استقالة سعد الحريرى المفاجئة زمانا ومكانا من رئاسة الحكومة اللبنانية تنقل لبنان مرة أخرى لحقبة جديدة من الفراغ السياسى أو على أقل تقدير حقبة من عدم الاستقرار، فبعد عام من تكليفه بتشكيل الحكومة نوفمبر عام ٢٠١٦، أعلن الحريرى أمس السبت، استقالته فى خطاب من السعودية، موجها فيه اتهامات مباشرة وصريحة لإيران وحزب الله، ومعتبرا أن الأجواء الحالية فى لبنان تشبه أجواء ما قبل اغتيال والده رفيق الحريرى.
سعد الحريرى
جاءت استقالة الحريرى من السعودية خوفا على حياته، بدلا من أن يعلنها من مجلس الوزراء اللبنانى وفقا للقواعد البروتوكولية، حيث أكد سعد الحريرى وجود محاولة لاغتياله، وسط أنباء عن أن الحرس الخاص به اكتشف محاولة لاغتياله لم تؤكدها السلطات الأمنية اللبنانية.
ردود فعل متباينة داخليا وخارجيا أحدثتها استقالة الحريرى المفاجئة، حيث دعت إسرائيل إلى اليقظة بعد استقالة الحريرى، فيما نفت إيران ما وصفه بها الحريرى، وداخليا فجرت الاستقالة أزمة فى البلاد، وحذرت أقطاب سياسية من دخول لبنان فى فراغ سياسى مشابه لتلك الفترة التى عاشها واستمرت على مدى عامين قبل انتخاب عون رئيسا لها.
ميشال عون
فقد ذكرت مصادر فى قصر الرئاسة اللبنانى اليوم الأحد، أن رئيس الجمهورية ميشال عون لم يقرر ما إذا كان سيقبل أو يرفض استقالة رئيس الوزراء سعد الحريرى وهو ينتظر عودة الحريرى إلى لبنان لشرح الأسباب.
وقالت المصادر "رئيس الجمهورية يتابع الاتصالات وعلم أنه لا قرار ببت الاستقالة سلبا أو إيجابا قبل عودة الحريرى وفهم الأسباب".
ويشير قرار عون بعدم قبول الاستقالة إلى أن هناك غموضا فى إيجاد خلف سياسى واضح للحريرى الأمر الذى من شأنه أن يؤخر الاستشارات السياسية حول رئيس الوزراء الجديد.
نجيب ميقاتى
من جهته أكد رئيس الوزراء اللبنانى الأسبق نجيب ميقاتى على ضرورة التمسك الكامل باتفاق الطائف والدستور الذى يحفظ التوازنات فى لبنان. جاء ذلك عقب لقاء ميقاتى اليوم مع مفتى الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان.
وأوضح ميقاتى، أنه طرح خلال اللقاء مبادرة للخروج من الأزمة ستبقى فى عهدة المفتى دريان، مشيرا إلى أن الموقف اليوم لا يحتمل التصعيد. وقال الرئيس ميقاتى أنه أكد خلال اللقاء مع المفتى على ضرورة وحدة لبنان ودعوة الجميع لوقف التصعيد فى هذا الوقت الصعب من أجل الحفاظ على الدولة.
وردا على سؤال حول ما إذا كان ميقاتى مرشحا لرئاسة الحكومة رد قائلا "هذا الموضوع ليس مطروحا لا من قريب ولا من بعيد".
مفتى لبنان عبد اللطيف دريان
من جانبه صرح مفتى لبنان عبد اللطيف دريان بأن استقالة رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى شكلت صدمة ولم تأت من فراغ ونحن نؤيده وندعمه، قائلا "نتفهم الاستقالة وينبغى معالجتها بالروية والحوار".
أما رئيس كتلة "المستقبل" النيابية اللبنانية فؤاد السنيورة اعتبر أن استقالة رئيس الوزراء سعد الحريرى من منصبه جاءت للتنبيه لما وصلت إليه التسوية السياسة فى لبنان، مشددا على ضرورة أن تكون الدولة صاحبة السلطة الوحيدة فى البلاد.
وقال السنيورة أن ما قام به الحريرى هو دعوة إلى التبصر فيما آلت إليه عملية التسوية وما تحمله الحريرى من أجل النجاح فى تحييد لبنان عن المخاطر بسبب تدخلات حزب الله فى شئون عدد من الدول العربية ومنها سوريا والعراق والكويت واليمن .
وأضاف السنيورة أن حزب الله أخل بالتسوية لتحقيق المزيد من المكاسب على حساب الوطن، مشيرا إلى أن حزب الله يتصرف وفقا لتعليمات إيرانية تضرب مصالح لبنان مع الأشقاء العرب حسب تعبيره.
وزير الخارجية والمغتربين اللبنانى جبران باسيل
من جانبه قال وزير الخارجية والمغتربين اللبنانى جبران باسيل، إن لبنان كله حزين لأن رئيس حكومته استقال، لافتا إلى أن نبأ استقالة رئيس الوزراء سعد الحريرى شكل مفاجأة لكل اللبنانيين لأن حكومته حققت الكثير وكانت فى ذروة عطائها للبلاد.
وأضاف "باسيل" أن لبنان تخطى أزمات كثيرة، وهذه أزمة سوف يتخطاها بالوحدة والحكمة والقوة، وما يسمونه حيادا ونأى بالنفس نحن نسميه وحدة لبنان التى هى أهم من أى شىء آخر".
وطالب أن تكون هناك ردات فعل عقلانية وحكيمة تجاه إعلان الحريرى استقالته من رئاسة الحكومة، لأن العاطفة تجيش الغرائز وتثير العصبيات، وأضاف " أن المطلوب هو الحكمة لنتفهم بعضنا ونفهم بعضنا، فهناك أناس لديهم هواجس وعلينا معالجتها".
واستبعد باسيل حدوث أزمة حكم لأن أزمة الحكم تحدث حين يستبعد قسم من اللبنانيين قسما آخر أو عندما يظن أحدهم أنه يستطيع أن يحكم وحده، وأضاف "نحن مصرون على عدم استبعاد أى قسم من اللبنانيين ومصرون أن نكون مع بعضنا فى حكم لبنان".
الجيش اللبنانى
وعن تعرض سعد الحريرى للاغتيال.. قال الجيش اللبنانى اليوم الأحد، أنه لم يتبين له وجود أى مخطط لوقوع عمليات اغتيال فى البلاد. وجاء بيان قيادة الجيش، بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء سعد الحريرى استقالته، مشيرا إلى أنه يعتقد أن مؤامرة كانت تحاك لاستهداف حياته.
وقال البيان "تشير قيادة الجيش إلى أنه بنتيجة التوقيفات والتحقيقات والتقصيات التى تجريها باستمرار، بالإضافة إلى المعطيات والمعلومات المتوافرة لديها، لم يتبين لها وجود أى مخطط لوقوع عمليات اغتيال فى البلاد".
العاهل البحرينى حمد بن عيسى
وعلى إثر استقالة الحريرى دعت مملكة البحرين رعاياها المقيمين فى لبنان إلى مغادرته فورأو"توخى الحذر"، كما دعت البحرينيين إلى عدم السفر إلى هذا البلد، بعد يوم من إعلان رئيس الوزراء اللبنانى سعد الحريرى من الرياض استقالته من منصبه.
وأوضحت وزارة الخارجية البحرينية فى بيان أن دعوتها هذه جاءت "حرصاً على سلامتهم وتجنبا لأى مخاطر قد يتعرضون لها جراء الظروف والتطورات" التى يمر بها لبنان.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة