سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 21 ديسمبر 1832.. إبراهيم باشا يهزم الجيش التركى فى «قونية» ويأسر الصدر الأعظم بعد ساعتين من بدء القتال

الخميس، 21 ديسمبر 2017 10:00 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم 21 ديسمبر 1832.. إبراهيم باشا يهزم الجيش التركى فى «قونية» ويأسر الصدر الأعظم بعد ساعتين من بدء القتال إبراهيم باشا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان البرد قارسا والضباب يخيم على ميدان القتال ودرجة الحرارة 11 فوق الصفر والجيشان المصرى والتركى يصطفان استعدادا للموقعة الكبرى يوم 21 ديسمبر مثل هذا اليوم عام 1832 فى السهل الواقع شمال مدينة قونية فى قلب سهل الأناضول بتركيا، وحسب الدكتور خالد فهمى فى كتابه «كل رجال الباشا» ترجمة: شريف يونس عن «دار الشروق - القاهرة»: «كان عدد القوات العثمانية 53 ألف رجل يقودهم الصدر الأعظم رشيد باشا ذاته، وكان الجيش المصرى بقيادة إبراهيم باشا ابن محمد على أقل من ثلث هذا العدد «15 ألف رجل».
 
كانت هناك مناوشات بين الجانبين منذ يوم 18 ديسمبر 1832 وقبلها تبادل محمد على وإبراهيم خطابات تدور حول رغبة الابن فى دخول قونية بعد سيطرته التامة على سوريا فى حين يطالبه الأب بالتمهل (راجع: ذات يوم 18 ديسمبر 2017) ويذكر عبد الرحمن زكى فى كتابه «التاريخ الحربى لمحمد على عن «الهيئة المصرية العامة للكتاب - القاهرة»: «فى مساء 20 ديسمبر علم إبراهيم باشا أن رشيد غادر على رأس قواته فى اتجاه قونية لبدء القتال بعد أن وزع على جنوده تعيين بقسماط لأربعة أيام وشعيرا لمدة يومين، وأرسل كتابا إلى إبراهيم يطلب منه الانسحاب من وجه جيوش السلطان فرد عليه بخطاب جاء فيه: «لسنا نحن أنت وأنا بمسؤولين عن الدماء التى تراق ولكن التبعية تقع على الذين أمرونا ولا سبيل إلى مخالفة ما أمروا».
 
كانت المعركة تحديا بالغا من محمد على باشا للسلطان العثمانى محمود الثانى، ولهذا قاد رشيد باشا شخصيا الجيش التركى فيها ويصفه «جيلبرت سينويه» فى كتابه «الفرعون الأخير- محمد على» ترجمة: عبد السلام المودنى «منشورات الجمل - بيروت» قائلا: «سمعته كأفضل جنرالات الأمبراطورية موهبة ليست مجرد افتراء فقد خاض معارك رائعة فى الحرب ضد روسيا وبرهن بما لا يدع مجالا للجدل على الشجاعة، ويحب أن يضع اللباس الألبانى على رأسه أى المعطف الضيق والسراويل الفضفاضة والعمامة المعقودة حول رأسه وكان ربع القامة طلق الوجه ويصدر طاقة كبيرة بعينين زرقاوين ونظرات حادة تحتفظ عادة بالكثير من الهدوء فى ساحات المعركة وكان يطمح إلى إحياء تقاليد المجد والقوة اللتين كانتا جاريتين لدى الباب العالى سابقا».
 
وبالرغم من هذه الصفات لرشيد باشا فإنه قبل مواجهته لإبراهيم باشا فى قونية وطبقا لعبد الرحمن زكى: «لم يكن واثقا 100% بالنصر، ومن الأدلة أنه سلم خاتم الدولة إلى وكيله أحمد فوزى باشا فى الليلة السابقة للمعركة» أما عن وقائع المعركة التى استمرت سبع ساعات فيؤكد «زكى» عبقرية «إبراهيم باشا» فى التخطيط لها وإدارتها: «وزع قواته فى ثلاثة صفوف وتقدمت صفوف الأتراك حتى صارت على مسيرة نحو ستمائة متر من موقع القوات المصرية وفى الظهر أخذت المدافع التركية تطلق القنابل على المصريين فلم يردوا عليها بالضرب إلى أن تعرف إبراهيم باشا على صوت إطلاق النار مواقع الترك وتقدم الصف الثانى المصرى حتى اقترب من الصف الأول ليتفادى فتك الشظايا التى كانت تنصب عليه ثم استهلت المدفعية المصرية عملها فى كل الجبهة بنيران شديدة متواصلة من الجانبين وإحكام بالغ فى التسديد حتى زلزلت الأرض فى كل الجبهات وفى أثناء المعمعة كان إبراهيم يتنقل بين الجند مشجعا ويثير الهمم قائلا: «عفارم عفارم أيوه يا ولد ما شاء الله عفارم».
 
بعد ساعتين من بدء القتال أدرك رشيد باشا الاضطراب والفشل فى قواته حسب تأكيد عبد الرحمن الرافعى فى كتابه «عصر محمد على» عن «دار المعارف -ا لقاهرة» مضيفا: «أراد أن يبث الحمية فى نفوس رجاله فنزل إلى حيث موقع الجند، لكنه لم يفز بطائل وضل الطريق لكثرة تكاثف الضباب وبينما هو يسير على غير هدى وقع فى أيدى العرب المصريين فأحاطوا به وجردوه من سلاحه واقتادوه أسيرا إلى إبراهيم باشا وبعد غروب الشمس بساعتين انتهت الواقعة بهزيمة الجيش التركى ولم تزد خسارة المصريين عن 262 قتيلا و530 جريحا، أما الجيش التركى فقد أسر قائده ونحو خمسة آلاف إلى ستة آلاف من رجاله من بينهم عدد كبير من الضباط والقواد وقتل من جنوده نحو ثلاثة آلاف وغنم المصريون نحو 46 مدفعا وعددا كبيرا من الرايات».
 
كانت معركة «قونية» فى رأى خالد فهمى «واحدة من أعظم انتصارات إبراهيم باشا العسكرية فبعد الختام الناجح لها أصبح الطريق إلى اسطنبول مفتوحا أمامه على مصراعيه خاليا من أية قوة عسكرية عثمانية تذكر».









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة