خالد صلاح يكتب: قانون الإيجارات القديم.. العلم هو الحل..لا تطردوا الفقراء من بيوتهم بقانون جديد لكن لا تتركوا الأغنياء ينعمون بما لا يملكون.. العقارات الخاضعة لهذا القانون تموت ببطء.. وحادث روض الفرج خير دليل

الأحد، 17 ديسمبر 2017 09:00 ص
خالد صلاح يكتب: قانون الإيجارات القديم.. العلم هو الحل..لا تطردوا الفقراء من بيوتهم بقانون جديد لكن لا تتركوا الأغنياء ينعمون بما لا يملكون.. العقارات الخاضعة لهذا القانون تموت ببطء.. وحادث روض الفرج خير دليل الكاتب الصحفى خالد صلاح

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انهيار عقار روض الفرج (1)
 
 
تعرف الحكومة مشكلة قانون الإيجارات القديم جيدًا، تعرفه منذ عشرات السنوات، فالقضية مطروحة على ساحة النقاش العام منذ عقدين من الزمان أو أكثر، لكن لا الحكومة ولا البرلمان لديهما الشجاعة على طرح هذا الملف وحسمه بتشريع نهائى.
 
التبرير الدائم الذى لا يتغير هو فى مصلحة العائلات الفقيرة التى تسكن مئات الآلاف من الشقق السكنية، والتى قد يؤدى أى تغيير فى قوانين الإيجارات إلى مضاعفة عذاب هذه الأسر فى حياة كريمة، إذ إن بعض هذه الأسر لا يمكن أن يتوافر لها سكن مناسب بهذه الأسعار التى تتعامل بها فى قانون الإيجارات الحالى، لكن الحكومة والبرلمان اللذين يرفعان هذا الشعار، لا يخففان معاناة الأسر على هذا النحو، لأن العقارات الخاضعة لهذا القانون تموت موتًا بطيئًا كل يوم، بلا صيانة أو مرافق أو سلالم أو مواسير صرف، فلا ملاك العقارات لديهم استعداد أو قدرة على صيانة مبانٍ لا يحصّلون منها سوى الملاليم كل شهر، ولا المؤجرون يشعرون أساسًا بأن صيانة مبانيهم واجب أساسى يتحملونه هم أنفسهم لمصلحة أنفسهم.
 
والنتيجة تشبه دائما ما جرى فى انهيار عقار روض الفرج، لا أحد يشعر بالمسؤولية عن الصيانة، ولا أحد يلاحظ أن مئات البيوت الخاضعة لقانون الإيجارات القديم تكاد أن تنقض فوق رؤوس سكانها، لأنه لا أحد يريد أو لا أحد يستطيع حل المشكة من جذورها، لقد تجمعت أمامنا عشرات الصور من حى روض الفرج بعد حادثة انهيار العقار الأخيرة، وبنظرة واحدة على الصور تكتشف بسهولة أن هذه الحادثة لن تكون الأخيرة، ففى التحقيق المصور الذى أجراه زميلى سيد الخلفاوى، والمنشور فى هذا العدد، تصدمك البيوت الحجرية المسنودة بألواح من الخشب، والبيوت ذات الحوائط الحاملة التى تآكلت قواعدها على نحو مخيف، وفى كل الحالات لا يبادر سكان هذه العقارات لحماية أنفسهم من الخطر المحدق، لأنهم لا يملكون هذه المبانى، ولا يبادر الملاك لحل المشكلة لأنهم لا يقتاتون من عوائدها إلا بضع ملاليم، والأخطر أن الأجهزة المحلية فى الأحياء لا تملك، أيضا، أى نوع من التدخل ولا تقوى على تبعاته الشعبية والسياسية فى حالة ما إذا طالب الناس بالبدائل.
 
أنت وأنا نعرف أن أصحاب العقارات القديمة، بعضهم على الأقل، يخططون لإنقاذ أنفسهم عبر ترك المبانى فريسة للإهمال والعمل على استصدار تصاريح هدم ليتمكنوا من طرد السكان المؤجرين واستعادة الأرض ليبدأوا عليها مشروعًا جديدًا، وأنت وأنا نعرف أن هذه الخطط المبتكرة تنتشر فى مختلف الأحياء الشعبية، وفى الأقاليم المصرية، بل وفى القرى التى تخضع معظم عقاراتها لقوانين الإيجار القديم، إذن حجة حماية هؤلاء المعذبين فى الأرض غير مجدية، لأن العذاب قائم أصلا آناء الليل وأطراف النهار.
 
ما الحل إذن؟.. فى تقديرى أن حماية الفقراء والمحتاجين هى واجب أساسى للدولة والمجتمع، لكن ليس كل المنتفعين من قوانين الإيجار القديم فقراء ومحتاجين، الحكومة مثلا هى أحد أكبر المنتفعين من القانون القديم فى جميع المحافظات المصرية، كما أن كثيرًا من العقارات فى وسط البلد التى تشغلها عائلات ميسورة لاتزال تنتفع من القانون نفسه، والمعنى هنا ضرورة التمييز الإحصائى العلمى بدراسة طبيعة مستخدمى العقارات القديمة، بحيث تكون الدولة قادرة على تصنيف هذه العقارات وتحديد المستوى الاجتماعى لأصحابها لتحقيق المساواة بين الحق الحصرى الذى تقدمه الدولة للمؤجر، والحق الدستورى الذى تلتزم به الدولة تجاه المالك بتحقيق العدالة بين الجميع.
لا تطردوا الفقراء من بيوتهم بقانون جديد، لكن لا تتركوا الأغنياء أو الميسورين ينعمون بما لا يملكون، ولا تتركوا الملاك يهدمون البيوت على أصحابها، ولا تتركوا الإهمال يأكل البيوت الخاضعة للقانون القديم، الإحصاء الدقيق لطبيعة المنازل وشاغليها تغنينا عن هذه الدومينو المقفولة علينا جميعا.
  العلم هو الحل.
 
انهيار عقار روض الفرج (2)
 
انهيار عقار روض الفرج (3)
 
مقال استاذ خالد

 










مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة