"يعد كتاب البوذية والإسلام على طريق الحرير محاولة بحثية تأصيلية فى مجال صعب، وذلك لكثرة متطلباته ومقدماته ولا سيما اللغوية" ذلك ما ينطلق منه كتاب "البوذية والإسلام على طريق الحرير" للمستشرق الأمريكى يوهان أيلفركوغ، ترجمة وتعليق الدكتور عبد الجبار ناجى، عن المركز الأكاديمى للأبحاث.
وجاء فى مقدمة الترجمة التى كتبها الدكتور نصر الكعبى، المركز الأكاديمى للأبحاث، "أن المؤلف قابل بين البوذية والإسلام على المستويات الثقافية والفكرية، والتشريعية والاجتماعية والتأثير المتبادل بينهما على مدى قرون متراكمة، فالدراسة أكثر ما تميل فى محتوياتها العامة والخاصة إلى ملاحقة التلاقح الروحى والمادى، بين ديانتين متباينتين جمع بينهما خيط أو طريق لم يكن معنى بالتجارة فحسب وإنما اشتمل على مضامين حياتية متعددة".
وتابع "الكعبى" عند تعدى الإشكالية المصدرية للموضوع، فإن الثنائية المركبة (البوذية والإسلام) من جهة وبين طريق الحرير من جهة أخرى، فالموضوع يكاد يتوارى عن البحث فى الدراسات إجمالا للتحديات المشار إليها آنفا، فالجمع بين ديانتين كل منهما ينتمى إلى منظومة ومرجعية مختلفة يعد مجازفة بحثية، فالإسلام الممنتمى إلى عائلة الديانات الإبراهيمية وحوزتها والمعروف بجملة من المشتركات الجذرية والتشريعية والأصولية، فيما البوذية التى تقع ليس خارج دار الإسلام فحسب بسبب التصنيف الإسلامى ضمن الديانات غير السماوية لذلك تقويمها والنظرة التشريعية إليها يضعها ضمن تصنيف دونى. مقابل هذا هنالك نظرة بوذية داخلية تقوم على مبادئ القدم فى الظهور والعمل بمبدأ الإقناع فى الممارسة بعيدا عن كل الإجراءات القسرية.
ويواصل الكعبى فى مقدمته "يقابل مركب الإسلام والبوذية من جهة أخرى، (طريق الحرير) الذى تمتد دلالاته لتشمل معان (اقتصادية وثقافية واجتماعية) فهو مزيج متثاقف على المستويات المكانية والزمانية مثل (طريق الحرير) وخيط ربط بين حلقاته المتشعبة".
وتختتم المقدمة بالقول "إن التثاقف والتلاحق الذى مر عبر (طريق الحرير) يعد لحظة تاريخية نادرة فى التاريخ الإسلامى ففى هذا العصر استطاع أن يجمع تقريبا بين أطراف هذا الطريق المتناقضة الذى غطته من الأعلى عباءة الإسلام وتفاعلت داخله قنوات وتيارات متنوعة ليست محصورة بالمؤثرات الدينية فحسب، وإنما تمازجت فيها ديموغرافيات وثقافات متراكمة عموديا وأفقيا ومتناقضة أحيانا، فالمحاولة فى دراسة هكذا موضوع شائك تعد فى جذورها محاولة تأسيسية فى مجال التاريخ الدينى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة