بين الإدانة والبراءة، تقف مواقع وأدوات التواصل الاجتماعى، وفى القلب منها «فيس بوك» على منصات المحاكمة اليومية، ليس فقط من مستخدمين وأولياء أمور يعانون من انعزال أبنائهم ولا من سياسيين يشكون من الانحيازات، ولكن من خبراء شارك بعضهم فى بناء هذه الشبكات التى تحولت فى بعض الأحيان من أدوات تواصل إلى أدوات تقطيع اجتماعى.
بجانب الكثير من الفوائد والميزات التى يقدمها عصر الاتصالات، ومواقع التواصل، هناك أعراض جانبية، فالمستخدم يمكنه الحصول على وصفات طبية تعالجه، وأيضا وصفات تقتله، وهى منصات لعرض الأفكار العميقة وأيضا التافهة والأخبار المفبركة، والتشهير ونشر الشائعات.
آخر الانتقادت جاءت من «تشاماث باليهابيتيا» المسؤول التنفيذى السابق بـ«فيس بوك» الذى اتهم الموقع أنه يدمر المجتمع، وقال فى لقاء بجامعة ستانفورد: «أعتقد أننا طورنا أدوات تدمر النسيج الاجتماعى»، واعترف أنه يشعر بالذنب لعمله فى زيادة أعداد متابعى الشبكة. ويوصى المستخدمين بالحصول على إجازة إجبارية من مواقع التواصل لإنقاذ حياتهم الطبيعية، مشيرا إلى أنه يمنع أطفاله من استخدام هذا «الهراء».
«تشاماث» لا ينكر أن «فيس بوك يقدم أشياء جيدة للعالم»، لكنه يرى أن التفاعلات على مواقع التواصل «لايك أو تصفح أو قلوب»، ليست حوارا ولا تعاونا لكنها تضليل وشائعات.
باليهابيتيا لا يقصر انتقاداته على «فيس بوك»، ويمدها إلى مواقع التواصل الاجتماعى عامة، ويشير إلى أن رسائل مزيفة عن حادث خطف على واتس آب أدت لإعدام 7 أبرياء فى الهند.
بالهابيتيا ليس أول من أسهموا فى بناء شبكات التواصل، وانتقدوها فقد اعترف «شون باركر» أحد من أسهموا فى بناء الشبكة الاجتماعية إنه أصبح يعانى «تأنيب الضمير» تجاه وسائل التواصل الاجتماعى، وقال إنها تستغل «ضعف النفس البشرية»، فيما ألف أنطونى جارسيا مدير الإنتاج السابق فى «فيس بوك»، كتاب «فوضى القرود» عن سنوات عمله فى فيس بوك، وقال: «فيس بوك يكذب بشأن القدرة على التأثير فى الأفراد ويوظف بيانات جمعها عنهم».
«فيس بوك» ومواقع التواصل مشكلة لا تتعلق بنا نحن، لكنها تفرض نفسها على العالم، وشهدت الانتخابات الأمريكية الأخيرة اتهامات، من الديمقراطيين والجمهوريين لـ«فيس بوك» وجوجل بالانحياز ونشر أخبار كاذبة واستطلاعات رأى منحازة، وتعهد مارك زوكربيرج مؤسس فيس بوك بالعمل على تقليل الأخبار الكاذبة التى أشارت بعض التقارير إلى أنها تشكل من 40 - %70 مما ينشر.
خبراء الإعلام والإنترنت شككوا فى أن يفى زوكربيرج بوعوده، أو يستطيع تقليل الأخبار الكاذبة والمزيفة والشائعات، لأنه إن فعل يفقد أرباحا، يقتسم أغلبها مع صفحات تجارية تتكسب من هذه الأخبار المزيفة.
بالطبع فإن عالم الإنترنت، ومنها جوجل وفيس بوك وواتس آب، تقدم خدمات للبشر، جعلت العالم أقرب وأسرع وأكثر تواصلا، لكنها أيضا تفتح مجالات للتزييف والشائعات والتشهير، وهى انتقادات يعترف بها من ساهموا فى صنعها، وتبدو واقعا باعتبار هذه المواقع انعكاسا للواقع، بملائكته وشياطينه، والبشر دائما بين هذا وذاك.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة