قال الكاتب الأمريكى الشهير توماس فريدمان إن السعودية تشهد أهم عملية إصلاح تحدث فى الشرق الأوسط، واصفا ما تشهده المملكة بالربيع العربى.
وأشار فريدمان فى مقاله اليوم، الجمعة، بصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إلى أن عملية الإصلاح فى السعودية تتم من القيادة من قبل ولى العهد محمد بن سلمان، ولو نجت فإنها لن تحدث فقط تغييرا فى شخصية المملكة، ولكن فى أسلوب واتجاه الإسلام فى العالم.
ويقول فريدمان أنه أجرى مقابلة مع الأمير محمد بن سلمان فى قصر عائلته بالرياض، وبعد أربع ساعات من المحادثة التى تحدث فيها ولى العهد السعودى باللغة الإنجليزية، يقول فريدمان إنه استسلم لشباب بن سلمان، وأشار إلى أنه عمره تقريبا ضعف عمر الأمير، لكن مع ذلك مر وقت طويل للغاية لم يرهقه فيه أى زعيم عربى بأفكار جديدة عن التحول فى بلاده، مثلما حدث مع ولى العهد السعودى.
ويقول فريدمان إنه بدأ لقائه مع بن سلمان بسؤال عن حملة مكافحة الفساد الأخيرة وما إذا كانت صراع سلطة لإقصاء خصومه من داخل العائلة المالكة أو القطاع الخاص قبل أن يسلمه والده مفاتيح المملكة.
ورد بن سلمكان قائلا إن هذا الأمر مثير للسخرية، مشيرا إلى أن حملة مكافحة الفساد كانت انتزاع للسلطة. وأوضح أن العديد من الشخصيات البارزة الموجودة فى فندق ريتز كانوا قد تعهدوا بالفعل بالولاء له ولإصلاحاته، وأن أغلبية العائلة الملكية خلفه. وقال إن السعودية تعانى كثيرا من الفساد منذ الثمانينيات حتى اليوم. وما توصل إليه خبراءنا أن 10% من الإنفاق الحكومة يلتهمه الفساد كل عام من أعلى المستويات إلى أسفل. وعلى مر السنوات، أطلقت الحكومة أكثر من حرب على الفساد وفشلت جميعا، لأنها بدأت من أسفل إلى أعلى.
ويتابع الأمير قائلا إن والده، الملك سلمان رأى أنه لا مجال للبقاء فى قمة العشرين وتحقيق النمو مع وجود هذا المستوى من الفساد. ولذلك فى أوائل عام 2015، كان من أول قراراته لفريق جمع كل المعلومات عن الفساد فى القمة. وعمل هذا الفريق لعامين حتى جمعوا المعلومات الأكثر دقة، وخرجوا بنحو مائتى اسم.
ويشير الأمير إلى أنه عندما أصبحت كل البيانات جاهزة، تحرك المدعى العام سعود المجيب، موضحا أن كل ملياردير أو أمير تم القبض عليه وتم إعطائهم خيارين" أظهرنا لهم كل الملفات التى لدينا وبمجرد أن رأوها، وافق 95% منهم على التسوية، وهو ما يعنى تقديم أموال أو حصص من أعمالهم للخزانة السعودية.
وأضاف أن "نحو 1% استطاعوا أن يثبتوا أنهم أبرياء وتم إسقطاء قضيتهم فورا. بينما قال 4% أنهم ليسوا فاسدين وأرادوا أن يذهبوا للقضاء. وبموجب القانون السعودى، فإن المدعى العام مستقل، ولا نستطيع التدخل فى عمله، يمكن أن يقيله الملك، لكنه هو من يقود العملية. ولدينا خبراء للتأكد من عدم إفلاس شركات فى هذه العملية لتجنب التسبب فى البطالة".
وعن الأموال التى تم استعادتها، قال بن سلمان، إن المدعى العام يقول إن التسويات يمكن أن تسفر فى النهاية عن 100 مليار دولار. وأوضح بن سلمان أنه لا يوجد سبيل لاقتلاع جذور كل الفساد من أعلى إلى أسفل، لذ علينا أن نرسل إشارة، وهذا الإشارة تمضى قدما الآن ومفادها "أنتم لن تهربوا"، وقد بدأ نرى تأثير هذا مثلما يكتب الناس على السوشيال ميديا.
ويقول فريدمان إن خلال رحلته إلى السعودية التى استمرت ثلاث أيام، لم يعبر أى سعودى تحدث معه سوى عن التأييد الكامل لهذه الحملة ضد الفساد. فالأغلبية الصامتة فى السعودية سئمت بشكل واضح من الظلم الذى سببه عدد من الأمراء والمليارديرات فى البلاد. وفى الوقت الذى يطالب فيه الأجانب بإطار قانونى لهه العملية، فإن المزاج السائد بين السعوديين الذين تحدث معهم فريدمان كان "اقلبوهم رأسا على عقب أخرجوا الأموال من جيوبهم ولا تتوقفوا حتى يخرج كله".
ويمضى فريدمان فى القول إن مكافحة الفساد ليس سوى ثانى أكثر المبادرات أهمية التى يقوم بها بن سلمان، فالأولى هى أن يعيد الإسلام السعودى إلى توجهه الأكثر انفتاحا وحداثة، والذى حدث تحول عنه فى عام 1979، وقد شهد هذا العام ثلاث أحداث مهمة، سيطرة متطرفين سعوديين على المسجد الحرام فى ملكة، والثورة الإسلامية فى إيران والغزو السوفيتى لأفغانستان.
ويقول فريدمان إن بن سلمان فى مهمة لإعادة الإسلام السعودى إلى الوسطية، وهو على العكس من القادة الذين سبقوه، قام بمواجهة المتشددين. وكما قالت امرأة سعودية أمريكية أن محمد ين سلمان يستخدم لغة مختلفة.
ويقول بن سلمان موجها حديث لفريدمان: لا تكتب أننا نعيد تفسير الإسلام، ولكننا نعيد الإسلام إلى أصوله، وأدواتنا الأهم هى سنة النبى، والحياة اليومية فى السعودية قبل عام 1979. وقال بن سلمان أنه فى وقت النبى كان هناك مسارح موسيقية وكان هناك اختلاط بين النساء والرجال وكان هناك احترام للمسيحيين واليهود فى شيه الجزيرة العربية.. وكان أول قاضى تجارى فى المدينة امرأة. فلو كان النبى قد أيد كل هذا، هل تقصد أن النبى لم يكن مسلما؟!".
وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، لم يناقش بن سلمان المسألة اللبنانية. وأصر ببساطة على أن الخط الفاصل للأمر كله أن سعد الحريرى لن يظل يقدم الغطاء السياسى لحكومة لبنانية يسيطر عليها بشكل أساسى حزب الله الشيعى الخاص لسيطرة طهران. وشدد على أن الحرب فى السعودية تسير فى اتجاه الحكومة الشرعية الموالية للسعودية التى تسطر الآن على 85% من البلاد. وفيما يتعلق بإيران، وصف بن سلمان المرشد الأعلى على خامنئى بأنه هتلر الجديد فى الشرق الأوسط، وقال:لكننا تعلمنا من أوروبا أن الاسترضاء لا ينجح. ولا نريد هتلر جديد فى إيران أن يعيد ما حدث فى أوروبا فى الشرق الأوسط.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة