تحاول طهران استعادة أوراق الضغط فى المنطقة، للتصدى للضغوط التى تمارسها الإدارة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، عبر تهديده المستمر بالانسحاب من الاتفاقية النووية المبرمة بين إيران والدول الغربية فى 14 يوليو 2015، وتقويض سلوكها فى الشرق الأوسط.
فمن تحركات إيران فى سوريا عبر إرسال خبراء ومقاتلين من الحرس الثورى للوقوف إلى جانب الأسد، إلى العراق حيث تسيطر عليها من خلال التعاون وإرسال المقاتلين لمساندة القوات العراقية لمحاربة تنظيم داعش الإرهاب، إلى حزب الله اللبنانى المدعوم منها، كلها تستغلها طهران بمثابة كروت ضغط، فكلما تعزز واشنطن ضغوطها على طهران، تستغل الأخيرة هذه الكروت لمواجهة هذه الضغوط.
أما اليمن أو كما وصفها مندوب مدينة طهران فى البرلمان الإيرانى على رضا زاكانى عام 2014، العاصمة العربية الرابعة التابعة لإيران بعد كل من بيروت ودمشق وبغداد، حاولت طهران استعادة السيطرة على مليشيا الحوثى المتمردة على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادى عبر تقديم دعم ولو معنوى لتلك المليشيا كى تواجه بها خصومها فى المنطقة وتستخدمها كارت ضغط ، فى إطار محاولتها المستمرة لفرض النفوذ بالمنطقة.
ومن منطلق مساعى طهران لاستعادة السيطرة على جماعة الحوثى التى فقدتها الفترات الماضية، حيث رفعت طهران قدر ضئيل من الغطاء عنها خلال الأعوام التى تلت عقد صفقة الاتفاق النووى مع الغرب بعد عام 2015، إلا أن محاولات واشنطن لقطع أذرع طهران فى المنطقة وتقويض سياسيتها، جعلت طهران تعود من جديد لاستعادة المزيد من أوراق ضغط، تستغلها فى معركتها مع واشنطن وحلفاءها.
صحيفة إيرانية تحرض الحوثيين على استهداف دبى
وفى السياق ذاته، واصلت إيران تحريضها للميليشيات الحوثية فى اليمن، وبعد استهداف الجماعات المتطرفة فى هذا البلد للرياض، ظهر وجه طهران الحقيقى، فقد حثت صحيفة "كيهان" المتشددة الميليشيا الإرهابية فى اليمن وفى مقدمتها الحوثيين على استهداف "دبى"، حتى لا تكون مكانا آمنا للمستثمرين الغربيين.
وشجعت الصحيفة الإيرانية، التى يترأس تحريرها نائب المرشد الأعلى للشئون الصحفية المتشدد، "حسين شريعتمدارى" تهديدات ميليشيا الحوثيين للملكة العربية السعودية، قائلة "أن تهديدات متحدث جماعة أنصار الله الذراع العسكرى المسلح للحوثيين فى اليمن تظهر بوضوح أن الأوضاع قد تغيرت ومن الآن فصاعدا، لن تكون المملكة وحدها أمام مرمى صواريخ اليمن بل دبى وحتى أبو ظبى، وحتى إن لم يتم استهداف هذه البلدان، فلن تكون كسابق عهدها مناطق آمنة للمستثمرين الغربيين".
وأظهرت الصحيفة بما لا يدع مجالا للشك الدعم الكامل والتمويل الذى تقدمه إيران للحوثيين فى اليمن، سواء الغطاء الإعلامى، الذى توفره للقيادات الحوثية، عبر منح منابر إعلامها لتلك الميليشيا وتشجيع كتابها للأفعال الدنيئة التى تقوم بها هذه الجماعات المتطرفة، وإضافة إلى التحريض العلنى على استهداف البلدان العربية فى منطقة الخليج، الأمر الذى بات يشكل تهديدا للأمن القومى العربى.
ولم تقف توصيات الصحيفة الإيرانية عند هذا الحد، بل رسمت للميليشيا اليمنية خطة استهداف جدة والطائف وحتى آرامكو، لضرب المصالح السعودية، قائلة "الآن أصبح أنصار الله والثوار اليمنيين هم من يحددون الهدف التالى للصواريخ الباليستية بعيدة المدى، فقد يكون الرياض أو جدة أو الطائف أو آرامكو، أو قد توجه أنصار الله صواريخها إلى دبى".
ورغم تحريض إعلام طهران الواضح، على استهداف دبى بعد مدينة الرياض، إلا أن طهران استنكرت على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها، بهرام قاسمى، الاتهامات التى جاءت فى بيان تحالف دعم الشرعية فى اليمن، والذى حملها مسئولية تزويد الحوثيين بالصواريخ بعيدة المدى من النوع المستخدم باتجاه الرياض السبت الماضى، معتبرًا أن السعودية تحتفظ لنفسها بحق الرد فى الزمان والشكل المناسبين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، إن التهم الموجهة إلى بلاده "غير مسئولة وتحريضية"، وزعم أن التحالف يرتكب ما وصفها بـ"جرائم الحرب والعدوان" بحق الشعب اليمنى، وأن اليمنيين يقومون بـ"خطوة مستقلة" على حد تعبيره.
ووفقًا لما نقلته عنه وكالة "تسنيم" الإيرانية "يجب البحث عن سبب ذلك الرد فى الاعتداءات السعودية وليس فى تحريض أى بلد آخر"، داعيًا إلى وقف العمليات العسكرية فى اليمن و"التخلى عن كيل التهم العقيمة"، على حد قولهم.
تحالف دعم الشرعية يحتفظ بحق الرد على طهران
وفى نفس السياق، أصدر تحالف دعم الشرعية فى اليمن، صباح الاثنين، بيانًا إلحاقيًا بشأن الصاروخ الباليستى الحوثى الذى استهدف الرياض مؤخرًا، وصف فيه تزويد الميليشيات بالصواريخ الباليتسية بأنه بمثابة عدوان إيرانى مباشر على السعودية، ويرقى إلى اعتباره عملاً من أعمال الحرب ضد المملكة.
وأكد بيان لقيادة التحالف على حق السعودية فى الدفاع الشرعى عن أرضها وشعبها، فى الوقت والشكل المناسبين الذى يكفله القانون الدولى ووفق ما نصت عليه المادة الـ51 من ميثاق الأمم المتحدة، ولذا قررت قيادة قوات التحالف الإغلاق المؤقت للمنافذ اليمنية الجوية والبحرية والبرية.
ودعت قيادة قوات التحالف المجتمع الدولى لمحاسبة إيران على انتهاكاتها، ودعا التحالف البعثات الدبلوماسية لعدم التواجد فى المناطق غير الخاضعة للشرعية اليمنية، كما دعا مجلس الأمن لاتخاذ كافة الإجراءات لمحاسبة إيران على انتهاك القرار 2216.
وأهاب التحالف بكافة الجهات المعنية بالتقيد بإجراءات التفتيش والدخول والخروج من المنافذ اليمنية المحددة من قبل التحالف التى ستعلن لاحقاً، كما حث أبناء الشعب اليمنى والأطقم المدنية من بعثات إنسانية وإغاثية بالابتعاد عن مناطق العمليات القتالية وتجمعات الميليشيات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة