يومين فى العام يحتفل فيهما المصريين بعيد الحب، ويتوجون قصصهم ومشاعرهم بالهدايا والمعايدات، ويختارون اللون الأحمر معلما مشتركا بينهم فى ملابسهم، وبينما تنتشر نسائم الحب والفرحة بشريك الحياة، يجلس الملايين فى زاوية بجانب الحائط يشتكون الوحدة وفراق الحبيب ويعانون الفشل فى التفاعل مع الآخرين بسبب تفكيرهم المستمر فى الخسارة، وهنا يظهر الوجه الخفى للحب الذى يأخذ الفرحة من حياة الشخص كما يهبها له.
وفى ذات السياق يكشف أطباء النفس عن تأثير الحب السلبى قبل الإيجابى ويحذرون من التمادى فيه لأن نهايته تكون تعلق مرضى أو انتحار ينهى الحياة، حيث يقول الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى بالأكاديمية الطبية إنه كلما كان الحب مناسبا بين شخصين مناسبين يكون ناجحا وعندما تختلف الظروف الاجتماعية يبدأ الفشل، فيجب ألا يكون مجرد رغبة وعاطفة.
الحب إجبارى لكن التعلق اختيارى
وأكد فرويز أن الحب ليس اختيارا لكن إجباريا، إنما عند الشعور به يجب مراجعة النفس قبل أخذ خطوات أكثر تعلقا لأن هذا الحب لا يحقق الاستمرارية وينتهى مع عدم التوافف على أرض الواقع اجتماعيا وماديا، ومن ثم يكون الاكتئاب هو الأكثر حدوثا نتيجة للعلاقات العاطفية، حيث إنه يحدث عند أى اضطراب، وإذا كان الشخص لديه جينات وراثية لمرض نفسى معين فقد يكون أكثر عرضة للإصابة بها عند المشكلات العاطفية.
وأضاف فرويز أن الفراق كثير ما ينتهى بالانتحار خاصة لدى الفتيات، حيث تتناول كمية دواء وغالبا تكون المحاولة فاشلة عن محاولات الرجال لأنهم يكونون أكثر جدية فى طرق انتحارهم، مضيفا أن هناك أحد الحالات التى ترددت عليه لشاب حرق نفسه لينهى حياته بسبب رفض الوالدين لزواجه من الفتاة التى أحبها.
أمراض الحب النفسية كثيرة
فيما أشار فرويز إلى أن الاضطرابات الوجدانية هى التى تنتج عن الحب عند حدوث أى مشكلة خلال العلاقة، وهى عبارة عن الاكتئاب والهوس بشكل خاص، والتى تكون أهم أعراضها، فى حالة الاكتئاب كلام قليل، وشهية مضطربة، ومشكلات فى النوم مع اعتزال المحيطين، واضطرابات جسمانية وصوت خافض وحركة بطيئة.
وحذر فرويز فى هذه الحالة من عدم تلقى العلاج سريعا فإنه أفضل من ترك الشخص إلى أن يقدم على محاولة انتحار، مضيفا أنه فى الجانب الآخر يكون الهوس وهو عبارة عن تحدث باستمرار ونوم قليل جدا وتصرفات غير طبيعية مثل الحركة الكثيرة، وإذا كان لدى الشخص استعداد لمرض نفسى آخر فقد يتعدى الأمر الاضطرابات الوجدانية للإصابة بالوسواس القهرى والفصام وغير ذلك.
عندما يتحول الحب لتعلق مرضى
ومن جانبها قالت الدكتورة أسماء عبد العظيم أخصائى العلاج النفسى إن الحب يتطور عند بعض الأشخاص لتعلق شديد بشكل مبالغ فيه، وبالتالى مع وصوله لمرحلة العشق يبدأ فى الوصول لدرجة من درجات المرض النفسى، وذلك يرجع لاضطراب فى نفسه وتكون أعراضه المرضية حالة من الهوس الشديد، لدرجة أنه يسعى إلى إرضاء الشريك مع إنكار للذات مبالغ فيه وتضحية كبيرة جدا لدرجة إيذاء الذات، وإذا سقط عليه القهر والذل والإهانة فلا يأخذ موقف ولا يفكر فى الانفصال.
وأضافت أنه من الأعراض المرضية للتعلق المرضى بشريك الحياة، الخوف الشديد من الانفصال، والرغبة الملحة فى الارتباط الدائم بالشخص، والبحث عن وجود الشخص حتى إذا لم يكن له معنى، ويكون الشخص يعطى فقط ولا ينتظر أى نوع من المقابل إلا وجود هذا الشخص فى حياته، والإحساس بأن الموت قريب لمجرد فكرة البعد، بالإضافة إلى التوتر الشديد والقلق المستمر.
اضطراب ما بعد الانفصال
كما أوضحت الدكتورة أسماء عبد العظيم أن الانفصال عامة ينتج عنه حالة من الألم وحالة اكتئاب، رغم أنه يكون بناء على رغبة الطرفين أحيانا، ويسمى باضطراب ما بعد الانفصال وهو حالة الحزن والكآبة والعزلة بعد هذا الفراق عن شريك الحياة، والذى يعد أحد السلبيات الأخرى للارتباط العاطفى.
وقدمت عددا من الخطوات المهمة للتعامل مع الفراق مع الحبيب لاسترداد الحياة الطبيعية مرة أخرى، وهى:
1- تحديد هدفا فى الحياة والاتجاه نحو تحقيقه حتى يمكن الارتباط بأمر آخر.
2- السعى وراء الأنشطة المحببة والهوايات والاهتمامات الشخصية
3- اتباع نظام غذائى صحى جيد وممارسة الرياضة
4- تكوين علاقات اجتماعية ناجحة مع الأصدقاء والأهل لتخفف من الألم
5- تجنب أى فكرة سلبية أو شعور بالذنب تجاه قرار الانفصال
6- التنزه والخروج مع الأصدقاء للحدائق العامة
الحب عندما يكون نعمة
ومن جانب آخر قالت الدكتورة شيرين دحروج أخصائى التأهيل النفسى بمستشفى العباسية للأمراض النفسية والعقلية، إن قوة الحب تتبلور فى حالة الدعم النفسى الذى يحول هذه المشاعر لوسيلة فعالة فى المساعدة على التعافى والعلاج من العديد من الأمراض مثل مرض التصلب المتعدد والسرطان، مؤكدة أن جهاز المناعة يتأثر بمقدار الطاقة الإيجابية التى يتم شحن النفسية بها، وبالتالى يصبح أفضل وأكثر مقاومة للمرض.
وأضافت دحروج أن هذا الحب يخرج فى صورة الكلمات التحفيزية من المحيطين ويفرق كثيرا فى علاج الشخص، وعندما يزيد عن حده ينقلب لضده أيضا فالحماية الزائدة تجعل المريض يشعر بأن حالته سيئة أكثر ويقتنع تماما بتمكن المرض، لذلك يكون الاعتدال فى الحب دائما هو الأفضل فى كل الحالات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة