ربما يكون تعبير فوضى القرود الذى استعمله أنطونيو جارسيا مارتينز الموظف السابق فى شركة فيس بوك قاسيا فى التعبير عما يفعله موقع التواصل الأهم فى العالم، فيس بوك. لكنه يشير إلى عدد من الصفات للشبكات الاجتماعية عموما. والتى تتعرض لانتقادات وهجمات فيما يتعلق بأعراض جانبية، تتضاعف يوميا، ولا يبدى القائمون على الشبكة استعدادا للتقليل من التلاعب والتزييف.
هناك تقارير تشير إلى أن مابين 40 - %70 من الأخبار المتداولة على مواقع التواصل مزيفة أو غير موثقة أو مفبركة. وهناك شكوك فى أن يستمع مارك زوكربيرج أو أى من القائمين على فيس بوك إلى انتقادات أو اتهامات بالانحياز أو التلاعب. وفى الوقت الذى تسيطر الأخبار المزيفة والشائعات على فيس بوك، تمارس الشركة احتكارا وحربا ضد الصحف والمواقع التى تنتج المحتوى الإخبارى.
ولهذا أعلنت الصحف الكبرى غضبها على فيس بوك وجوجل بسبب استخدام المحتوى الإخبارى. ودعت تسع وكالات أنباء أوروبية الأسبوع الماضى إلى فرض بدل مالى على شركات الإنترنت العملاقة مقابل حقوق الملكية لاستخدام المحتوى الإخبارى الذى تجنى منه أرباحا طائلة، وفى نفس الوقت يناقش الاتحاد الأوروبى تشريعا يفرض على فيس بوك وجوجل وتويتر وغيرها من الشركات العملاقة دفع بدل مالى مقابل ملايين المقالات التى تستخدمها أو تنشر روابط لها.
وقالت الوكالات فى بيان نشر فى صحيفة «لوموند» إن «فيس بوك أصبحت أكبر وسيلة إعلامية فى العالم»، لكنه لا يمتلك قاعة أخبار أو صحفيين فى مناطق الأحداث يجازفون بحياتهم ولا محررين يتحققون من صحة الأخبار التى يرسلها المراسلون على الأرض»، وأضافوا: «أن الحصول على الأخبار مجانا يفترض أن يكون من إنجازات الإنترنت الكبرى، لكنه مجرد وهم ففى نهاية الأمر، فإن إيصال الأنباء إلى الجمهور يكلف الكثير من المال».
وأضاف البيان أن «الأخبار هى السبب الثانى، بعد التواصل مع العائلة والأصدقاء، الذى يجعل الناس يستخدمون فيس بوك التى ضاعفت أرباحها إلى عشرة مليارات دولار، مع هذا فإن عمالقة الإنترنت تجنى الأرباح من «عمل الآخرين» ما بين 60 إلى %70 من الإعلانات.
وبالتالى فإن الصحف الكبرى والمواقع الإخبارية فى العالم بدأت معركة للدفاع عن وجودها فى مواجهة احتكار فيس بوك وجوجل. والشركات العملاقة تزامنا مع مساعى دول العالم لإخضاعها للضرائب، ونجحت بريطانيا بعد أن اكتشفوا أن فيس بوك فى بريطانيا لا يدفع حجم الضرائب التى يتعين عليه دفعها، مقابل ما يجنيه من أرباح هائلة من الإعلانات، من كل دول العالم دون دفع أى ضريبة ويتهرب بطرق ملتوية، منها تحويل الأموال إلى بلدان تتميز بانخفاض الضرائب وبدأت دول عديدة وضع تشريعات لتحصيل ضرائب. وانتقل الأمر إلى الولايات المتحدة، وأستراليا، بل إن مصر الآن تتجه إلى هذا الاتجاه وبالفعل هناك نواب قدموا تشريعات على طريق أوروبا لتحصيل ضرائب من شركات عملاقة تمارس نشاطها خارج الالتزامات الضرائبية.
وكل هذا يأتى فى وقت تتسع فيه الاتهامات لفيس بوك بالانحياز ونشر أخبار كاذبة والتسامح مع التشهير والتحريض على العنف. وقد وعد مارك زوكربيرج أمام هجمات متعددة من الجمهوريين والديمقراطيين اثناء الانتخابات الأمريكية الأخيرة، بأن يعيد النظر فى آليات نشر الأخبار المزيفة، لكن التجارب تكشف أن مواقع مثل فيس بوك وتويتر تنحاز أكثر إلى كل ما هو مثير. بل ورصدت تقارير حديثة وجود ملايين الحسابات الآلية على تويتر، وفيس بوك تستخدم لأغراض تجارية أو سياسية. وبعضها ربما يرتبط بأنشطة غير مشروعة. وكل هذا يجعل مواقع التواصل فى دوائر الشكوك والمخاوف رغم فوائدها الكبيرة تحمل إشعاعات غير مرغوب فيها.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة