تعد ظاهرة التطرف والإرهاب واحدة من أخطر وأفدح ظواهر الحياة الإنسانية بأشكالها وأطوارها المختلفة، وهى ظاهرة متأصلة تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ الإنسانى والدينى، وهى أيضًا قديمة قدم الإنسان ذاته ومرافقة له ومتطورة مع تطوره عبر العصور، لكن ما يجعل هذه الظاهرة فى وقتنا الحاضر والمعاصر هذا أكثر خطورة وأكبر تأثيرا هو تحولها من الإرهاب الفردى والإرهاب المحدود إلى الإرهاب الجماعى المنظم، والذى تخطط له وتنفذه تنظيمات إرهابية مدعومة ماديًا ومعنويًا وإعلاميًا، بل وترعاها رعاية كاملة دور إقليمية وأجهزة مخابرات دول إقليمية وأجنبية تسعى لتحقيق أهداف وأغراض سياسية ضمن مصالحها القومية على حساب أمن واستقرار ومصالح الدول المستهدفة وشعوبها، هذا ما قاله لواء دكتور محمد الغبارى، فى كتابه "المؤمرة.. مصر ومشروع الشرق الأوسط الكبير"، الصادر عن سلسلة كتاب اليوم.
ويقول الواء محمد الغبارى: "إن فى منطقتنا العربية والإسلامية يشكل الإرهاب تهديدًا كبيرًا ومباشرًا يستظل بأفكار متطرفة زورا وبهتانا باسم الدين وشريعته السمحاء فاساء إلى الإسلام ويشوه صورة المسلمين فى العالم، ورغم خطورة الظاهرة فإن المعينين بالشأن الإرهابى ما زالوا مختلفين حول مدلولات الإرهاب وسماته وبواعثه، وذلك لدواع وأهداف كل منهم السياسية والمتعددة وبالتالى اختلافهم على الفترة الزمنية التى تؤرخ لنشوء هذه الظاهره وانتشارها واستفحال مخاطرها، وتباينت التوجهات والرؤى السياسية فى تعريف جامع وشامل للإرهاب والتنظيمات الإرهابية".
ويشير الكتاب إلى أنه من العجيب حتى الآن ألا يتفق المجتمع الدولى على تعريف جامع للإرهاب أو حتى اعتباره جريمة دولية فى ظل حروب الجيل الرابع التى تعتمد على المعلومات أو الحرب بالوكالة، وعلى نشاط منظمات المجتمع المدنى المخترقة والمناهضة والمأجورة والشخصبات العامة، والإعلامية ورموز النخب السياسية والاقتصادية والحقوقية المرتبطين باجندة خارجية فى هدم الدولة من الداخل وشل قدرة أجهزتها القيادية على اتخاذ القرار المناسب لمجابهة تلك الحرب.
ويؤكد الكتاب أن هذه الحرب فى أبسط صورها حرب إفشال الدول وتدميرها من الداخل بأيدى أبنائها فى إطار ما يعرف بالفوضى الخلاقة التى تبنى على تحويل الدولة المستهدفة إلى دولة فاشلة، تمهيدًا لتجديد قدراتها العسكرية أو القضاء عليها وتفكيكها كما حدث فى الثورة الايرانية اعادة بناء الجيش على عقائد جديدة.
ويقول الكاتب: "تبنى المجتمع ما يعرف بالحرب على الإرهاب وهى الحرب التى استهدفت الدول الإسلامية انطلاقًا من اعتبار أن الأصولية الإسلامية هى السبب الرئيسى لظاهرة الإرهاب، وأصبحت الحرب على الإرهاب ذريعة للتدخل الغربى فى شئون الدول العربية مما زاد حجم التهديدات والمواقف العدائية وتداعياتها السلبية على الأمن القومى سواء فى مصر أو الوطن العربى كله".
وتابع المؤلف، قائلا: "إن مواجهة التطرف والتنظيمات الإرهابية والإرهاب بجميع صوره ليست مسئولة الدولة بمفردها ولكنها مسئولة تضامنية مجتمعية تتشارك فيها مؤسسات الدولة وأجهزتها كافة الحكومية والمدنية مثل الأحزاب، والنقابات، والمؤسسات الدينية، وكذلك القبائل والعواقل والعائلة والأسرة، وإذ نعترف بانتشار الإرهاب فى بلاد المسلمين فى أوساط الجماعات الإسلامية ولكن فى هذا الإطار والسياق نشير إلى دور الدول الكبرى ودول إقليمية غنية ترعى وتدعم التنظيمات والجماعات الإرهابية وتوفر الغطاء السياسى والعسكرى والاقتصادى لضمان تنفيذ أعمالها وتحقيق أهدافها المفروضة والمخططة والتى تتفق مع مصالح وأهداف تلك الدول".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة