بالرغم من انتهاء اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بهزيمة لأمريكا ورئيسها دونالد ترامب، لم يخلُ الأمر من كوميديا تعبر عن تهور واضح لدى الرئيس الأمريكى، الذى هدد قبل الجلسة بوقف المساعدات عن الدول التى تتلقى مساعدات بلاده، وأعلن أن مندوبته نيكى هالى سوف تسجل أسماء الدول المعارضة، وكررت هالى تهديدات رئيسها، وعايرت الأمم المتحدة بمساهمات بلادها السخية، التى لا تقابل بالاحترام، وهو ما دفع مندوب فنزويلا وإندونيسيا بالإشارة إلى أن دول العالم ليسوا تلاميذ فى مدرسة ترامب. بل إن بعض المحللين اعتبروا التهديدات سببا إضافيا للاحتشاد ضد أمريكا وإسرائيل، والتصويت لصالح فلسطين.
الرئيس الأمريكى تلبسه الغضب، بعد تصويت 14 دولة فى مجلس الأمن لصالح القرار الذى تقدمت به مصر لإلغاء إعلان القدس المُحتلة عاصمة لإسرائيل، وأشهرت أمريكا الفيتو. وانتقل الأمر إلى الجمعية العامة للأمم وصوتت 128 دولة من بينها دول الاتحاد الأوروبى كله تقريبا ضد قرار ترامب.
اللافت للنظر أن القناة السابعة الإسرائيلية اعتبرت أن الضغط الأمريكى والاتصالات الإسرائيلية نجحت فى تحييد 35 بامتناعهم عن التصويت، فيما غابت 21 دولة أخرى، ودعمت 9 دول القرار الأمريكى. وشددت إسرائيل على أن الانتصار الواضح للدبلوماسية الإسرائيلية يكمن فى امتناع وغياب 3 دول مسلمة، منها البوسنة التى امتنعت عن التصويت لصالح مشروع القرار العربى، بالإضافة إلى غياب غينيا بيساو، وتركمانستان ذات الأغلبية المسلمة عن الحضور.
وامتنعت البوسنة عن التصويت لصالح القرار الداعم للقدس فى الأمم المتحدة، ما أثار جدلا واسعا، لأنها حصلت على دعم وتضامن عربى إسلامى ضد عدوان الصرب، بينما العدو اللدود للبوسنة صربيا صوتت لصالح فلسطين.
ويتشكل المجلس الثلاثى للبوسنة والهرسك من ممثلى العرقيات الثلاث بالبلاد، البوشناق المسلمين والصرب والكروات. وكشفت مصادر فى المجلس الرئاسى للبوسنة والهرسك أن ممثل البشناق المسلمين بكر عزت بيجوفيتش، اقترح التصويت لصالح القرار الداعم للقدس، لكن العضوين الآخرين قررا الامتناع.
أما الدول التى صوتت لصالح أمريكا وإسرائيل، بالإضافة للدولتين هى توجو وهندرواس وناورو وميكرونيزيا، وبالاو، وغواتيمالا، وجزر مارشال، وهى جزر ودول أغلبها كانت تابعة لأمريكا، أو أنها فقيرة لدرجة الاعتماد على المعونات الأمريكية والإسرائيلية. وقد كافأت الدولايات المتحدة الدول التى صوتت لصالحها، بعشاء رسمى، مع نيكى هالى مندوبة أمريكا فى الأمم المتحدة.
نيكى هايل من أصول هندية وشغلت منصب حاكم ولاية كارولاينا الجنوبية، وكانت تعارض ترشح ترامب واعتبرته «يجسد كل ما يمكن أن يرفضه أى حاكم فى رئيس للبلاد». وكررت أنها ليست معجبة به، إلا أنها رغم ذلك كسبت ثقته بعد فوزه، لأنها تستخدم تعبيراته وتحمل تهديداته بحذافيرها، وعندما أعلن ترامب أن مندوبته ستكتب أسماء الدول المخالفة، كررت ذلك، بشكل كوميدى، خاصة أن ما يجرى فى الجمعية العامة علنى، لا يحتاج إلى تدوين أسماء. بل وسخر بعض المحللين من دول مجهولة صوتت مع ترامب.
ربما لهذا صنع الروسيان فوفان ولكسوس المشهوران بـ«prank call» «الاتصالات المزعجة» فخا لنيكى هايلى وبثت قناة «روسيا 24» تسجيلا صوتيا لاتصال المخادعين بهايلى مدعين أنهم رئيس الوزراء البولندى. وكشف التسجيل عن جهل هايلى بأسماء الدول التى تؤيد أمريكا. فقد اتصل منتحل شخصية رئيس الوزراء البولندى، وطلب من نيكى التعليق على الوضع فى دولة «بينومو» وهى دولة وهمية غير موجودة على خارطة العالم. وسألها إن كانت تعرفها فقالت هايلى: بالطبع، وأخبرها أن «بينومو» تريد الاستقلال وتعانى من تدخلات روسية، فقالت له هايلى: نحن حذرون من هذا ونحن نراقب عن كثب الوضع. ويواصل المخادعان الحوار، من دون أن تلاحظ هايلى أن المحاور يسألها عن كيفن سباسى الممثل الأمريكى المشهور، وبترو بوروشينكو الرئيس الأوكرانى.
لقد بدا الفخ الروسى لهايلى، كاشفا عن جهلها حتى بالدول التى تساند بلادها فى الأمم المتحدة، وأنها لا تعرف الفرق بين ميكرونيزيا وبينومو.