انتقد وزير العمل الأمريكى الأسبق، روبرت رايش، مزاعم الجمهوريين بشأن خطتهم للإصلاح الضريبى المزمع التصويت عليها فى الكونجرس بعد غد الثلاثاء، قائلا إنها تحتوى على العديد من الأكاذيب.
وكان الحزب الجمهورى أعلن أمس الأول، عن الانتهاء من وضع خطة تنادى بخفض معدل الضرائب على الشركات الأمريكية إلى نسبة 20% من 35%؛ وهى خطة لاقت انتقادا شديدا من الديمقراطيين الذين رأوا فيها رضوخا للشركات وللأغنياء على حساب الفقراء والطبقة الوسطى.
وفى مقال نشرته مجلة "نيوزويك"، اتهم رايش الأعضاء الجمهوريين بالترويج لتلك الخطة الضريبية لأن الذين يُقدّمون لهم الدعم والرعاية من الأثرياء يطلبون ذلك؛ مُحذرا من أن تلك الخطة ستضعف الاقتصاد الأمريكى لسنوات كما ستزيد فجوة التفاوت فى الدخول بين الأغنياء والفقراء، فضلا عما ستتمخض عنه من زيادة الدين العام الأمريكى بمقدار 5ر1 تريليون دولار على الأقل على مدى السنوات العشر المقبلة.
وبدأ رايش، الذى يعمل أستاذا للسياسة العامة بجامعة كاليفورنيا، بتصريح الجمهوريين عن تلك الخطة بأن من شأنها أن تجعل الشركات الأمريكية "تنافسية" مع نظيرتها الأجنبية، التى تدفع ضرائب بمعدلات أقل؛ وعلقّ رايش قائلا: إن الشركات الأمريكية الآن تدفع الضرائب بالمعدلات الفعلية (بعد الاستقطاعات والائتمانات الضريبية) وهو نفس ما تدفعه الشركات الأجنبية القائمة فى أمريكا.
ونوه الكاتب عن أن معظم تلك الدول الأخرى تفرض أيضا "ضريبة قيمة مضافة" فوق ضريبة الشركات؛ وقال رايش: "إننا عندما نخفض معدل الضرائب من نسبة 35% إلى 20%، فإن ذلك سيدفع دولا أخرى إلى خفض معدلات الضرائب على شركاتها حتى تتنافس معنا - وعليه فلن نكسب شيئا على أى حال".
ولفت رايش إلى أن معظم الشركات الكبرى المنتفعة من خطة الضرائب هذه التى وضعها الجمهوريون ويروجون لها ليست شركات أمريكية؛ ذلك أن نسبة تتجاوز الـ 35% من حمَلة أسهمها أجانب (ما يعنى أننا عندما نخفض معدل الضرائب على الشركات فإنما نُفيد هؤلاء الأجانب)؛ علاوة على أن نسبة 20% من الموظفين فى تلك الشركات هم من الأجانب أيضا، بينما الكثير من الأمريكيين يعملون لصالح شركات أجنبية قائمة فى البلاد.
وأكد وزير العمل الأسبق، أن "تنافسية" أمريكا تعتمد على العمال الأمريكيين، وليس على الشركات "الأمريكية"؛ على أن خطة خفض المعدلات هذه ستزيد من صعوبة تمويل الاستثمارات العامة فى قطاعات كالتعليم والصحة والبنية التحتية، والتى عليها يعتمد مستقبل تنافسية العمال الأمريكيين.
وقال رايش إن الشركات الأمريكية هى بالفعل لديها أموالا كثيرة لا تدرى ماذا تفعل بها؛ وقد سجلت مكاسب تلك الشركات مستويات قياسية، حتى باتت تستخدم تلك المكاسب فى إعادة شراء أسهمها فى البورصة وزيادة رواتب المدراء التنفيذيين. وهذا هو ما ستفعله تلك الشركات بالتريليون دولار الإضافى الذى ستحصل عليه من هذا الخفض المطروح فى معدلات الضريبة على شركاتهم.
ثم رصد صاحب المقال تصريحا ثانيا من الجمهوريين المدافعين عن خطتهم بالقول إنها ستساعد الشركات الكبرى والأغنياء على المزيد من الاستثمار ومن ثم خلْق فرص عمل جديدة؛ وعلق رايش قائلا إن هذه النتيجة ليست لازمة؛ فبعد أن قامت إداراتا كلا من رونالد ريجان وجورج بوش الابن بخفض معدلات الضرائب، لم تتزايد معدلات الوظائف تبعا لذلك ولا سجل النمو ارتفاعا بشكل ملحوظ.
وأكد رايش على أن الشركات تتوسع وتخلق فرص عمل جديدة عندما يتزايد الطلب على منتجاتها وخدماتها، وهذا الطلب يأتى من العملاء المستهلكين الذين يمتلكون المال لشراء ما تبيعه الشركات؛ هؤلاء الزبائن عادة يكونون من أبناء الطبقة الوسطى والفقراء ممن ينفقون جزءا أكبر بكثير من دخولهم مقارنة بنسبة ما ينفقه الأغنياء من دخولهم فى ذات الصدد؛ لكن هذه الخطة الضريبية لا يستفيد منها غير الأغنياء.
ورأى الكاتب أنه فى الوقت الذى تستحوذ فيه نسبة الـ واحد بالمائة الأكثر ثراء فى أمريكا على نسبة 40% من ثروة البلاد، فإنه أمر غير أخلاقى أن يُعطَى هؤلاء المزيد - لا سيما إذا كان ذلك المزيد سيتم تمويله جزئيا من جيوب الـ 13 مليون أمريكى المنخفضى الدخول ممن سيخسرون تأمينهم الصحى نتيجة لهذه الخطة الضريبية.
واختتم رايش قائلا: "عارٌ على الأعضاء الجمهوريين الجشعين المدافعين عن تلك الخطة الضريبية ومَن قاموا بوضعها... عارٌ على ترامب والجمهوريين ممن كذبوا على الشعب بشأن تلك الخطة."
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة