حاولت الدولة الإيرانية التى أظهرت دعمًا واضحًا للمليشيا الحوثية فى اليمن إبعاد شبهة تحريض الجماعات المسلحة الموالية لها فى اليمن عن قتل الرئيس اليمنى السابق على عبد الله صالح، رغم الشواهد التى أكدت ذلك خلال الساعات الماضية على تلقيها أوامر من عناصرها فى إيران، وعقلها المدبر للعمليات العسكرية المقرب من خامنئى حسين شريعتمدارى رئيس تحرير صحيفة كيهان الذراع الإعلامى للحرس الثورى ومؤسسة المرشد، والذى حرضها على استهداف الإمارات والسعودية.
وفى هذا الإطار، سعت الدولة العميقة فى إيران لغسل أيديها من دماء صالح، الذى رفض عرضًا قطريًا ليس بعيدًا عن طهران قبل مقتله بأيام قليلة للدخول فى صفقات مع المحور الإيرانى القطرى لإنقاذ الحوثيين الذين خسروا المئات خلال المعارك الدائرة وتراجعوا فى صنعاء بشكل كبير، إضافة إلى انهار تحالف صالح مع هذه المليشيا المدعومة من طهران ووقوفه فى وجههم.
الخارجية الإيرانية تتمسك بالعبارات الدبلوماسية
وعلى المستوى الرسمى خرج المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية الإيرانية ببيانه المعتاد الذى يستخدم فيه العبارات الدبلوماسية المنمقة والاتهامات بعد ساعات من عملية الاغتيال، وعبر عن أسفه للاشتباكات فى صنعاء، داعيًا جميع القوى اليمنية إلى الهدوء وضبط النفس، معربًا عن أمله فى حل الخلافات فى إطار الحوار وإغلاق الطريق أمام استغلال ما أسماهم بأعداء الشعب اليمنى.
وحاولت الخارجية إلقاء الكرة فى ملعب التحالف العربى لإبعاد شبهة تورط طهران فى اغتيال صالح، قائلاً "استمرار العدوان الخارجى الوحشى والذى أدى إلى تدمير البنى التحتية وفرض الحصار الشامل وارتكاب المذابح وكبت الشعب اليمنى"، معربًا عن أمله فى أن تتمكن كل الجماعات والأحزاب والتيارات السياسية والاجتماعية فى اليمن من التضامن فيما بينها للمحافظة على الجبهة الوطنية الموحدة فى مواجهة العدوان الخارجى.
الحرس الثورى يغسل يده من دماء اليمنيين
أما قائد الحرس الثورى محمد على جعفرى الذى اعترف نوفمبر الماضى بتقديم دعم مباشر للمليشيا الحوثية، والذى وصفه بأنه دعم معنوى واستشارى، فقد حاول الهروب إلى الأمام فى معرض تعليقه على مقتل صالح فى اليمن، واعتبر أمس الثلاثاء، أن مقتل الرئيس السابق قضى على انقلاب دبر ضد حركة أنصار الله المدعوة من طهران.
ورغم الاعتراف الصريح لأعلى قيادة فى الحرس الثورى المتمثلة فى جعفرى 26 الشهر الماضى بدعم الحوثيين، إلا أنه حاول اتهام بلدان التحالف العربى بنشر الفوضى وعدم الاستقرار فى اليمن، زاعمًا أن الشعب السورى واليمنى والبحرينى، استلهمت من تجربة الثورة الإسلامية فى إيران.
روحانى وقائد الحرس الثورى
من جانبه، اعتبر الرئيس الإيراني حسن روحانى فى خطاب تليفزيونى أمس، إن مقتل صالح سيحرر اليمن من أيد المعتدين، قائلاً "شعب اليمن المخلص سيجعل المعتدين يندمون على ما فعلوه".
ارتياح إعلامى فى إيران بعد اغتيال صالح
وفى السياق نفسه خصصت وسائل الإعلام الإيرانية والموالية لها والممولة من طهران، تغطية واسعة لتطورات المشهد فى اليمن، بعد مقتل صالح، كما منحت أبواقها الإعلامية للعناصر الحوثية الموالية لها، لإطلاق اتهامات لبلدان التحالف العربى، وقامت قناة المنار التابعة لطهران، أمس، بعقد مقابلة مع المتحدث الرسمى باسم حركة "أنصار الله" محمد عبد السلام، زعم فيها "أن الإمارات هى التى أوصلت على عبدالله صالح إلى هذه النهاية".
وعلى صدر صفحاتها الأولى احتل الشأن اليمنى المساحة الأكبر من مانشتاتها، التى أظهرت ارتياحًا كبيرًا لمقتل صالح، معتبرة أن مقتله أجهض مؤامرة تحاك من الخارج ضد الحوثيين المدعومين من إيران، معتبرة أن بعد مقتله خلت الساحة أمام أنصارها فى اليمن لتنفيذ أجندة الحرس الثورى.
واعتبر صحيفة كيهان المتشددة التى يترأسها العقل المدبر لعمليات الحوثيين فى إيران، شريعتمدارى، أن صالح كان عميلاً للسعودية والإمارات، وأن مقتله أخمد فتنة فى اليمن، وذلك بعد انهيار تحالفه معهم وأعلن وقوفه ضد مخططاتهم فى اليمن، واتهمت الصحيفة المقربة من المرشد الإيرانى خامنئى، السعودية بالضلوع فى مقتله قبل أن يبتز الرياض بمعلومات حصل عليها حول تدخلاتها فى اليمن، -دون ذكر تفاصيل هذه المعلومات-.
كيهان المتشددة
أما النسخة العربية من الصحيفة نفسها اعتبرت مقتله "لطف إلهى خفى!"، وتحت عنوان "ألطاف إلهية خفية" قالت إن من وصفتهم بـ"الأعداء" يقومون أحيانًا بخطوات غير محسوبة "لكنهم يقعون فى الفخ وتفشل خططهم" - على حد قولها، مضيفة أن دول التحالف كانت وراء إقناع صالح قيادة هذا التحرك فى العاصمة بمواجهة الحوثين وأن الحوثيين كانوا "يراقبون تحركات صالح ووصول الأموال والأسلحة إليه."
وكتبت صحيفة "آرمان" الإصلاحية على صدر صفحتها تحت عنوان "صالح ضحية مؤامرة الرياض"، وفى صيحفة اعتماد وصفته بأنه راكب موجة الأحداث السياسية فى اليمن، ووصفته صحيفة إيران الحكومية بالسياسى المعقد، ووصفته صحيفة جوان التابعة للحرس الثورى بصدام الصغير، معتبرة أن انهيار تحالفه مع العناصر الموالية لها خيانة لهم.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة