"عقاب، بداية جديدة، أم مجرد موضة".. حكايات كثيرة تقف خلف قص شعر المرأة، فمن بين أحداث كثيرة تختلف ثقافة قص الشعر باختلاف الموقف والغرض منه، وباختلاف مكان نشأة المرأة المصرية، فبعد الدعوى التى أقامتها ربة منزل بمدينة صان الحجر بالشرقية للطلاق للضرر، والتى طالبت فيها بالانفصال عن زوجها الذى قام بقص شعر رأسها أمام الجيران، ودائم التعدى عليها بالضرب المبرح واستحالة الحياة بينهما مرة ثانية، لفتت تلك الدعوة أنظار الجميع نحو الغرض من قص شعر النساء، فذلك الزوج قام بذلك كنوع من العقاب و"كسرة النفس" لزوجته أمام جيرانها، ولكنها ليست الحالة الأولى من نوعها، وتختلف ثقافة قص الشعر فى المجتمع المصرى باختلاف الموقف والبيئة.
صورة أرشيفية
منى الشاذلى
الفخر
هناك كثير من النماذج البارزة لنساء مصريات قصصن شعورهن من أجل بداية جديدة فى حياتهن، أو الانتهاء من فترة عصيبة، وهناك الكثيرات من يقُمن بقص شعورهن للتبرع به لمرضى السرطان، وخير شاهد على تلك الحملة التى شاركت فيها الكثير من نجمات الفن ومشاهير الإعلام بقص شعورهن والتبرع به.
فكانت الفنانة منى زكى والإعلامية منى الشاذلى وغيرهما الكثيرات اللائى شاركن فيها بقص شعورهن وتقديمه، وهو ما فعلته منى الشاذلى فى إحدى الحلقات على الهواء.
قص الشعر
فيلم فتاة المصنع
الوجع
أما عند الحديث عن لحظات الوجع بالنسبة لقص الشعر، فإن الشعر الطويل يرتبط فى وجدان الثقافة المصرية بعنوان جمال المرأة وعزة نفسها وأيقونة أنوثتها، فمن يريد إضرارها أو عقابها يقص لها شعرها.
فتوجد نماذج كثيرة وملامح من مجتمع النساء فى محافظات مصر المختلفة والتى تعطى أمثلة عديدة لذلك، فعلى سبيل المثال ما تقوم به عدد كبير من نساء الصعيد بقص شعورهن عند موت أزواجهن أو أبنائهن كنوع من الحداد والحزن الشديد، وتقول فى ذلك الأخصائية النفسية أميرة كامل إن هذه العادة تعود إلى النساء العربيات فى عصور الجاهلية، فعندما كانت تفقد المرأة زوجها أو ابنها فى المعارك كانت تعبر عن حزنها ورفضها لملاذ الحياة من خلال قص شعرها، كنوع من الزهد.
ويتجه البعض الآخر لاستخدامها كنوع من أنواع العقاب، كما حدث فى القصة السابقة التى دفعت الزوجة لطلب الطلاق من زوجها بسبب قصه لشعرها أمام الجيران عقاباً لها، لحرمانها من تاج المرأة والذى يؤثر نفسيًا بشكل سلبى عندما يكون دون رغبتها، وقد جسدت الفنانة ياسمين رئيس واحدًا من أصعب المشاهد فى فيلم فتاة المصنع، والتى تعرضت فيه لقص شعرها من قبل جدتها وأقارب والدها كنوع من العقاب لها شكًا فى سلوكها، وهو ما أبرز تلك الثقافة السائدة فى أماكن كثيرة بالمحافظات بأن قص الشعر للفتاة "تهذيب وإصلاح".
قص الشعر
رأى الطب النفسى
يقول الاستشارى النفسى أحمد سعيد لـ"اليوم السابع" إن ثقافة قص شعر المرأة تختلف من شخصية لأخرى، ولكن ترسخ لسنوات طويلة ارتباطه بالحزن والزهد فى متاع الحياة، مضيفًا أن هناك ثقافة ترسخت فى أذهان الكثيرون بأن قص شعر المرأة نوع من العقاب والإذلال وحرمانها مما تتباهى به وتبرز به أنوثتها، وهو ما يراه نوع من السادية وإسقاط الأمراض النفسية على الآخرين.
أما بالنسبة لمن يقصصن شعورهن برضائهن كنوع من الحزن، فإنه يرى فى ذلك عادات وموروثات لا تضر طالما برضا المرأة وبرغبتها.
الجانب المضىء
وبالحديث عن الجانب المضىء بخصوص قص شعر المرأة، فتقول الأخصائية النفسية أميرة كامل، إن الفتيات فى الآونة الأخيرة أصبحن يقبلن على قص شعورهن كنوع من التمرد على الوضع السائد، أو كنوع من نسيان الماضى وبداية فترة جديدة بتغير كامل بالنسبة لشكلهن.
وترى فى ذلك شعورًا بكسر الملل والتغيير الذى قد يبث الأمل فى نفوس الكثيرات، أما بخصوص الدعوات التى تقام لقص الشعر كنوع من الدعم والتبرع لمرضى السرطان، فتقول الأخصائية النفسية إنها من أنبل الحملات التى تقام، وتحمل فى طياتها شعورًا طيبًا وتكاتف بين الأفراد فى المجتمع خاصة النساء، بلفتة بسيطة بقص شعورهن.
وبين هذا وذاك فإن شعر المرأة سيظل تاج جمالها، وعنوان أنوثها، وتختلف الثقافات نحو التعامل معه، وتقف حكايات كثيرة ومواقف عديدة خلف قص شعر المرأة المصرية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة