمل عليه، والوقوف على المعوقات التى تواجهه، وهو ما تم خلال سنتين تقريبا، حيث صار الحلم حقيقة.
أحواض السمك ببركة غليون
كانت الرؤية المصرية تعتمد فى جوهرها على أن نسبة الإنتاج السمكى قليلة للغاية، فى مصر التى تطل على بحرين ونهر نيل، بالإضافة إلى أن العالم بأسره يتجه لمجال الاستزراع السمكى، فكيف لنا أن نفعل ذلك، فالدولة جديدة على ذلك المجال، ولكن كانت القيادة فى قراراتها أسرع فى التحرك، فكان التكليف بالعمل على الاهتمام بالبحيرات لتكون نواة لسد ذلك العجز، وتمثلت الحلول فى الحفاظ على زريعة الأسماك، وتطوير مجارى البحيرة، وعدم الصيد الجائر، وتنظيم دورة حياة السمك، إلا أن ذلك كان يكفى فقط للحفاظ على نسبة تقارب 40 طنا فقط، وبدأ التفكير فى سبل أخرى وتمركزات أخرى للحركة.
محرر اليوم السابع داخل مصانع بركة غليون
وكانت الدراسات مستمرة للبحث عن مكان آخر للعمل به، فجاءت الفكرة من أحد العمداء البيطريين، الذى ذكر أن هناك منطقة غليون فى كفر الشيخ، قد تكون مؤهلة لبدء العمل بها، وتحركت الوفود للمنطقة.
الأمر وضع له خطة واضحة ومعلومة للتحركات، حيث بدأ التنسيق بين الجهات المعنية والوزارات المختصة، والاعتماد على مهندس استشارى لوضع تصميم للمكان، ولكن المشاكل لم تتوقف على التصميم وتمهيد المكان، بل ظهرت مشكلة كيفية معالجة ملوحة البحر المتوسط، فتم اللجوء لحل لتخفيف الملوحة عن طريق دخول مآخذ للمياه العذبة، يتم دمجها فى أحواض مزج مع المياه المالحة، مما يخفف نسبة الملوحة.
كانت الأوامر من الرئيس السيسي تأتى تباعا وكلها تصب فى مصلحة المشروع، فمصر لا تريد أن يقال عنها إن لديها منطقة للاستزراع السمكى، بل مصر تسعى لأن تكون رائدة فى ذلك المجال، فتم جلب المصانع بمواصفات أوروبية وأمريكية، وبشكل أكثر تقدما من دول كبرى بالمنطقة والعالم.
مصر تحتل المركز السابع عالميا فى الاستزراع السمكى
كانت مصر فى ذلك التوقيت تحتل المركز السابع عالمياً فى الاستزراع السمكى طبقا لإحصائيات منظمة الأغذية والزراعة (FAO) كما تحتل المركز الأول إفريقيا في إنتاج الأسماك، وبلغ إنتاج جمهورية مصر العربية من الإسماك (1.5) مليون طبقا لآخر كتاب إحصائي (2016 ) صادر عن الهيئة العامة لتنمية الثروة السمكية، كما بلغ حجم الواردات من الأسماك (236) ألف طن تقريبا بنسبة (16%) من الإنتاج العام، كانت الحاجة الماسة لشركة وطنية للثروة السمكية.
منتجات بركة غليون
كان الحل السحرى فى إنشاء الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، التى تعد أحدث الشركات الوطنية التى أنشئت بهدف تنمية الثروة السمكية في مصر وسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، من خلال تنفيذ العديد من مشروعات الاستزراع السمكى من أهمها مشروع إنشاء المدينة السمكية الصناعية (غليون ) بمحافظة كفر الشيخ احد المشروعات التنموية المتكاملة والطموحة أقيم علي مساحة المشروع (4000) فدان تقريبا ويبلغ عدد العمالة اليومية خلال فترة إنشاء المرحلة الأولى للمشروع 5000 عامل وفنى ومهندس، وعدد المعدات والآلآت (1700) معدة ثقيلة / اليوم، وبلغ إجمالى كميات الحفر والردم حوالى (16) م3، وهو يساوى (6) أهرامات من حجم (الهرم الاكبر) وإجمال وزن كميات الحديد حوالى (13) ألف طن، وهو ما يزيد عن وزن الحديد ببرج إيفل بفرنسا .
الشئون المعنوية تنظم زيارة لبركة غليون للوقوف على آخر التطورات
إدارة الشئون المعنوية فى القوات المسلحة عملت على تنظيم زيارة لفريق من الصحف القومية والخاصة والقنوات الفضائية، للوقوف على تطورات المشروع، حيث استطاعت _ كعادتها دائما_ فى ترتيب جميع اللقاءات مع المدنيين والعمال والمشرفين على المشروع.
مبانى بركة غليون
يتكون المشروع من مفرخ (أسماك – جمبرى) على مساحة (17) فدانا بطاقة (20) مليون أصبعية أسماك بحرية / 2 مليار يرقة جمبرى، ومزرعة إنتاج الأسماك البحرية باجمالى عدد (453) حوض تربية،(155) حوض تحضين (50*150) بطاقة إنتاجية (3000) طن أسماك / دورة تقريبا، ومزرعة إنتاج الجمبرى عدد (655) حوض تربية (50*50م) والأحواض ذات صرف مركزى ومبطنة بمشمع بولى إيثيلين على الكثافة HDPE بطاقة إنتاجية (2000) طن جمبرى / دورة تقريبا، ومزرعة أنتاج أسماك المياه العذبة عدد (83) حوض (100م*200م) بطاقة إنتاجية (2000) طن.
ويضم مركز أبحاث وتطوير وتدريب: بمساحة (700 م) ويتكون من معمل جودة المياه ومعمل الغذاء الحى ووحدة الإرشاد والتدريب، ومعمل بيولوجية الأسماك ومعمل صحة وأمراض الأسماك، ومعمل تركيب وجودة الأعلاف .
شباب الباحثين فى بركة غليون
كذلك مصنع إنتاج أعلاف الأسماك والجمبرى ويضم مصنع أعلاف الأسماك البحرية على مساحة (1518م2) بطاقة إنتاجية 120 ألف طن سنويا، ومصنع أعلاف الجمبرى على مساحة (567م2) بطاقة إنتاجية 60 ألف طن سنويا، ومصنع عبوات الفوم على مساحة (1200 م2) لإنتاج عبوات مختلفة الأحجام من الفوم لتداول جميع منتجات الأسماك والجمبرى للأسواق الداخلية والتصدير بطاقة إنتاجية (900/1500) كجم / يوم، ومصنع الثلج على مساحة (448 م2 )، وبطاقة إنتاجية: (40) طن ثلج مجروش / يوم ، (20) طن ثلج بلوكات / يوم.
مدينة غليون تضم أكبر مصنع لتجهيز الأسماك والجمبرى
وتضم المدينة السمكية الصناعية غليون أكبر مصنع تجهيز الأسماك والجمبرى فى الشرق الأوسط على مساحة (19695 م2) ويشتمل على مصنع منتجات الأسماك: مبردة – مجمدة – فيليه – مطهية – نصف مطهية – مصنع ، مصنع منتجات الجمبرى: مبرد – مجمد – مقشر – مصنع – مطهية – نصف مطهية، وذلك بطاقة إنتاجية (100) طن / يوم، بالإضافة لـ1359 حوض سمك، منهم 83 حوضا للأسماك الشعبية.
حمدى بدين: إنشاء أسطول للصيد بالمياه الإقليمية والدولية
يؤكد اللواء حمدى بدين، رئيس مجلس إدارة الشركة الوطنية للثروة السمكية والأحياء المائية، أن الشركة تتولى تنفيذ العديد من المشروعات المهمة فى مجال الاستزراع السمكى بالتعاون مع وزارة الزراعة والعديد من الأجهزة المعنية بالدولة، التى تمثل طاقة إنتاجية جديدة تسهم بعد تشغيلها فى زيادة الناتج المحلى عن طريق تطوير وتنمية البحيرات والتوسع في الاستزراع السمكى وإدخال أنظمة جديدة للاستزراع عن طريق الأقفاص البحرية والاستزراع المكثف من خلال مشروع المدينة السمكية الصناعية (غليون ) بمحافظة كفر الشيخ ومشروعى المزرعة السمكية والأقفاص السمكية البحرية بمنطقة (شرق التفريعة ) ومشروع المزرعة السمكية (مثلث الديبة ) بمحافظة بورسعيد، ومشروعى استزراع التونة بكل من (مرسى جرجوب) محافظة مرسى مطروح، و(الزعفرانة ) محافظة البحر الأحمر وإنشاء أسطول للصيد فى المياه الإقليمية والدولية، التى من المتوقع أن تساهم إنتاجية مشروعات الشركة فى تخفيض وارادت الأسماك بنسبة (27%) تقريبا.
منتجات شركة غليون (30)
من جهته قال اللواء السيد نصر، محافظة كفر الشيخ، إن المدينة السمكية الصناعية بغليون ساهمت بشكل كبير من تغير ديموجرافية منطقة غليون وتحويلها من منطقة أكثر احتياجا وبؤرة لمخالفة للقانون ومنفذ للهجرة غير الشرعية إلى مدينة صناعية متكاملة توفر الآلاف من فرص العمل المباشرة وغير المباشرة للصيادين وخريجى الجامعات من أبناء كفر الشيخ والمحافظات المجاورة لها .
فى السياق نفسه أكد الدكتور محيى الدين عبد الفتاح، أستاذ الكيمياء العضوية بجامعة قناة السويس والمشرف على المنظومة العلمية والبحثية بالمشروع، على أهمية المشروع الذى يعد الأضخم من نوعه فى منطقة الشرق الأوسط ونقطة انطلاقة رائدة لمستقبل الاستزراع السمكى المبنى على أسس عالمية، مشيدا بما يضمه المشروع من طاقات شبابية ووطنية مبدعة من مختلف التخصصات العلمية والبحثية لدعم وتطوير هذا القطاع الحيوى من المشروعات لتحقيق أعلى إنتاجية لخدمة أبناء الشعب المصرى .
منتجات شركة غليون (41)
ومن داخل وحدة الاستزراع المكثف أوضح القائمون عليها وهم من شباب الخرجيين من مختلف الجامعات المصرية أنها تعتمد على تدوير المياه بحيث يمكن استخدام نسبة مياه قليلة على مساحة صغيرة وهو أسلوب مستحدث فى مصر نتيجة الأماكن التى يوجد بها ندرة فى المياه.
وحدة الاستزراع المكثف تخفض مدة الإنتاج لـ100 يوم
فيما قالت الدكتورة سامية علاء، رئيس قسم التغذية بوحدة الإنتاج المكثف، إن هدف الوحدة تقليل عدد الأيام عن الاستزراع العادى بحيث تصل مدة حجم السمكة المثمنة إلى 100 يوم، وان الوحدة تعمل طوال العام بأقل كمية ماء على عكس الاستزراع العادى.
منتجات شركة غليون (46)
بدورها، شرحت الدكتورة مها محمد حامد، رئيس قسم التربية بوحدة المكثف، كيفية التحاقها بالمشروع، حيث قالت إنها جاءت بعد علمها بأن المشروع يطلب عاملين للعمل به، حيث قمت بالفعل بتقديم الأوراق المطلوبة وبعد فترة تلقيت تليفون للحضور لإجراء الاختبارات المتعلقة فى مجال تخصصى، وتجاوزت كل هذا وتم تعيينى بالمشروع.
وقدم مدير مصنع السمك والجمبرى شرحا توضيحيا للمراحل التى يمر بها تصنيع السمك بداية من الفرز وصولا إلى عملية التغليف ووضعه فى ثلاجات، مشيرا إلى أن القوى الإجمالية للمصنع 1200عامل.
أحواض انتاج الجمبرى ببركة غليون
فيما استعرض عدد من الصيادين وشباب الجامعات العاملين في المشروع كيفية التقدم والالتحاق بهذا المشروع الطموح وتجربة البعض في محاولة الهجرة غير شرعية، معبرين عن سعادتهم بهذا المشروع الذى يوفر فرص العمل الثابتة وتحقيق الاستقرار المادى والاجتماعى.
محمد مسعد شاب لم يتجاوز من عمره الثمانيه عشر عام حاول أكثر من مرتين السفر عن طريق الهجرة غير الشرعيه من خلال أحد أصحاب القوارب التى كانت تمر برشيد تحمل أبناءنا لطريق الموت واجتاز الطريق فى إحدى المحاولات إلا أن السلطات الإيطالية تمكنت من ضبط مجموعة من الشباب وقامت بترحيلهم إلى أرض الوطن مرة أخرى.
وأشار محمد مساعد إلى أنه الآن يعمل بأحد منشآت المنطقة الصناعية للشركة الوطنية لتنمية الثروة السمكية والموارد المائية قائلا: "لا أحد يستطيع الحلم بأن تعمر هذا المنطقة وحاولت الهجرة سعيا وراء الرزق إلا أننى الآن عامل وأستطيع الكسب دون مخاطرة الموت مع أصدقاء لى من كفر الشيخ ومن البحيرة والإسكندرية".
أشار السيد سالم من قرية مطوبس بكفر الشيخ خريج كلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر أنه يعمل مشرف عام بإحدى مصانع أكبر منطقه صناعية للاستزراع السمكي بالشرق الأوسط فى غليون، مؤكدا على أهمية المشروع لأهالى كفر الشيخ ومصر مردد: "مشروع مصرى ناجح وهيكبر وسيعم الخير على مصر، مؤكدا أنه لا يستطيع قول إنها بركة غليون الآن خاصة بعد ما تم من تغير فى البنية التحية وتعميرها وتأثير ذلك على كفر الشيخ".
أوضح كريم محمد عامل من الاسكندرية ووالدته من كفر الشيخ أنه علم بالتقديم لمشروع يتم تنفيذه فى بركة غليون من الشركة الوطنية للاستزراع السمكى والتحق فعليا فى أقل من 48 ساعة كان أحد عمال هذا الصرح، الذى تم تنفيذه للمواطنين، مشيرا إلى أن المنطقة منذ عام كانت طريق الموت بما أنها معبر للهجرة غير الشرعية، التى اختلفت الآن بأنها خليه نحل للعمل والإنتاج.
وأشارت رانيا عصام، طبيبة بيطرية خريجة جامعة الإسكندرية 2017 الى التحاقها بالعمل بمشروع الاستزراع السمكى فى وحد المكثف للإنتاج وما تقوم به من عمليات مختلفة للوصول لأقصى معايير الجودة للإنتاج، مؤكدة أن الشركة الوطنية للاستزراع السمكي والتنمية المائية ترتقى لأعلى مواصفات الإنتاج لتوفير كل وسائل الجودة للمستهلك وسلامة جميع المراحل حتى تصل للمواطنين.
وأشارت الدكتورة هبة حسن معهد الباحثة بمعهد بحوث الصحة الحيوانية بوزارة الزراعة إلى ما تقوم به المعامل البحثية بمشروع الاستزراع السمكى بغليون من إجراء اختبارات وأبحاث لجميع منتجات المشروع من أعلاف وأسماك باختلاف أنواعها لمطابقة بالمواصفات العالمية، معتبرة أن مهام المعامل البحثية بالمشروع تضمن سلامة وجودة المنتجات المزروعة بالإضافة من الحفاظ على سلامة العالمين والبيئة.
وأضافت هبة إلى استهداف معامل البحوث بمشروع الاستزراع السمكى بغليون الحصول على شهادة الأيزو 17025 موضحة التعاون مع معهد بحوث صحة الحيوانية برعاية وزارة الزراعة.
وأشارت الدكتورة هند كرم معهد بحوث الصحة الحيوانية بوزارة الزراعة إلى التعاون والتناغم بين جميع العاملين بمعامل بحوث مشروع الاستزراع السمكى بغليون لا فرق بين مدنيين وعسكريين فكل له مهامه وعلى عاتقه مسئولية الوصل بتنفيذ أفضل النتائج وتحقيق أعلى معدلات الجودة والسلامة للعاملين والمنتج والبيئة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة